الأربعاء, 26-سبتمبر-2012
الميثاق نت -  يحيى علي نوري -
< إذا كان الجيل الصاعد اليوم يجهل بصورة كبيرة واقع الحياة اليمنية قبل عهد الوحدة اليمنية المباركة.. فكيف سيكون وعيه بعهد ما قبل الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر)..
واقع من الجهل أو التجهيل يتسع من يوم لآخر بين صفوف الجيل الصاعد وإلى حدود لم تعد مقبولة نظراً لما يحدثه ذلك من تأثيرات سلبية على سلوكه الأمر الذي يجعله بعيداً عن أبرز المحطات التاريخية التي مر بها الوطن وعن الدروس الوطنية التي سجلها آباؤه واجداده من أجل الوطن واجياله والأهداف والمبادئ العظيمة التي ناضل الشعب وقدم من أجلها الكثير من امكاناته وعلى رأسها بالطبع دماء أبنائه الزكية الذين ضحوا بحياتهم من أجل بلوغ المستقبل الأفضل.
إذاً من يتحمل مسؤولية هذا الجهل أو التجهيل؟ سؤال لابد من اجابة ناجعة له في اطار اهتمام بالغ بدراسة هذه الحالة وعلى مستوى كافة جوانبها، والأسباب والعوامل التي أدت إلى تشكيلها ومن ثم اتخاذ الطرق الكفيلة بمواجهتها بالصورة التي تنتصر للوعي الوطني وتعيد التناغم بين الأجيال والأحداث التاريخية المجيدة لوطنهم والإلمام بعظمة التضحيات التي قُدمت للتخلص من كافة صور القهر والاستبداد والتخلف والإمامة والاستعمار.. الخ من المنغصات والتي شابت الحياة اليمنية عبر مراحل عدة من تاريخها المعاصر والحديث.
ولكي نضع النقاط على الحروف في تحديد المتسبب في ذلك، علينا جميعاً- افراداً ومؤسسات وهيئات ومختلف الاطارات المدنية والابداعية الجماهيرية- ان نشارك جميعاً في الاجابة على ذلك من خلال مراجعة شاملة وجامعة لكافة السياسات الثقافية والإعلامية والتوعوية والارشادية المكرسة للتعريف بالثورة اليمنية، وان نحدد في الوقت ذاته وبدقة عالية نسبة الجهل بالثورة في صفوف الجيل الراهن وما يعرفه عن الثورة والعهد الذي وضعت حداً له بقيامها.. وكذا ما يريده هذا الجيل من الثورة..
والتعرف أيضاً على مدى قدرته بأن يكون جيلاً متسماً بسلوك ثوري ينتصر دوماً لأهداف الثورة اليمنية ويتعامل باقتدار مع التحديات القادمة..
ولاريب ان تحقيق هذا الهدف ووفقاً لمعطيات واقعنا الراهن نجد انه من المستحيل تحقيقه في ظل تنامي المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يعاني منها مجتمعنا اليوم وتحول دون وجود مناخات مواتية يتحقق فيها الوعي المنشود للجيل الراهن بالثورة، وإنما الأمر بات يتطلب من مختلف الفعاليات الوطنية الرسمية منها والشعبية العمل على إعداد استراتيجية وطنية تستوعب تماماً هذه المشكلة بكل جوانبها في اطار من الأهداف والخطط والبرامج على المستويين الآني والمستقبلي، وحتى يتهيأ للأجيال وبمختلف الأساليب والطرق كافة المعلومات التي تمكنهم من تشكيل الصورة الكاملة لحدث الثورة اليمنية وواقع الحياة اليمنية التي قامت لوضع حد لها إبان حكم الإمامة والاستعمار وكذا التحديات التي مازالت الثورة تواجهها اليوم على صعيد تنفيذ وبلورة اهدافها العظيمة على الواقع المعيش، بما ينتصر للقيم التي قامت لأجلها والتضحيات التي قدمها اليمنيون لإنجاحها كمحطة مهمة في تاريخ شعبهم المعاصر.
