الإثنين, 08-أكتوبر-2012
الميثاق نت -   أحمد الأهدل -
عاد الرئيس السلال من مقر إقامته الجبرية في مصر، ومازال يحدوه الأمل في بناء جيش وطني قوي، وتبعاً لذلك ذهب إلى لملمة أصول الجيش الممزقة،وأعاد تشكيلها من جديد، وبدأ يغرس في الجيش الروح المعنوية العالية، وروح الحماس التي لم تكن مرتفعة، وتقوية ولائه المهزوز الذي أصبح غير مضمون، جراء ماحدث له من هزات مادية ومعنوية، وأرسل وفداً كبيراً إلى موسكو لغرض الحصول على مساعدات عسكرية واقتصادية مباشرة ،وقد وصلت في تلك الفترة بعثة عسكرية سوفييتية إلى اليمن لتقديرالمتطلبات ورسم الخطط العسكرية لتطويرالجيش الجمهوري، إلا أنّ خصومه عاجلوه بالانقلاب في خمسة نوفمبر 1967م الذي غادر فيه الرئيس السلال بلاده ومنصبه دون رجعة، ليصبح كل ذلك ثمن حبه لجيشه الجمهوري، وشعبه ووطنه، واخلاصه لثورة بلاده في تحقيق أهدافها السامية.



الجيش في ظل سياسة حكومة نوفمبر:



بعدانقلاب خمسة نوفمبر1967م.. أصبحت الحركة الاسلامية - الاخوان المسلمون - الممثل السياسي الوحيد لليمن إذ أنّ مصطلح الحركة الاسلامية، كان بالنسبة للاخوان المسلمين في تلك الفترة عبارة عن غطاء سياسي، كما هوالحال في حزب الاصلاح اليوم، وبالتالي فقد أصبحت السياسة اليمنية سياسة إخوانية محضة، لاتستمد مقوماتها من أهداف الثورة اليمنية، وإنما تستمدها من منابع الاسلام السياسي،الذي يتصادم جملةً وتفصيلاً مع معطيات ومقومات وأهداف التغيير في تلك المرحلة التي أُنشئت فيها رابطة الدول الاسلامية، والتي هي الأخرى كانت تجزم بأن دعاة التغيير التقدمي، عبارة عن شيوعيين وماركسيين وبعثيين كفار، يجوز قتالهم وعدم التسليم لهم بالحكم والطاعة والولاء،وبالتالي، فإنّ حكومة نوفمبر كانت ترى أنّ هيكلة الجيش وتغيير عقيدته الكافرة - بحسب مايراه متدينو ذلك الزمان - مسألة ضرورية ينبغي تحقيقها، وهو ماجعل الجيش اليمني يواجه الكثير من حالات الضعف والانهزام النفسي والمعنوي، وأساليب التدمير الممنهج الفاعلة والمؤثرة في عقيدة الجيوش الزاحفة والناشئة على حدٍ سواء، والتي لو تناولناها من الناحية العسكرية - هنا - قد لاتكفي لها المنشورات الصحفية ليالي وأياماً.. وما نحاول الوصول إليه هو استخلاص صورة واضحة بعناوين عريضة، يفهم من خلالها القارئ سياسة الأخوان المسلمين في تدميرالجيوش على هذا النحو، قبل الحرب، أثناء الحرب، بعدالحرب.. وفيما يلي توضيح ذلك:



أولاً: قبل حرب السبعين:واجه جيش الثورةاليمنية، الكثير من عوامل الضعف،ترجمتها سياسة حكومة نوفمبر في الخطوات التالية:



1ـ تجييش (24) ألفاً من الجيش الشعبي، أو المليشيات المسلحة غير النظامية، والتي أصبحت حكومة نوفمبر توليها كل الرعاية والاهتمام فاق اهتمامها بالجيش النظامي، بل وأصبحت تلك المليشيات تحظى بمكانة وامتيازات خاصة ودعم وتسليح حكومي واسع، يفوق تسليح الجيش النظامي نفسه، وهو ما ساعد على تقليص الروح المعنوية لديه.



