سمير النمر - ها نحن اليوم نشهد الذكرى التاسعة والأربعين لثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الأبية وحمل لواءها أبطال شجعان وضعوا قيم الوطنية والتضحية والفداء في رحاب الأرض اليمنية الطاهرة، وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيل عزة اليمن وكرامتها واستقلالها وحريتها ضد الاحتلال البريطاني الغاصب الذي ظل جاثماً على أرض اليمن الطاهرة في الشطر الجنوبي سابقاً، احقاباً طويلة، فكان لهؤلاء الثوار الأبرار الذين خلدوا اسماءهم في صفحات التاريخ بأحرف من نور الفضل الكبير والشرف العظيم في اشعال فتيل الثورة المباركة ضد الاحتلال الأجنبي، فكانوا رجالاً عظماء بعظمة المبادئ والقيم والأهداف التي حملوها والتي ضحوا بأرواحهم في سبيل تحقيقها من أجل ان يحيا الشعب اليمني حياة العزة والكرامة والاستقلال ضد كل أنواع الاستبداد والظلم والطغيان والاستعمار..
إننا اليوم نحتفي بالذكرى التاسعة والأربعين لثورة الرابع عشر من اكتوبر في ظروف بالغة التعقيد يمر بها اليمن حيث تواجه اليمن مؤامرة كبيرة وبشعة على المستوى الداخلي والخارجي..هذه المؤامرة التي بدأت في 2011م تحت مسمى ثورات الربيع العربي التي استهدفت عدداً من البلدان العربية والتي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، كانت اليمن أحد البلدان التي اكتوت بنار هذه الموجة التي أرادت ان تقود اليمن إلى مصير مجهول غير واضح الملامح لأن هذه الثورات المسماة بثورات الربيع العربي لا تمتلك أي مشروع وطني قادر على تجسيد احلام الشعب وطموحاته في غدٍ أفضل عنوانه الحرية والكرامة والتنمية والاستقلال والسيادة الوطنية وإنما كانت عبارة عن ثورات ارتدادية هدفها الحقيقي طمس المشروع الوطني والتحرري الذي حملته ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر بكل مضامينه الوطنية والتحررية من الاستبداد والاستعمار بكافة اشكاله الداخلية والخارجية، ولهذا فقد كانت ثورة (26 سبتمبر و14 أكتوبر) بمثابة- المشروع الثوري الحقيقي الذي انطلق من عمق المعاناة التي اكتوى بنارها أبناء اليمن في شماله وجنوبه ضد الاستعمار والاستبداد والقوى الرجعية التي ظلت جاثمة على احلام اليمنيين وطموحاتهم لفترات طويلة..ونحن عندما نصف ما يسمى بثورات الربيع العربي بأنها ثورات ارتدادية- فإننا ننطلق في هذه التسمية بناءً على الوقائع والأحداث التي افرزتها ما يسمى بثورات الربيع العربي في اليمن خصوصاً، ما حدث خلال أكثر من سنة ونصف من اختلال أمني وفوضى وتدمير للقيم وللمؤسسات وغياب للمشروع الوطني وعودة الوصاية الدولية على اليمن ودخول جنود المارينز إلى أرضنا الطاهرة وتصدر القوى الرجعية والتقليدية والعشائرية والمتطرفة على المشهد السياسي في البلد اليوم يؤكد أن ما حدث في اليمن خلال اكثر من عام ونصف ليس إلاّ مؤامرة ومشروع ارتدادي هدفه الأساسي الانقلاب على المضامين الحقيقية لثورتي (سبتمبر وأكتوبر) وأهدافهما العظيمة التي ضحى الشهداء بأرواحهم وقدموها رخيصة في سبيل تحقيق هذه الأهداف..
ومن هنا فإننا جميعاً اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالوقوف صفاً واحداً ضد كل المؤامرات التي تحاك ضد اليمن وأمنه واستقراره ووحدته واستقلاله، كما أننا مطالبون بالانتصار لقيم وأهداف ثورة (سبتمبر وأكتوبر) وإحيائها في نفوس الأجيال من خلال محاربة كل الأفكار والمشاريع الصغيرة التي يُراد أن تفرضها على الأجيال، وتطمس من عقولهم وضمائرهم كل المبادئ الحية التي قامت من أجلها ثورة (سبتمبر وأكتوبر)، واستبدالها بمفاهيم مشوهة ومقلوبة للمضامين الثورية الحقيقية، من اجل استنساخ جيل كامل مشوه الثقافة والتفكير ومفصول عن الارتباط بتاريخه وحضارته وعزته وكرامته..
ومن هنا فإننا أمام مهمة وطنية عظيمة تتمثل في الحفاظ والوفاء لأهداف ثورة (سبتمبر وأكتوبر) ومنجزاتها العظيمة بكل صدق ومسئولية ضد هذا التيار الجارف الدخيل على ثقافة اليمن وتاريخه وحضارته والذي يريد أن يبتلع كل شيء جميل في هذا الوطن، ما لم فإننا سنكون مشاركين في قتل وطمس هوية جيل كامل بكل ما تحمله الكلمة من معنى وسيسجلنا التاريخ في أسوأ صحفاته.
|