وحقيقةً.. ان وجود هذه الاستراتيجية الوطنية وبعد نصف قرن من الزمن مر على قيام الثورة، اصبح يمثل ضرورة حتمية تفرضها المعطيات الراهنة بقوة اكثر من أي وقت سابق وبصورة تحمل معها نذراً من انسلاخ الثورة كفعل يمني ووطني عظيم من قلب ووجدان الاجيال اليمنية، وهو ما يعني اضافة تحدٍّ جديد اكبر إلى قائمة التحديات التي تواجهها مسيرة الثورة اليمنية في مرحلة صعبة ودقيقة يشهد اليمن خلالها تحولات متسارعة وأزمات خانقة تجعل من الثورة وديمومتها عاجزة عن التعاطي المقتدر معها.. وهو أمر نلمسه اليوم بوضوح من خلال الأزمة الراهنة التي تعيشها البلاد والتي أحدثت تداعياتها وتأثيراتها السياسية اخطاراً داهمة لم تعد تهدد الثورة اليمنية الأم (سبتمبر وأكتوبر) وإنما الكيان اليمني عموماً وكل الانجازات المحققة خلال نصف قرن في الثورة والوحدة والديمقراطية.. وهي تحديات لم تستطع ديناميكية الثورة اليمنية التعامل معها بالأسلوب الذي يتفق مع عظمتها كثورة كان لها ان غيرت وجه الحياة اليمنية عموماً..
وما يُروَّج اليوم لما يسمى بالثورة الجديدة بـ«الربيع العربي»، إلا واحد من أخطر التحديات التي تواجه الثورة اليمنية وهو تحدٍ يتطلب من الجميع دون استثناء الانتصار لقيمها ومثلها وبصورة تعيد الاعتبار لها ويعيد تناغم المجتمع بمختلف فعالياته مع اهداف الثورة ومضامين اهدافها وديمومة مسيرتها ووهجها الذي يجب ان يشع دوماً بالضوء والحياة باعتبار الثورة والعودة إلى كل ما يتصل بها، الضمانة الحقيقية للمجتمع ومنع انزلاقه إلى دوائر الصراع والتطاحن من جديد..
وخلاصة.. إذا كان الجهل أو التجهيل الذي اتسع في صفوف الأجيال عن الثورة اليمنية قد أفقد الأجيال المتعاقبة خلال نصف قرن مضى قدرتها على التمسك بأهداف الثورة وقيمها، فإن كل ما نشاهده ونرصده اليوم من كوارث سياسية وأزمات اقتصادية اجتماعية على مستوى مختلف الجوانب الحياتية هو نتاج طبيعي لجنوحنا عن قيم ومثل الثورة اليمنية ولا يمكن تجاوزه ما لم يتم العودة إلى الثورة والعمل من خلالها على رسم ملامح حياتنا القادمة وبما يعزز من أهدافها العظيمة، وأن الحوار الوطني الشامل بين مختلف الأحزاب والفعاليات الوطنية بهدف اخراج الوطن من حالة الاحتقان الخطيرة التي يعيشها سيمثل فرصة عظيمة يمكن لشعبنا من خلالها التأسيس لمرحلة جديدة من مراحل مسيرة الثورة اليمنية تتسم بالمزيد من الانضباطية والعلمية والروح الوطنية العالية والمنتصرة للثورة، مرحلة يتمكن فيها شعبنا من التخلص تماماً من كافة موروثات الإمامة والاستعمار، وتسخير جهده ووقته وامكاناته من أجل بلوغ مستقبل أكثر اشراقاً وفي ظل جيل يؤمن بعطاءات الثورة اليمنية.. وكل عام ووطننا في تقدم وازدهار.. وسلوك كل أبنائه ثوري.



تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-28466.htm