2ـ فصل الجيش عن الإعلام الوطني، من أواخر عام 1965م، ومالاحقها من تعديلات جوهرية على الاعلام الوطني، وادخال الكثير من البرامج الإعلامية والتعبوية، التي كانت تعمل بطريقة خفية على تغييب الجيش من عقلية ووجدان المجتمع اليمني، وتدعو إلى ترسيخ المصالحة الوطنية.



3ـ التشجيع والدعم اللامحدود لبروز وظهور تيار القوى الثالثة،الذي كان بمثابة الدعم اللوجستي للجيش الشعبي أو المليشيات المسلحة، وبسبب مايحظى به تيار القوى الثالثة من دعم محلي وإقليمي ودولي ساعده كثيراً على استقطاب الشباب اليمني وتنظيمهم في صفوف المليشيات المسلحة، بما في ذلك استقطاب أفراد الفرار من الجيش الجمهوري والملكي، وبطرق وأساليب تعبوية خطيرة ساعدت أنصار الطابور الخامس على تشويه سمعة الجيش الوطني وسوء المعاملة العسكرية فيه، وهو ماساهم بأثر رجعي في اغلاق أبواب معسكرات التجنيد الداعمة للجيش الجمهوري وبطريقة لم يتنبه لها المجتمع اليمني حينها، وهذامن أقوى عوامل الضعف والتدميرللجيش أي جيش بما فيه الجيش الجمهوري اليمني.



4ـ تحريض وتهييج الشارع اليمني،عن طريق تيارالقوى الثالثة والجيش الشعبي،للخروج في مظاهرات وفوضى وشغب، باتجاه القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية بصنعاء، تحمل في ذلك الإساءة للجيش المصري،وتندد بخروجه الفوري من اليمن،انتهت بمواجهات دامية، بعد اطلاق النار على المتظاهرين،ذهب ضحيتها- كما تقول سياسة حكومة نوفمبر- سبعة عشر قتيلاً.. في حين يقول أبو ذكرى الناطق الرسمي للجيش المصري، بأن عددهم (37) قتيلاً، بينما يقول الباحث العسكري حمروش، إنّ عددهم (100) قتيل، وهذا الموقف كان بمثابة قطع خط الرجعة على الجيش الجمهوري، أو الفراق الأبدي الذي لاينتظر بعده الجيش اليمني أية مساعدة من الجيش المصري وقد يكون ذلك الموقف مقصوداً ومخططاً له بعناية من الأخوان المسلمين في ذلك الظرف الخطير، خصوصاً إذا ماعلمنا أنّ ذلك التصرف الأرعن وفي ذلك الظرف بالذات، أثارغضب الشارع ومراكز صنع القرارالمصري على السلال مما دفع به إلى اعطاء الضوء الأخضر للمعارضة في اليمن للانقلاب عليه.



5ـ الانقلاب على السلال في ذلك الظرف الحرج،والهجوم عليه بتلك الحملة الاعلامية الشرسة،التي شوهت كل محاسنه ومنجزاته، هزت معنويات الجيش والشعب معاً، لأنّ الإساءة للقائد في المواقف الحرجة، تُحطم معنويات الجيش، وتفتّ من قوة ووحدة تماسكه، مهما كان يملك من قوة وعتاد، بل إنّ تلك المظاهرات المقصودة التي قادها عناصر الطابور الخامس، إلى مقر قيادة الجيش المصري بصنعاء، أثرت كثيراً على معنويات الجيش الجمهوري، وجعلت الجيش المصري، يُغيّر خطة الانسحاب، فبدلاً من أن ينسحب من الخطوط الخلفية ويقوم بتسليمها للجيش الجمهوري، قام بالانسحاب من الخطوط الأمامية،وتركها مكشوفة، ليستولي عليها عناصرالقوى الثالثة وفلول الجيش الملكي، بما فيها من معدات وسلاح، وبالتالي فإنّ الانقلاب على السلال في ذلك الوقت الذي كانت فيه البلاد في حالة طوارئ قصوى، والجيش المصري ينسحب من البلاد، والجيش الملكي يزحف إلى صنعاء، والجيش الجمهوري في حالة استعداد لاترقى إلى المستوى المطلوب، يبقى من المؤكد لدى الباحث العسكري والأمني، أنّ ذلك الانقلاب كان أمراً محسوماً بين الأخوان المسلمين والملكيين، بقصد التخلص أو إبعاد القيادات العسكرية والأمنية الرافضة للمصالحة مع الملكيين من جهة.. ومن جهة أخرى إضعاف وتدميرالتيار الجمهوري الحر الحامل للواء المشروع النهضوي التقدمي، والذي تتماهى عناصره في وحدات وتشكيلات الجيش الجمهوري الوليد.. وفي المقابل تبقى هذه العوامل في المفهوم العسكري شاهد عيان على السياسة الخطيرة التي انتهجها الأخوان المسلمون ومارستها حكومة الحركة الاسلامية،لإضعاف الجيش اليمني خلال حروبه الأهلية, التي خاضها للدفاع عن الثورة والجمهورية، على مدار ثمان سنوات، للوصول به إلى نقطة اليأس والتدمير النهائي، بعد حرب السبعين- كما سنراه لاحقاً..



