حسن أحمد اللوزي -
تشابكت في هذا الأسبوع مناسبات هامة وعزيزة تتصل بجوانب جوهرية في حياة كل مجتمع ودولة لأنها ترتبط بما يعتبر قوة الدفع الأساسية في حركة الحياة وهي تحول القيم المتصلة بها إلى أعمال ومنجزات ملموسة بل وإلى ممارسة متميزة في خضم الحياة العصرية ونعني بتلك المناسبات يوم الديمقراطية ويوم العلم والمعلم وعيد العمل والعمال والذي سيطل علينا بإشراقته العالمية وبمعانيه ودلالاته الإنسانية والإنتاجية يوم غدٍ الثلاثاء الأول من مايو
ولا شك أن هناك ترابطٌ وثيق بين معنى وأبعاد الحرية السياسية مجسدة في الممارسة الديمقراطية ومردودات وفضائل العلم وتقدير المعلم وبين القيمة الإنسانية الخالدة للعمل والمكانة المرموقة للعمال في حياة كل الشعوب الحضارية كما هي اليوم بالنسبة لبلادنا وشعبنا في ظل السعي المتواصل لبناء اليمن الجديد.. والتقدم نحو المستقبل الأفضل... فإذا كانت الحرية السياسية وجوهرها الأسمى الممارسة الديمقراطية هي عصب تحمل المسئوليـــة في الحيـــــاة وقوتها فإن ضمانة النجــــاح والإثمار لها لا يمكن أن يتحقق بدون العلم وبدون استكمال التربية الإيمانية والعلمية لوظائفها ورسالتها وترابط ذلك بالعمل المنتج والخلاّق أياً كان حقله أو ميدانه أو موقعه فالعمل بعدٌ جوهري في كل بناءٍ حضاري وعطاءٍ إنساني من أصغر مهنة في الحياة لأعلى وأقدس مسئولية فيها.
إذاً فاختيار تلكم الأيام للاحتفال بها والاحتفاء بأبعادها وثمارها يمثل حاجةً سنوية ماسة للوقوف بإمعان أمام كل محصلة تتحقق... ومردودات يتم توفيرها... والانطلاق منها نحو عام جديد لا بد أن يكون أكثر حظاً وعطاءً وإثماراً باعتبار أن ذلك الدافع هو الهدف الأسمى لتمييز الاحتفاء والاحتفال بأيامٍ مشهودةٍ ومحدودة في كل عام وإن كانت بعضها تمتلك خصوصية إنسانية عامة كعيد العمال فإن البعض منها يرتبط بدلالات وأبعادٍ أساسية خاصة في النطاق الوطني كما هو بالنسبة ليوم السابع والعشرين من أبريل يوم الديمقراطية والذي يذكرنا بالولادة الرائعة والمكتملة لأول ممارسة صادقة وجادة وواثقة لمعنى الحرية وحقيقة الممارسة الديمقراطية في بلادنا كما تمت في ذلكم التاريخ عام 1993م والتي جعلت العالم يغير نظرته بصورةٍ شاملة تجاه الجمهورية اليمنية فكانت محطة الرسوخ الواثق لبناء صرح الوحدة اليمنية الخالدة في ظل التعددية السياسية والحزبية في اختبار ناجح للوعي والإيمان والعمل والممارسة فلم تعد اليمن كياناً في موقع من الخارطة الإنسانية وإنما صارت تاريخاً حياً جديداً لشعبٍ أصيل امتلك كل أسباب ومقومات المعاصرة والشراكة في بناء التجربة الديمقراطية الناشئة في عالمنا المعاصر وإذا كان مفهوماً لأبعد ما يكون الأبعاد والدلالات المتصلة بيوم العلم والمعلم وعيد العمال فإن أبعاد ودلالات السابع والعشرين من أبريل إنما تتوجه بالنسبة لنا في اليمن المعاصر نحو المزيد من ترسيخ الإيمان والوعي بالنهج الديمقراطي والاستمرار في تجسيد الممارسة الديمقراطية باعتبار أن الاحتكام إلى صناديق الاقتراع صار اليوم سمة رئيسية في النظام السياسي المرموق والمعاصر للجمهورية اليمنية.. هذا النظام السياسي الذي يعتمد على تفعيل التعددية السياسية والحزبية والالتزام بالتداول السلمي للسلطة فالسابع والعشرين من أبريل يرتبط بالتنافس الحُر والجاد والتنافس الصريح والواضح بين الأحزاب السياسية في معترك العمل الديمقراطي وخوض الانتخابات للوصول إلى تكوين وانتخاب السلطة التشريعية الذي ابتدأ في عام 1993م مع أول انتخابات للسلطة التشريعية بعد إقامة دولة الوحدة اليمنية وتعزيز وجودها الراسخ بالتحصن بالممارسة الديمقراطية في ظل التعددية السياسية والحزبية وهذه الخطوة المباركة في ذلك الحين تواصلت حتى بلغت ذروتها مع عملية إقرار الدستور الدائم والذي نص وأكد على أن الشعب وهو يمارس حقه في حكم نفسه لا ينتخب فقط السلطة التشريعية بصورة مباشرة وإنما أيضاً ينتخب رئيس الجمهورية وينتخب السلطات المحلية.. كما شهد ذلك التجسيد الرائع لها في يوم العشرين من سبتمبر من العام الماضي واعتبر بحق تتويجاً جديداً ومتميزاً للمسيرة الديمقراطية المباركة... فهذا اليوم بأبعاده فيما يتعلق بالعمل السياسي والديمقراطي يؤكد حقيقة راسخة في النظام السياسي في الجمهورية اليمنية وهو الارتباط بإرادة الشعب في اختيار وانتخاب رئيسه، وفي اختيار وانتخاب سلطته التشريعية، في اختيار وانتخاب مجالسه المحلية على مستوى المحافظات والمديريات فبالتالي يعتبر يوم الديمقراطية يوماً لاستلهام الدروس والتعلم والتقدم نحو مزيد من توثيق الإيمان بهذا النهج وأخذ العزم والإرادة نحو تطوير هذه المنظومة في العمل الديمقراطي وفي نهج البناء الحضاري الشامل.