الإثنين, 10-سبتمبر-2012
كتب/ المحرّر الاقتصادي -
في تقييم مشترك للبنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد الأزمة
أكثر من نصف سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر

كشف تقييم شامل أعدته مجموعة البنك الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي والبنك الإسلامي للتنمية، لموقف ما بعد الأزمة في اليمن، عن الحاجة الملحة إلى إجراء عاجل لمواجهة سوء التغذية بتحسين الأمن الغذائي، واستعادة الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتهيئة الظروف من أجل النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل.
ويبرز التقييم الاجتماعي والاقتصادي المشترك الذي تم إعداده- بطلب من حكومة الوفاق الوطني- لإثراء عملية التخطيط الاقتصادي التي تقوم بها اليمن، الأولويات المتمثلة في إحداث تغييرات إيجابية في الحياة اليومية لليمنيين كضمانة بالغة الأهمية لتحقيق النجاح الشامل لعملية الانتقال السياسي.
وقال المدير القطري للبنك الدولي في اليمن وائل زقوت في التقييم- الذي حصلت “الميثاق” على نسخة منه-، “الآن يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، ويعاني حوالي مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وبالتالي فالوقت ليس مناسباً للقيام بما هو معتاد وروتيني في اليمن، وستحتاج حكومة الوفاق إلى مساندة مالية وغيرها من المساندة لتلبية الاحتياجات الاجتماعية العاجلة، وإدارة البرامج التي تحقق فرص عمل ونمو. وعلى المانحين وشركاء التنمية تقديم مساعدات استثنائية في هذه الظروف الاستثنائية”.
ويتمثّل الغرض الرئيسي لهذا التقييم في “تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي للأزمة السياسية في اليمن في 2011، وإثراء برنامج الحكومة الخاص بالفترة الانتقالية من أجل الاستقرار والتنمية”.
تحسين الظروف المعيشية
وأوضح المنسّق المقيم للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أن هذا التقرير التقييمي يمثل جهداً جماعياً للوقوف بصورة مشتركة على أهم التحديات الاجتماعية والاقتصادية إبان الأزمة، كما إنه يهيّئ المجال لاستجابة منسقة من جانب المجتمع الدولي دعماً للبرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012- 2014، ومما لا شك فيه أن تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية سيكمل الإنجازات البارزة التي حققها أصحاب المصالح في اليمن مع القيام بالانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخّراً، وعند التصدي للتحدي المتمثل في إصلاح قطاع الأمن، وإطلاق عملية الحوار الوطني التي تبشر بكثير من الخير. ومهما يكن الأمر، فإن مساندة المجتمع الدولي في غاية الأهمية من أجل نجاح العملية الانتقالية”.
يذكر ان هذا التقييم انطوى على مشاورات موسّعة مع قطاع عريض من المجتمع اليمني شملت الحكومة والمجتمع المدني، واعتمد على تقارير من المنظمات المحلية والدولية.
من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي الرئيسي في البنك الإسلامي للتنمية وأحد الذين أسهموا في إعداد التقرير محمد أحمد زبير إلى أنه “يتعيّن تدعيم الكثير من جوانب العملية الانتقالية بتحسينات ملموسة في الظروف المعيشية، إذ يعتمد الانتعاش الاقتصادي بصورة كبيرة على تخفيف حدة الصراع وتحقيق المصالحة، وعندئذٍ فقط، وبالمساندة المتأتية من التنفيذ المستمر لبرنامج المرحلة الانتقالية من أجل الاستقرار والتنمية، ستصل الاستثمارات إلى المستويات التي يرجّح معها دفع النمو الاقتصادي ليتجاوز النسبة البالغة 4% التي تحققت على مدى العقد الماضي”.