ثانياً: أثناء المعركة:



معركة السبعين يوماً،معركة سياسية عسكرية أهلية،وهي مزدوجة بامتياز، دفاعية هجومية، تشبه إلى حدٍ كبير، معركة الخندق، وسونامي، ومعركة مدريد، ومع ذلك لم تتعامل معها حكومة نوفمبر،إلا ببرود وتساهل مقصود، في الجوانب التالية:



1ـ التساهل في التعبئة الوطنية العامة،حيث كانت المعلومات تأتي تباعاً إلى مراكز القرار في الدولة، من أنّ الجيش الملكي يحاصرصنعاء، والحكومة مازالت تغط في النوم، وإذاعة صنعاء ترسل الأغاني العاطفية ولم يتغيرالموقف إلا بعد عشرة أيام من المعركة، بعد أن قام الجيش بالاستيلاء على الإذاعة وتغيير البرامج الاعلامية، بمايرفع من معنويات الجيش ويثير حماس الجماهير، للتضامن مع الجيش للدفاع عن صنعاء عاصمة النظام الجمهوري، وهذا التساهل- باعتقادي- لم يكن وارداً في قاموس أي حكومة تعلم أنها في مواجهة عسكرية، مع عدو يريد الاستحواذ على نظامها وطمس سيادتها الوطنية، إلا إذا كانت تلك الحكومة تعلم يقيناً أنها على استعداد مطلق بالتسليم للخصم والارتماء في أحضانه ليعمل فيها وفي شعبها مايراه.



وإذا علمت أنّ الجيش الذي كان يحاصر صنعاء، قوامه البشري ثمانية آلاف مقاتل، وعدد المحاربين معه يفوق إثني عشر ألف محارب، وأنّ الجيش الجمهوري الذي يدافع عن صنعاء كان قوامه البشري أربعة آلاف جندي، وعدد المحاربين معه لايزيد عن خمسة آلاف محارب، علمت يقيناً مدى الغبن في الصفقة، التي تمت في معارض الإغراء وأساليب الاستقطاب التي أغلقت أبواب معسكرات التجنيد للجيش الجمهوري، وساهمت في تنظيم الشباب وأبناء المجمتع، في صفوف معادية لجيشه الجمهوري الوليد.



2ـ انسحاب الكثير من القيادات العسكرية والأمنية أثناء المعركة،وهذا وإن كان فيه شهادة صدق على ضعف التعبئة العامة لدى حكومة نوفمبر، وقوة التأثير الاعلامي والنفسي لدى العدو على الجيش الجمهوري، إلا أنّ ذلك الانسحاب لتلك القيادات العسكرية والأمنية من أرض المعركة يبقى من المنظورالعسكري، أسلوب من أساليب الحرب النفسية، استخدمته تلك القيادات للتأثيرعلى معنوية ونفسية الجيش الجمهوري، خصوصاً إذا ما علمنا أنّ تلك القيادات كانت في الأصل محسوبة على الحركة الاسلامية،وهذا من أخطر أساليب التأثيرعلى معنويات الجيش أثناء المعركة.



