الإثنين, 23-أبريل-2007
‬سلطان‮ ‬قطران -
إن فتنة المسلمين فيما بينهم عن دينهم ليس أمراً جديداً ولا غريباً عليهم مع مرور العصور والأزمان واختلاف أفكارهم المتجددة التي قد نجد فيها مايحبب الدين الإسلامي الحنيف إلى قلوبهم ويصلون وينتقلون من مرحلة الاستستلام إلى مرحلة الإيمان والخضوع والتذلل والخشوع لله عز وجل.. وقد نجد البعض الآخر يتشددون في تعاليم الإسلام وينفرون الناس ويعتقدون أنهم دائماً على الصواب وغيرهم على الخطأ ولايعترفون إلاَّ برد إما نعم أو لا.. ويصدرون الفتاوى ويضيقون على الناس وعلى المسلمين أمور دينهم وخاصة ما يتعلق بدنياهم، بينما الصواب والصحيح‮ ‬الذي‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يدركه‮ ‬الجميع‮ ‬أن‮ ‬ديننا‮ ‬الإسلامي‮ ‬الحنيف‮ ‬هو‮ ‬الدين‮ ‬الذي‮ ‬جاء‮ ‬للعالمين‮ ‬جميعاً‮ ‬وهو‮ ‬دين‮ ‬يسر‮ ‬وليس‮ ‬بعسر‮ ‬ودين‮ ‬وسطية‮ ‬واعتدال‮..‬
وجاءت ثقافته المجتمعية من عقيدتنا الإسلامية التي ينبغي ويجب على الجميع من المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات أن يتمسكوا بها وينفذوها في حياتهم وتعاملاتهم لأن »الدين المعاملة« ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم جاء ليصلح أمور البشرية ويعلمها أمور دنياهم ودينهم‮ ‬حيث‮ ‬قال‮ ‬رسولنا‮ ‬الحبيب‮ »‬إنما‮ ‬بعثت‮ ‬لأتمم‮ ‬مكارم‮ ‬الأخلاق‮«.‬
لنا‮ ‬في‮ ‬رسول‮ ‬الله‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وسلم
‮ ‬أسوة‮ ‬حسنة
> إذاً ثقافتنا الإسلامية هي أخلاق حميدة وصفات جليلة تعكس وتترجم أوامر الله لنا واجتناب ما نهانا عنه من سلوكيات سيئة لاتليق بالمؤمن والمسلم أن يتحلى بها، كما أن هذه الثقافة الإسلامية تنظم إدارة أعمالنا وعلاقتنا فيما بيننا كأخوة مسلمين وأيضاً علاقتنا مع المسيحيين والنصارى وحتى مع أعدائنا اليهود الذين أدركوا خطورة زحف الثقافة الإسلامية على مجتمعاتهم اليهودية والغربية إنهم وجدوا في ثقافتنا الإسلامية ضالتهم المفقودة والتي أصلحت وغيرت في حياتهم نحو الأفضل، لأنهم وجدوا في هذه الثقافة ما يؤسس لمجتمع قوي قيمه ومبادئه‮ ‬الأخلاق‮ ‬السامية‮ ‬والتعاملات‮ ‬الحسنة‮ ‬واحترام‮ ‬حقوق‮ ‬الإنسان‮ ‬التي‮ ‬شرعها‮ ‬ديننا‮ ‬الإسلامي‮ ‬في‮ ‬كتاب‮ ‬الله‮ ‬وسنة‮ ‬نبينا‮ ‬محمد‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وسلم‮.‬
ولو تأملنا تعامل وآداب ثقافتنا الإسلامية في تعاملها عند نشر الدعوة الإسلامية بقيادة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أرسى تلك التعاليم وجسدها في تعامله مع أهل بيته وأصحابه وقومه وحتى مع عدوه والذين هم أعداء هذه الرسالة العظيمة لوجدنا أن ذلك التعامل كان‮ ‬من‮ ‬أهم‮ ‬أسباب‮ ‬إسلام‮ ‬واعتناق‮ ‬الكثيرين‮ ‬للإسلام‮.‬
