د.علوي عبدالله طاهر -
يحاول الشيطان قدر طاقته الشريرة ان يتعرض للأمة المؤمنة، من حين إلى آخر، ليوجد في حصنها ثغرة، او يحفر أمام أقدامها حفرة، فإن استجابت لوسوسته ولم تنتبه إلى خديعته أوقعها في فتنة، فذاقت وبال أمرها، وكان عاقبة امرها خسرا.
والله سبحانه وتعالى يحذر أمة الإسلام من مخاطر التعرض للفتنة وذلك في قوله تعالى : »واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب« (الانفال 25)، أي احفظوا أنفسكم وصونوا بنيانكم من التعرض للفتنة التي قد تبدأ صغيرة او مستورة، ثم تتزايد وتتوارد وتتعاظم، ومعظم النار من مستصغر الشرر.. وإذا الفتنة يتسع خرقها على الراقع، وإذا لم يتم إيقافها صيَّرت الديار بلاقع، فهي حينئذٍ تعم وتجمع فتصيب الفاسد والصالح، أما الفاسد فلأنه سعى الى الفتنة واراد بها الشر والخلل، وأما الصالح فلأنه سكت عن مقاومة الفتنة، ولم يعاون في القضاء عليها وعلى أسبابها وبواعثها.
والله تعالى أمر المؤمنين ان لايقروا المنكر بينهم او يسكتوا عليه حتى لايعمهم الله بعذاب من عنده، ولذلك قال في ختام الآية السابقة »واعلموا ان الله شديد العقاب« (الانفال،25)، وهذا تهديد ووعيد من رب العزة والجبروت للأمة اذا تركت عقارب الفتنة تسعى بين ظهرانيها ولم تبادر بعلاجها.. ولذلك دعانا ربنا إلى ان نقول داعين راجين منه : »ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا، واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم« (الممتحنة،5)..
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ من فتنة المحيا وفتنة الممات، ومن فتنة المسيح الدجال.
وقد جاء في الأثر : »الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها«.. ولقد حذر القرآن الكريم من خطر المفسدين الذين يخادعون ويقولون مالايفعلون : »وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون« (البقرة، 11).. هم اولئك الذين يعملون على اثارة البلبلة والخلل ويسارعون الى التفريق والتمزيق في المجتمع طلباً لمغنم رخيص أو مأرب خسيس.
وبعد.. ان واقع أمتنا الراهن تفوح منه روائح الفتن المتعددة سواء في العراق او في لبنان او في اليمن او فلسطين او في غيرها، وكلها أتت بفعل التدخل الدولي..
وفي بلادنا أطلت علينا فتنة الحوثي بصعدة والتي إن تركناها تستفحل فإنها قد تأكل الأخضر واليابس، لذا لابد من العمل الجاد والحازم على إيقافها، حفاظاً على الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع، ولابد ان تتضافر جهود المخلصين جميعاً لإيقاف هذه الفتنة بكل الوسائل والطرق، اذ لايجوز السماح لأي عابث ان يعبث بأمن المجتمع او الاضرار باستقراره مهما كانت قوته ومهما كانت مبرراته.
ان مايجري في صعدة حالياً ناجم عن التوعية الخاطئة لبعض الشباب، وناجم كذلك عن فهم خاطئ للدين، وناجم عن تبني بعض شبابنا لأفكار مضللة ومفاهيم بعيدة عن صفاء الاسلام ونقائه.. لذلك لابد من تعاون المجتمع بكل فئاته على إيقاف تلك الفتنة، ولايجوز التهاون مع مثيريها إذا لم يعودوا الى طريق الحق والهداية.. والله تعالى يقول في هؤلاء وأمثالهم من الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات :»والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً عظيماً« (الأحزاب 58).