3ـ تواطؤ القوى الثالثة مع فلول الجيش الملكي على حصار صنعاء، إذ المعلوم والمألوف في الميادين العسكرية، أنّ الجيش - أي جيش - لايستطيع أن يتقدم شبراً واحداً على الخارطة، مالم يكن واثقاً من أنّ خطوطه الأمامية سالكة، واستطلاعاته متمكنة، وتستطيع تغيير مسارالجيش والمعركة تحت أي ظرف وفي أي ظرف،وكذلك خطوطه الخلفية مُؤمّنة، مادياً ومعنوياً ولوجستياً، واتصاله مع قياداته المركزية موثوق به ومضمون في كل الحالات،وبدون ذلك لايستطيع أن يتقدم مالم يقم بتمهيد حربي مخيف، بحسب ماتقتضيه الحالة، سواءً بالقصف الجوي، أو بالقصف المدفعي،لكن هذا لم يحدث منه شيء مع الجيش الذي حاصر صنعاء عام 1968م رغم العوامل الجغرافية المعقدة، والمسافة الزمنية الفاصلة بينه وبين قيادته المركزية الواقعة في أقصى شمال الشمال اليمني،والعاصمة صنعاء.



ولوفرضنا جدلاً أنّ الجيش الملكي استطاع أن يسيطر على المواقع الأمامية للجيش الجمهوري،بسرعة فائقة يعجز فيها الجيش الجمهوري عن تعزيزها، فإنّ حصار صنعاء سبعين يوماً كانت مدة كافية للقوى الثالثة والجيش الشعبي، أن يقطع كل خطوط الإمداد على العدو، وحصاره وتطويقه، والقضاء عليه على أبواب صنعاء بأبسط الطرق، خصوصاً إذاعلمنا أنّ معظم عناصرالجيش الشعبي والقوى الثالثة كانت تنتمي للقبائل التي تحيط بالعاصمة صنعاء.



وإذا أصبح حصارصنعاء من المعلوم المشاع، فإنّ المعلوم بالضرورة، أنّ الجيش الذي حاصر صنعاء، كانت جميع خطوطه الخلفية مُؤمّنة على كل المستويات بتأمين عسكريٍ دقيق، من مقر قيادته الميدانية، وحتى مقر قيادته المركزية الواقعة خلف خط الحدود الدولي في أقصى شمال الشمال اليمني، وأي جيش وهو بهذه الحالة، يعتبر انسحابه عبر تلك المسافة ضرباً من الخيال، ولو كانت سماء اليمن كلها طائرات نموذجية حديثة تشكل له غطاءً جوياً للانسحاب، لم يستطع أن يتقهقر أكثر من خمسمائة متر، وربما أنّ قادة الجيش يفضلون الموت والانتحارعلى أبواب صنعاء، خيراً لهم من الانسحاب.



إذاً أين ذهب الجيش الذي حاصر صنعاء سبعين يوماً.. هل انسحب.. مستحيل؟ هل تقهقر.. مستحيل؟ هل ابتلعته الأرض.. مستحيل؟ هل ذلك الجيش غيّر ملابس الحرب.. مستحيل أيضاً لأنه لايملك الجمهور الذي يساعده على الاختفاء، وفي نفس الوقت ليس لديه قيادة عسكرية على درجة عالية من الاحتراف القتالي- في ذلك التاريخ - يساعده على تغييرالمعركة من تكتيكية إلى حرب عصابات،كما أنه لم يثبت في يوميات المعركة للجيش الجمهوري الحصول على جرحى،أو أسرى للجيش الذي حاصر صنعاء.



وكل مافي الأمر أنه بمجرد أن اعترفت حكومة نوفمبر في صنعاء، بالجنوب أنه دولة مستقلة، هبط الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر قائد القوى الثالثة، بألفين وخمسمائة محارب، وعلى الفورتحولت المعركة من دفاعية إلى هجومية، وأصبح الجيش الجمهوري في تسابق سريع لفك حصار حجة، والسيطرة على مدينة صعدة دون أي مقاومة، ودون العثور على أسرى أو قتلى أو جرحى في الجيش المنسحب، بل وحتى المرتزقة الأجانب الذين رافقوا ذلك الجيش في تلك الحرب، مازال العلم بخروجهم من اليمن غير متوافر حتى هذه اللحظة.



