الإثنين, 08-أكتوبر-2012
الميثاق نت -   أحمد مهدي سالم -
< حملت ما تسمى بأعاصير الربيع العربي أكبر منسوب من الكراهية .. حالة مدٍّ عالٍ طغى.. أشبه بتسونامي أوشكنا أن نغرق في مصطلحات قيعانه ومستنقعاته.
مصطلحات الحقد والحقد المضاد، العنف والعنف المضاد، ولا أخال أنّ هناك فترة كفاحية نضالية أو زمناً تحررياً ثورياً.. تعملقت فيه مصطلحات وتكاثرت بتوالدٍ أرنبي أو بشكل ليموني، تشابه مثل هذا الصقيع المسمى مجازاً الربيع.. فصل البيع لكل شيء من الوطن الى الجزمة، وأكثر الافرازات لذلك الاحتقان الشعبي.. مصطلحات وشعارات مسممة وفاتكة تسري بتؤدة وتمهل دون أن تحس تأثير وقعها المميت الا قبيل الشهقة الاخيرة.
ولا مناص من الاعتراف بأن احزاب المشترك بكل أطيافها أبدعت في إنتاج منهجية التدمير الثقافي وصنع العبوات الفكرية والاعلامية الناسفة لكل عملٍ خير ولأي شكل من أشكال التقارب والاتفاق على قواسم مشتركة.
في كل يوم ، بل في كل ساعة تنتج ماكنات العبث بالشعوب العربية.. مصطلحات وشعارات ومقولات تضخها في الآفاق أسرع من طائرات الكونكورد الاسرع من الصوت، وهي كثيرة أشير في هذه التناولة الى ما استوقفني أكثر وأثار انتباهي، وهو مصطلح «الاختطاف» ومشتقاته، فتسمع في مختلف وسائط الاعلام: اختطفوا المبادرة.. اختطاف الرئيس.. خطفوا الثورة.. اختطاف الحل السياسي.. يخطفون آمال وطموحات الشعوب.. اختطاف اللقمة من أفواه الاطفال، خطفوا الامان من حارتنا.. خطف حركة التغيير لتجييرها لاهوائهم.. خطفوا سياحاً في شبوة والحديدة وأبين.. اختطاف عدة ناشطين وناشطات.. اختطفوا مسار التسوية ورموه في فتحة التهوية.. خطف أطفال تجار ورجال أعمال لابتزازهم مادياً.. أو أبناء شخصيات سياسية لابتزازهم سياسياً.. اختطاف مسلحين لدبلوماسيين عرب أو عمّال أجانب، خطف أربع قاطرات للضغط للإفراج عن سجين، في الاعياد والمناسبات.. اختطفوا الفرحة من عيون الاطفال، خطف عائدات النفط وإيداعها في خزائنهم، اختطف القراصنة ثلاث سفن تجارية في البحرين: العربي والاحمر، اختطاف الامان والحنان، وخطف الافكار من الأذهان، اختطاف العقول وبرمجتها بتوجهٍ مغاير، خطفوا الاحلام من العيون الوسنانة.. اختطاف بعض الشبان على ذمة قضايا قبلية أو شخصية وتضييعهم، خطف السياحة وتدمير اقتصاد البلد.. خطفوا ثلاثة رجال وطفلين وعثروا على جثثهم، ولم يقبضوا على خاطفيهم، خطف التفسيرات الصحيحة لنصوص المبادرة وآليتها، خطفوا علينا الهواء النقي ومنحونا الاوكسجين الملوث، اختطاف الأجنة من بطون الأمهات، بيع قطع غيار من الاطفال المخطوفين لجهات في الخارج.. اختطاف السيارات ونهب المسافرين، خطفوا علينا النصر الذي أوجدته تضحياتنا.. اختطاف أفكار وتطلعات الشباب، خطف المشروع الحداثي، خطفوا الانتماء الوطني الاصيل، اختطاف المواليد في المشافي.. القات اختطف منا معظم الدخل ونحن مقتنعون، وخطف طفل وهتك عرضه ثم قتله، خطفوا سد مأرب وقلعة صيرة.. الخ.
لقطات:
< حياتنا أصبحت في الغالب رُعباً وخطفاً للفرح، والامن، واستزراعاً لليأس اليائس والحزن البائس.. فمتى تنجلي السحب السوداء؟ ونقطف ثمار الأمن الآمن ونخطف الشر الكامن أينما هو كائن، وفينك وفين ساكن.. يا حلو يا فاتن.. ورحم الله أحمد قاسم.
< إن كنت من أبين وتحديداً جعار ونواحيها.. احرص على كتابة وصيتك لأن روحك معرضة للخطف في تفجير مستهدف لك، أو لأشخاص أو لمصادفة تواجدك في مسرح التفجير!
< مع بزوغ شمش الربيع العربي.. ظهرت ملايين قطع الاسلحة بتشكيلاتها المختلفة مما ساعد ويساعد على الخطف.. خطف سيارتك ، ابنك، روحك، أمنك، وفرحك، أي شيء؛ لأن ما من خطفٍ يحصل الا والسلاح حاضر ومشهر!
< شيء لا نستطيع إنكاره.. لغتنا العربية مخطوفة بأيدي رجال ومنظري الربيع العربي.. يذبحونها من الوريد الى الوريد، ونحن في شغلٍ شاغلٍ بالوضع الجديد.. أين أنت يا حافظ ابراهيم؟! فالدرر لم تعد في صدفات محار البحار.. بل في جراب الخنازير!
< هل جربت الخطف يوماً؟! وهل ممكن أن يؤصل الخطف بأنواعه المختلفة لثقافة جديدة، من إفرازات هذا العصر الذي عصر الأوطان العربية وحولها عجيناً، أو ما يشبهه؟!
< نثق أن ليل الخطف لن يطول، وحتماً سنجني ثمار السبول وسيسفر حالك الظلمة عن فجرٍ ضحوك، وصباحٍ راقصٍ في عرس أضواء النهار.
< هل بلادنا مخطوفة؟! وهل ثورتنا مخطوفة؟! وهل أماننا مخطوف؟! وهل اقتصادنا مخطوف؟! أسئلة أترك إجابتها لكم، ومنكم وإليكم والسلام عليكم.

آخر الكلام:
وما الخوفُ إلاَّ ما تخوَّفَهُ الفتى
ولا الأمنُ إلاَّ ما رآه الفتى أمْنَا
المتنبي
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-28608.htm