محمد أنعم -
الثورة الفرنسية الكبرى لاتزال منذ قرنين تهز وجدان الشعب الفرنسي والعديد من شعوب العالم بعظمة الأهداف التي قامت من أجلها «الحرية.. الاخاء.. المساواة»..
واليمنيون يحتفلون اليوم باليوبيل الذهبي لثورة الـ(26 من سبتمبر 1962م) المجيدة والتي حررت شعبنا من النظام الاستبدادي والحكم الاستعماري واخرجت اليمن من دياجير التخلف والجهل والعزلة والتمزق لتلج به مرحلة جديدة ومهمة في مسار تطوره التاريخي..
> اليوم تواجه ثورة سبتمبر أخطر مؤامرة، فهناك من يسعون إلى تمجيد ثورة مضادة تفجرت عام 2001م تسعى إلى إعادة اليمن إلى ذلك القمقم والصراع الدموي العبثي الطائفي والمناطقي والمذهبي..
لترتفع في ذات الوقت الأصوات التي تطالب بتمزيق الوطن، أو عودة المستعمر بذريعة لا تختلف عن الذريعة التي استخدمها القبطان هينس لاحتلال جزء غالٍ من وطننا في 19 يناير 1839م بدعوى إغراق اليمنيين لسفينة دريا دولت في البحر.. فيما الآن يجري التبرير لدخول المارينز اليمن بدعوى حماية السفارة..!!
كل هذا يحدث ومناضلو الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) يقفون صامتين.. بل يتوارون كل الادعياء والثوار المزعومين عن الأنظار.. وقلة فقط هم الذين يخرجون كالأسود يدافعون عن ثورة نسجت بدماء خيرة أبناء الشعب اليمني ومن دماء رفاقهم الذين سطروا أعظم البطولات في معركة شعبنا وقضوا على الحكم الإمامي المستبد والاستعمار البغيض وأعوانهما..
> اليوم.. ها هي مخالب العصبيات، والنعرات المذهبية والمناطقية والسلالية والقبلية.. تنهش جسد الوحدة الوطنية.. فيما أولئك المنظّرون والشعراء والأدباء «الجيفاريون» لا يُسمع لهم همس.. ممن أتحفونا بقصصهم الثورية في مثل هذه المناسبة.. لقد أرادت الحكمة الإلهية ان تفضحهم خلال هذه الأزمة.. فقد فروا إلى جحورهم أو كتبوا عن العصافير وقطط المنازل واخبار افتح يا سمسم. وكل ما هو مدفوع الثمن من ندوات وحلقات ومؤتمرات، أما عن معاناة الشعب والخطر الذي تواجهه الثورة اليمنية.. فقد تحولوا إلى أشبه بالأصنام..
> وفي أجواء الذكرى الخمسين للثورة نجد أن الجامعات تغلق والمدارس تتحول إلى ثكنات لـ«الجندرمة» ويُقتل الناس دون محاكمات أو أن يلجأ المتخاصمون إلى القضاء والعمل بشرع الله.. بل ها هي نفس طريقة محاكمة الإمام احمد تتبع اليوم في ساحات التغرير وبأرحب والحصبة وريدة وغيرها.. أين الغيورون من النخبة.. وحملة مشاعل التنوير المزعومين الذين تركوا مشاعل العلم والمعرفة تستبيحها خفافيش الظلام وأعداء النهار.. الذين يسعون لإعادة شعبنا إلى القمقم.. ويرون ان التعليم ليس من حق أبناء الشعب.. وإنما يجب ان يظل حكراً على أبناء أولئك المرضى فقط؟!
> ثم أين الغيورون على سيادة واستقلالية القرار اليمني الذين شغلونا بقصص رحلاتهم الخيالية الشبيهة بحكايات السندباد وادب الرحلات.. للأسف لقد خلدوا أيضاً للنوم.. وفروا عندما وهن الوطن وتناحر أبناؤه، لنجد أنفسنا اليوم حيارى وسط لجج متلاطمة من الأحداث.. كلٌّ يقحمنا في زوبعة ولا مؤذن أو مغيث يسمع العالم صوت شعب يموت قصفاً وجوعاً وحصاراً غير معلن.. وأخيراً.. بات مهدداً بسلب كل حقوقه المكفولة في المواثيق الدولية..