محمد انعم -
تزداد جرائم الاغتيالات السياسية وحشية عندما تذهب ملفات المجرمين إلى طاولة السياسيين.. حينها يصبح الوطن في خطر حقيقي عندما لا يدرك السياسيون الفارق العظيم والاختلاف الكبير بين السياسة والرصاصة أو بين حل الخلافات على طاولة الحوار، وسفك الدماء وارسال الآخر إلى عالم الأموات..
إن جريمة محاولة اغتيال ياسين سعيد نعمان- الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني- تستوجب على السياسيين وكل الحريصين على أمن واستقرار اليمن ان لا يخلطوا بين الملفات السياسية والملفات الخاصة بالأعمال الإجرامية التي يجب ان تذهب إلى القضاء ويحتكم الجميع فيها لشرع الله وليس لشريعة الغاب، وإذا لم يسارع السياسيون إلى معالجة هذا الخطأ الكارثي طالما ومازالت الفرصة الآن سانحة والجميع ملزمين بتنفيذ التسوية السياسية سلمياً، فسيقودون اليمن إلى حرب لا تبقي ولا تذر..
إن ما حدث للدكتور ياسين سعيد نعمان كان لايمكن ان يحدث على الاطلاق أو يتجرأ كائن من كان ان يقدم عليه لولا ان التلاعب بملف جريمة مسجد النهدين تجاوز كل الحدود حتى قرار مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص صار اضعف من ان يحرك ملف جريمة وصفها المجتمع الدولي «بالإرهابية» إلى أروقة القضاء.. وبدعاوى لا يقبلها عقل أو منطق..!!
من جديد ها هي اليمن تنجو للمرة الثانية بلطفٍ من الله، ومثلما خرج الرئيس السابق علي عبداالله صالح من مؤامرة اغتياله في مسجد دار الرئاسة في 3 يونيو بأعجوبة، وسقط العديد من الشهداء والمصابين من كبار رجال الدولة والموتمر، فقد سلم بالأمس رأس الدكتور ياسين سعيد نعمان من رصاص النقطة الأمنية بجولة سبأ التي ارادت ان تفجر رأسه من الخلف وليس من الأمام كما خطط لاغتيال الزعيم علي عبدالله صالح.
لا نلوم الدكتور ياسين سعيد نعمان عندما غادر صنعاء متجهاً إلى دولة الامارات موكلاً مهامه لأحد قيادات حزبه.. لأن الرصاصات قد كشفت عن عبث فظيع يكاد يجعل من التسوية السياسية مظلة للتصفيات السياسية، وهي لعبة قذرة وأكبر من ان تكون عفوية أو مجرد حادث عابر، بل يجب على الحكومة واللجنة العسكرية ان تتحمل المسؤولية كاملة إزاء الاعتداءات الإجرامية.. لكن المؤسف هو أن يذهب الناطق الرسمي للجنة العسكرية للدفاع عن القتلة بدعوى ان النقطة «وهمية».. تصوروا.. أي أمان وأي نجاحات حققتها اللجنة في الوقت الذي تذكر وسائل إعلامية ان وزير الداخلية كشف عن الاسماء لمجلس الوزراء ورقم الكتيبة ومن تتبع في الفرقة.. غير ان تصريح اللواء علي سعيد عبيد يضع اللجنة العسكرية أمام اكثر من علامة استفهام، ولماذا يحاول التستر عن نقطة أمنية تتبع الفرقة ولمصلحة من.. فالمسألة لا تعني حسب اعتقادي محاولة تستر اللجنة العسكرية عن نقاط الفرقة المتمردة والتي سبق لها ان صرحت بإحلال بديل عنها بعناصر من الحماية الأمنية ولا نتحدث هنا عن دور القوات الرئاسية التي تم استحداثها وسبب عدم قيامها بمهامها في الحفاظ على الأمن في العاصمة..؟
والمخيف في القضية ان عناصر خفية بدأت توجه ملف جريمة محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان وبطريقة منظمة ليحتل «الدرج» الثاني بعد ملف ضحايا جريمة مسجد دار الرئاسة.. ومعنى ذلك ان قائمة الاغتيالات ستطول.