ولمن أراد الاقتداء بذلك عليه الالتزام بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وبما أمرنا واجتناب كل ما نهانا عنه لأنه المبلغ بالرسالة ولأن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة في الصبر والتقوى، وعدم موالاة الأعداء، قال تعالى: »يا أيها الذين أمنوا لاتتخذوا‮ ‬اليهود‮ ‬والنصارى‮ ‬أولياء‮ ‬بعضهم‮ ‬أولياء‮ ‬بعض،‮ ‬ومن‮ ‬يتولهم‮ ‬منكم‮ ‬فإنه‮ ‬منهم‮« (‬المائدة‮: ‬51‮).‬
وذلك لأنهم اتخذوا من ديننا وآىات كتابنا العزيز سخرية وكفروا بما جاءهم من الحق ولعداوتهم الشديدة للإسلام والمسلمين، ولأن اليهود والنصارى يتوالون ويتوحدون بعضهم مع بعض في حروبهم على الإسلام والمسلمين، قال تعالى: »ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم،‮ ‬قل‮ ‬إن‮ ‬هدى‮ ‬الله‮ ‬هو‮ ‬الهدى،‮ ‬ولئن‮ ‬اتبعت‮ ‬أهواءهم‮ ‬بعد‮ ‬الذي‮ ‬جاءك‮ ‬من‮ ‬العلم‮ ‬مالك‮ ‬من‮ ‬الله‮ ‬من‮ ‬ولي‮ ‬ولا‮ ‬نصير‮« (‬سورة‮ ‬البقرة‮: ‬120‮).‬
ولذا نجد ثقافتنا الإسلامية واضحة في وجود البلاء الذي يحل على أمة الإسلام وتنتهج منهج الصبر والتقوى التي يجب علينا أن نتحلى بها، فالصبر على هذا الدين وعلى تكاليفه ومقتضياته والاستقامة على أمره والإصرار والتمسك بديننا مهما فعل وتربص بنا عدونا، واجب وامتحان لنا لأن تقوى الله هو أن نتقي سخطه وغضبه من موالاتنا واتباعنا لأعداء الإسلام.. قال تعالى: »وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لاتظلمون« (سورة‮ ‬الأنفال‮).‬
ثقافة‮ ‬العداء‮ ‬والفتن‮ ‬والخلافات‮ ‬المذهبية
> إن حلقات ومراحل الصراع بين المسلمين وأعدائهم عمره قرون وليس سنوات وقد تصل إلى ما يقارب أربعة عشر قرناً حيث نجد أعداء الإسلام قد شعروا ولمسوا انتشار الثقافة الإسلامية السمحاء في مجتمعهم ولذا بدأوا في مواجهتها بالحرب على المسلمين والإسلام وانتهجوا منهج التغريب الثقافي الذي يشكل خطراً على تمسك المجتمع الإسلامي بثقافته.. وهذا التغريب يتمثل بنشر ثقافة العداء بين المسلمين أنفسهم وخلط العقيدة الإسلامية بما ليس فيها، كما نلاحظ اليوم في صراع المذاهب بين المسلمين والتي وجد الغرب وأعداء الإسلام والمسلمين لأفكارهم واتجاهاتهم في أرض المسلمين أرضاً خصبة لنشرها وانتشارها وبما يشكك المسلمين في أمور العقيدة الإسلامية والأدلة واضحة اليوم فيما يحدث في العراق وبعض البلدان العربية والإسلامية، والتي نجد أيضاً أن بعضها تواجه وترد وتنتقد تلك الأفكار الدخيلة على أمتنا الإسلامية بعد فشل الحروب الصليبية في نشرها وتشويه صورة الإسلام وأيضاً تشويه صورة الديانة المسيحية التي هي أقرب الأديان السماوية للإسلام.. كما يتضح لنا أن أعداء الإسلام اليوم والأمس وأن اختلفت أسماؤهم نجد أنهم مصرون على نشر أفكارهم واتجاهاتهم المعادية للإسلام بمختلف الوسائل كالضغوط السياسية والعسكرية والاحتلال أو بالتأثير على الشباب الذين يدرسون في بلدانهم أو يعملون فيها بالإضافة إلى محاولاتهم في الغزو الفكري الذي يعمل كغسيل المخ ويخلع الشباب المسلم والمجتمعات المسلمة سواءً أكانوا في ديارهم وأوطانهم أو خارجها عن دينهم وثقافتهم‮ ‬الإسلامية‮.‬
