عباس الديلمي- - بفقد الاستاذ المرحوم علي احمد الخضر، هناك من فقد مبدعاً تميز بادائه الفني الغنائي، ومن فقد سياسياً ومن فقد اقتصادياً عمل بنزاهة واخلاص وعفة تشهد بها سيرته، اما انا فإلى جانب ذلك، فقد فقدت اخاً غير شقيق -ان جاز لي هذا القول- عملاً بالقول «رب اخ لك لم تلده امك»..
المرحوم علي الخضر كان بالنسبة لي اخاً، بحكم العلاقة بين اسرتينا وسنوات من بواكير عمره عاشها في منزلنا، ولاشراف والدي -رحمه الله- على تعليمه وتثقيفه والقيام بتدريسه منذ صباه الى ان اخذ بيده ليذهب في البعثة الدراسية في القاهرة، قبل قيام الثورة او في اربعينيات القرن الماضي، حيث طلب من والدي ان يختار من يمثلون مدينة ذمار في تلكم البعثة فاختار علي احمد الخضر واحمد الشجني ويحيى عبدالله الديلمي.
وعلي احمد الخضر اخ بالنسبة لي، بحكم التصاقه بوالدي منذ طفولته الى ان صار علماً من اعلام اليمن، وشغل المواقع الرفيعة في الدولة، دبلوماسياً واقتصادياً وسياسياً.. وهو من حرص ان نرث مع ابنائه تلكم العلاقات المتينة، فورثناها وسيتوراثها ابناؤنا.
كان مثالاً للوفاء والعرفان، ولهذا كان احد افراد اسرة علي حمود الديلمي الى ان توفاه الله..
كانت للاستاذ علي الخضر صلاته القوية بالشاعر علي بن علي صبره، وبالتالي علي الآنسي -رحمهما الله- ولم انس زيارته لنا في تعز، بعد ان سمع الفنان علي الآنسي يتغنى بقصيدتي الغنائية «نجوم الليل» وانا لم اتجاوز السنة السادسة عشرة من عمري.
جاء الى منزلنا فرحاً مبتهجاً وقال لوالدي بصوته الجميل ووجهه المعتاد: أين اخي عباس.. لقد تفاجأت بقصيدته، واعجبت بها، وحفظتها عن ظهر قلب واحضرت العود معي لأغني «نجوم الليل» امامه.
هكذا اراد تشجيعي، او الاخذ بيد من هو في حكم اخيه ليدخل عالم الشعر، وان يحافظ على ما انشغل والدي عنه بالقضاء، كما انشغل عنه علي الخضر بالسياسة وترك الشعر.
لقد كان اعجابه وارتياحه لا يقل عمًّا قابلني به والدي بعد سماعه للأغنية المشار اليها من الفنان علي الآنسي.. وكان تشجيعه لي حافزاً قوياً خاصة وانا اعرف من هو علي الخضر المثقف، المتذوق، المبدع، وكاتب وملحن اول نشيد يمني يدخل مكتبة اذاعة صنعاء ابتهاجاً بثورة السادس والعشرين من سبتمبر.. انه نشيد «جيشنا يا جيشنا» الذي اداه صديقه الفنان علي الآنسي، وكان له صداه الى يومنا..
لقد تبادر الى ذهني عندما سمعت نبأ وفاته، موضوع المصادفات وما تأتي به من اشياء كأنه مرتب لها، وقلت في نفسي: هل اختار اخي علي الخضر شهر رحيله عنا، فاختار شهر سبتمبر، واكتمال العقد الخامس للثورة التي كان اول المنشدين لها بعد اندلاعها؟!..
وهنا اتساءل: أليس من حق علي الخضر ان يكرم في العيد الذهبي لثورة سبتمبر المجيدة، كأول من آزر البندقية والمدافعة عنها، بما يبعث الحماس والاستبسال.. اتمنى ذلك..
عن صحيفة 26 سبتمبر |