ويخلص التقرير إلى ضرورة تحقيق معدلات نمو ما بين 7- 8% لتوفير فرص عمل للعديد من العاطلين في اليمن. وهذا المعدل يصل إلى متوسط المعدل الذي كان سائداً قبل الأزمة والبالغ 4%. وحتى مع التطور الحاسم في قدرة الحكومة على تعبئة الموارد العامة المحلية، وكذلك توجيه وإدارة الإنفاق بكفاءة، فإن التسريع المطلوب في وتيرة النمو سيحتاج إلى موارد خارجية إضافية لتمويل الاستثمارات المحلية اللاحقة. وتبلغ قيمة التمويل الخارجي المطلوب حوالي ملياري دولار سنوياً على مدى السنوات الأربع القادمة “مع استبعاد تكاليف إعادة الإعمار” حيث سينشأ مزيج من الاستثمارات بين القطاعين العام والخاص مع الوقت نظراً لقيام اليمن بتهيئة بيئة داعمة لتدفقات رؤوس الأموال الخاصة.
إصلاحات
أما المدير القطري للبنك الإسلامي للتنمية أحمد الصديق، فقد اكد أن “الإجراءات التدخّلية ذات الأولوية الموجّهة لتنمية القدرات من أجل تسريع وتيرة الاستثمار ستكون عنصراً أساسياً في تحقيق النتائج سريعاً، ويمكن التغلّب على نقاط الضعف الحالية بأنواع من البرامج التي تشجّع الوكالات اليمنية والمقاولين والمورّدين من القطاع العام والخاص للسعي نحو إيجاد ترتيبات مشجّعة أو ثنائية مع نظرائهم في بلدان مجلس التعاون الخليجي”.
كما أن هناك ضرورة لإجراء إصلاحات في الزراعة والخدمات والصناعة لإطلاق إمكانات النمو، وضمان فعّالية الاستثمارات العامة، وجذب الاستثمارات الخاصة، وفي الوقت نفسه النهوض بالاقتصاد اليمني والصادرات بما يتجاوز المنتجات النفطية “الهيدروكربونية”.
الاستجابة للمظالم
وذكر رئيس وحدة التعاون الإنمائي في الإتحاد الأوروبي في اليمن فيليب جاكس “ان توفير فرص العمل وضمان الحماية الاجتماعية وتهيئة الفرص من أجل سبل كسب عيش مستدامة في غاية الأهمية لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والاستجابة للشكاوى والمظالم الحادة، وتتمثل القضايا الرئيسية التي يتعين معالجتها في هذا الصدد في الأمن الغذائي والتغذية، وتلبية الاحتياجات الأساسية للشرائح المستضعفة، وتحسين كفاءة وقدرات الحكومة على المستوى المحلي والوطني، وتقديم الخدمات، وإدارة الموازنات، وكذلك الإجراءات العاجلة من أجل الزيادة السريعة في فرص العمل وتوزيعها على نحو منصف وعادل”.
ويشدّد التقرير على الحاجة إلى الاستثمار في التعليم ويشمل ذلك برامج التدريب المهني، ومساندة النمو في المستقبل بناءً على تحسين العملية التعليمية للسكان، وتزويدهم بالمهارات المطلوبة من جانب القطاع الخاص.
وبالإضافة إلى تلبية الاحتياجات العاجلة والملحة، تواجه الحكومة الانتقالية حالياً عدداً من التحديات متوسطة الأجل التي تتطلب تدابير لتشجيع الاستخدام المستدام لإمدادات المياه المتضائلة، وتحسين توفير الكهرباء من خلال تحسين البنية التحتية.
من جانبه قال ممثّل اليونيسيف غيرت كابيليري، “على ضوء هذه الخلفية، من الأهمية بمكان، من أجل مستقبل اليمن، أن يعمل الجميع لضمان توازن فعّال بين الاستقرار السياسي والأمن من ناحية، والنمو الاقتصادي والتنمية البشرية من ناحية أخرى.
وهذان البعدان يعزّزان بصورة مشتركة عملية الانتقال التي تشهدها البلاد”.
وفي مؤتمر عقد مؤخّراً للمانحين في السعودية، التزم المجتمع الدولي للمانحين بمساندة عملية التحول بتعهّدات بلغ إجماليها 6.396 مليار دولار. وسيتيح ذلك تمويلاً لكل من الخطط القصيرة والمتوسطة الأجل لتحسين الظروف المعيشية وإنعاش النشاط الاقتصادي.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-28257.htm