غرباء‮ ‬الأرض‮ ‬والدين
> إن ثقافتنا الإسلامية بحاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن نرسخها ونجسدها في كل بيت وفي أولادنا وشبابنا ومجتمعاتنا ونقوي جذورها التي يهدف أعداؤنا أبعادها وتغيير معالمها وتبديلها بثقافة غربية وأجنبية وتخلع المسلمين عن دينهم وثقافتهم وهويتهم الإسلامية وانتمائهم‮ ‬إلى‮ ‬العقيدة‮ ‬الإسلامية‮ ‬وحبهم‮ ‬لأوطانهم‮ ‬وأفكارهم‮ ‬ليكون‮ ‬المسلمون‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮ ‬غرباء‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬الأرض‮ ‬لا‮ ‬دين‮ ‬لهم‮ ‬ولا‮ ‬وطن‮ ‬ولا‮ ‬فكر‮ ‬ولا‮ ‬ثقافة‮ ‬ولا‮ ‬هوية‮ ‬ولا‮ ‬انتماء‮.‬
فهل سألنا أنفسنا نحن المسلمين.. لماذا يحاك كل هذا بنا؟ ولماذا تظهر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية محاولات تنصير المسلمين بين فترة وأخرى؟ ولماذا تهدف الدراسات الاستشراقية إلى إنكار أن يكون كتاب الله القرآن الكريم كتاباً سماوياً وان محمد صلى الله عليه وسلم كاذب كما يدعون، وأنه من قام بتأليف القرآن الكريم؟ وهل سألنا لماذا يسعون بأكاذيبهم هذه بتشويه ديننا وصورة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ ويسعون للتشكيك في صحة الأحاديث النبوية وقيم الفقه الإسلامي.. والأخطر من ذلك حرصهم على تغريب وتمزيق اللغة العربية التي جاء‮ ‬بها‮ ‬القرآن‮ ‬الكريم؟
إن‮ ‬كل‮ ‬ذلك‮ ‬يصب‮ ‬في‮ ‬هدف‮ ‬واحد‮ ‬هو‮ ‬تمزيق‮ ‬ثقافتنا‮ ‬الإسلامية‮ ‬التي‮ ‬هي‮ ‬أصل‮ ‬عقيدتنا‮ ‬الإسلامية‮ ‬والتي‮ ‬وحدت‮ ‬هذه‮ ‬الأمة‮ ‬تحت‮ ‬كلمة‮ ‬الحق‮ »‬أشهد‮ ‬أن‮ ‬لا‮ ‬إله‮ ‬إلا‮ ‬الله‮ ‬وأشهد‮ ‬أن‮ ‬محمد‮ ‬رسول‮ ‬الله‮«..‬
ولذا‮ ‬وجب‮ ‬علينا‮ ‬أن‮ ‬نحذر‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬ما‮ ‬يأتي‮ ‬من‮ ‬الاستعمار‮ ‬بكافة‮ ‬وسائله‮ ‬ودراساتهم‮ ‬الاستعمارية‮ ‬عن‮ ‬الإسلام‮ ‬وتأليفاتهم‮ ‬كتباً‮ ‬عن‮ ‬الإسلام‮ ‬ومواقعهم‮ ‬الالكترونية‮ ‬في‮ ‬الانترنت‮ ‬والفضائيات‮ ‬الإباحية‮..‬
وينبغي علينا ان نلتزم بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن نحارب هذا الفكر الهدام وهذه الثقافة الخطرة وان نربي أبناءنا في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا وأماكن أعمالنا على النهج الصحيح والولاء لله ورسوله وطاعة الوالدين وطاعة ولي الأمر،‮ ‬وان‮ ‬نحصن‮ ‬شبابنا‮ ‬فكرياً‮ ‬كافياً‮ ‬يمنعهم‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬فكر‮ ‬وثقافة‮ ‬تخالف‮ ‬ديننا‮ ‬وتعاليمه‮ ‬الإسلامية‮ ‬الحنيفة‮.‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:37 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-2817.htm