وإذا كان الأمر كذلك، يبقى من المؤكد أنّ الذي حاصر صنعاء، هوالجيش الشعبي والقوى الثالثة بقيادات ملكية، وبالتالي إما أن يكون ذلك الحصار بقصد طمس النظام الجمهوري، وتسليم الحكم في صنعاء لأحد القيادات الملكية، وإما أن يكون بقصد اشغال حكومة صنعاء والضغط عليها لتعترف بالجنوب كدولة مستقلة، بدليل أنه بمجرد اعتراف صنعاء بدولة الجنوب، اعطت الدول الإقليمية الضوء الأخضر للشيخ/ عبدالله بالهبوط في صنعاء بـ(2500) محارب وتحويل المعركة من دفاعية إلى هجومية، وذلك لكي يحجز له مقعداً في النظام الجمهوري، ليبقى همزة وصل بينه وبين تلك الدول، والدليل الأكثر وضوحاً أن الحكومة التي تشكلت في الجنوب،في ذلك الظرف السياسي الحساس، كان فيها مشاركة واسعة من الأخوان المسلمين، وهو مايعني أنّ الأخوان المسلمين في الشمال استلموا ثمن حصار صنعاء، بالمشاركة في حكومة الجنوب بثلاثة وزراء على رأسهم فيصل بن شملان.



إذاً.. حرب السبعين يوماً كانت حرب استنزاف وتدمير للجيش والمجتمع اليمني، بدليل الاجراءات السياسية التي اتخذتها حكومة نوفمبر بعد المعركة، والتي تمثلت في الآتي:



أـ قامت حكومة نوفمبر بعد المعركة، بتشكيل لجان أمنية لسحب السلاح من المقاومة الشعبية المساندة للجيش النظامي في حرب السبعين، وبأساليب ملتوية قامت تلك اللجان من خلالها باستقطاب الأفراد الذين لهم ولاء للحركة الاسلامية، وضمهم على المعسكرات التي كانت للحكومة شكوك في ولائها، مثل الشرطة العسكرية، وكتائب المدرعات، والاحتياط، واعطاء التوجيهات بضرب مقرات,المقاومة الشعبية في الحديدة وتعز على الأفراد الذين ثبت ولاؤهم للوطن، وليس للحركة الاسلامية.



ب ـ قامت حكومة نوفمبر باستدعاء القيادات العسكرية والأمنية التي هربت أثناء المعركة، وبدلاً من معاقبتهم قامت بتكريمهم وتعيينهم في مناصب قيادية عسكرية وأمنية رفيعة،وهذه كانت سياسة خطيرة جعلت الجيش الذي سكب دماءه على أبواب صنعاء، وتناثرت أشلاؤه على قمم وسهول جبال صنعاء في سلة المهملات، وأنتجت فتنة شيطانية جعلت جيش السبعين أمام فوهة النيران المتحركة بأعيرة نارية مختلفة، وتسببت تلك التعيينات في أحداث مؤلمة للجيش بعضه بعضاً، سميت فيما بعد بأحداث يومي 23/24/أغسطس1968م. التي أكلت ماتبقى من الجيش الجمهوري- كما يقول اللواء الحيمي في كتاب «ثورة في جزيرة العرب».



ج ـ انتهزت الحكومة تلك الأحداث الدامية، وشنت حملة اعلامية شرسة كسرت هيبة الجيش,وشوهت سمعته، وأفرغت الجيش من الخطة المركزية للاعلام الوطني إلى اليوم.



د ـ قامت حكومة نوفمبر بتشكيل لجنة عسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار، من قيادات عسكرية وأمنية محسوبة بالولاء على الحركة الاسلامية، وهي الأخرى قامت بفكفكة قوات الصاعقة والمظلات، وقوات المدفعية والمدرعات، وإلغاء كتائب الأمن المركزي، وتهميش اللواء الخامس مشاة، والحرس الجمهوري، الذي لم يستعد عافيته إلا في عام 2000م، وترحيل (121) ضابطاً من الذين شاركوا في حرب السبعين يوماً إلى دولة الجزائر.. ونتيجةً لتلك القرارات والإجراءات قُتل النقيب/ عبدالرقيب عبدالوهاب- رئيس عمليات حرب السبعين- غدراً وسُحلت جثته، واغتيل النقيب/عبدالرقيب الحريبي- قائد قوات الصاعقة، والطشي- قائد الشرطة العسكرية، وأُخفي أركان حرب الأمن المركزي حتى كتابة هذه السطور..



تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-28609.htm