الإثنين, 19-نوفمبر-2012
الميثاق نت -   سمير النمر -
< لاشك ان نجاح أي حزب سياسي في أي بلد من البلدان الديمقراطية يعتمد بالاساس على مدى قدرة هذا الحزب على تلبية مطالب الجماهير السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا لايتأتى إلا من خلال مجموعة من السياسات الديناميكية التي يتبعها الحزب وقدرته على مواجهة المتغيرات المختلفة والتكيف الايجابي معها من خلال مراجعة سياساته السابقة والتعرف على عوامل القوة وأسباب الاخفاق للاستفادة منها وضمان عدم تكرار أخطاء الماضي من أجل العبور الى المستقبل وفقاً لدراسات علمية وموضوعية وبعيداً عن الاعتبارات الشخصية والمصالح الضيقة التي غالباً ما تقود الى الفشل في أية تجربة كانت، ولهذا فإن أية تجربة سياسية او اقتصادية لأي حزب او دولة او نظام لاتخضع لعملية مراجعة ونقد موضوعي للسلبيات والاخطاء وتصويب مسارها فإن مصيرها الفشل الذريع.
ومن هنا يمكننا القول بأن المؤتمر الشعبي العام أحد الاحزاب السياسية اليمنية له ايجابيات قلما تجدها في أي حزب في اليمن وهذا لايعني انه مجرد من الأخطاء بل هناك كثير من السلبيات رافقت تجربته الحزبية خلال الفترة الماضية ومازال يعاني منها الى الآن، واعتقد ان أهم الاخطاء التي وقع فيها المؤتمر ومازال يعاني منها الى الآن ارتباطه بالسلطة شكلاً ومضموناً فقد يقول قائل: ان المؤتمر هو الحزب الحاكم في الماضي وبالتالي فإن اي أخطاء للسلطة محسوبة على المؤتمر وهذا الرأي قد يفتقر الى الدقة والموضوعية وقد يحمل جانباً بسيطاً من الحقيقة، ولكي اعتقد بل وأجزم بأن المؤتمر الشعبي العام كحزب سياسي لم يكن هو الذي يحكم حتى وان كان صاحب الاغلبية، لأن الحاكم الفعلي سابقاً هم مجموعة من مراكز القوى المتنفذة داخل البلد بمختلف توجهاتها، اما المؤتمر فلم يكن إلا واجهة شكلية لم يمارس أية سلطة حقيقية له كحزب حاكم داخل الدولة حتى وان وجدت قيادات من المؤتمر في مفاصل الدولة المهمة،.
لكن هذه القيادات كانت تخضع لاعتبارات متعددة في سياساتها بعيدة كل البعد عن التوجه الحقيقي لسياسة المؤتمر الشعبي العام كحزب سياسي وهذا الأمر كان من الاخطاء القاتلة التي انعكست آثارها على المؤتمر الشعبي العام كحزب مع انه لم يكن له دور فعلي في هذه السياسات الخاطئة للسلطة لأنه كان خارج اطار المنظومة الفاصلة في السلطة، بل اصبح عبارة عن كبش فداء لكل السياسات الخاطئة التي مارستها كل مراكز القوى في السلطة سواء المحسوبة على المؤتمر او غيره، ولهذا مازلت اتذكر وأؤمن بما قاله الاستاذ ياسر العواضي قبل سنوات بأن المؤتمر الشعبي العام لم يحكم وانما حكموا من خلاله وكان المؤتمر عبارة عن شماعة يعلق عليه اخطاء مراكز القوى الفعلية التي حكمت البلد طيلة الفترة الماضية، وتم خروج عدد منهم من المؤتمر خلال الازمة السياسية ومازال هناك بقية نتمنى من المؤتمر التخلص منهم حتى يستعيد عافيته بعيداً عن هذه القوى الانتهازية والنفعية التي تؤثر على المؤتمر بشكل سلبي.
ولهذا فإن المؤتمر اليوم استطاع ان يتخلص من أعباء كثيرة ظلت جاثمة على صدره سنوات طويلة ومازالت هناك منعطفات خطيرة على المؤتمر اجتيازها خلال هذه المرحلة الانتقالية، لما لها من تأثير ايجابي على البناء الداخلي والتنظيمي للحزب ومواقفه الوطنية تجاه الكثير من القضايا الوطنية المطروحة على الساحة السياسية والوطنية في المرحلة القادمة.
واعتقد ان أهم هذه المنعطفات الخطيرة التي يجب على المؤتمر اجتيازها هي التخلص من ازدواجية الجمع بين العمل التنظيمي الحزبي وبين العمل في السلطة ولاشك بأن الجمع بين العمل التنظيمي والعمل في السلطة وخاصة من يشغلون مناصب قيادية ومتوسطة في الحزب، لان وجود هؤلاء القيادات في السلطة كوزراء او غير ذلك لاشك بأنه يؤثر تأثيراً سلبياً على مواقف المؤتمر تجاه الكثير من القضايا الوطنية المتعلقة بأمن البلد وسيادته الوطنية، ومصلحته العليا ويعمل الحزب متواطئاً وغير قادر على اتخاذ مواقف واضحة تجاه الكثير من القضايا.
وهذا الأمر لاشك سيفقد الحزب قاعدته الجماهيرية نظراً لأن مواقفه لاتعبر عن تطلعات قواعده وجماهيره الشعبية، وهذا الأمر سيخلق فجوة كبيرة بين قيادات الحزب وقواعده الوطنية وهذا لايخدم الحزب بأي حال من الأحوال، ونحن هنا عندما نريد من المؤتمر ان يفصل بين العمل التنظيمي والعمل في السلطة لانقصد من ذلك حرمان اعضاء المؤتمر من تولي المناصب في الدولة ولكن ما نقصده ان يقتصر هذا الامر على قيادات المؤتمر العليا والوسطى، لان وجود هذه القيادات في مناصب الدولة العامة يجعل مواقفهم التنظيمية خاضعة لاعتبارات سياسية اخرى لاتعبر عن رأي الحزب وقواعده الجماهيرية وهذا الأمر لاشك بأنه يؤثر على العمل التنظيمي بشكل سلبي ويصيب العمل التنظيمي بمقتل ويفقد الحزب جماهيره وقواعده واعتقد ان المؤتمر يمتلك الكثير من الكفاءات التكنوقراطية لشغل المناصب المهمة في الدولة وفي نفس الوقت يجعل قيادات المؤتمر متحررة في مواقفها الوطنية من الاعتبارات المختلفة للسلطة التي لاتنسجم مع تطلعات اعضاء الحزب وجماهيره ومن هنا فإن المؤتمر معني بدرجة اساسية خلال هذه الفترة الوجيزة بحلحلة هذا الملف الخطير والتخلص من اعبائه لما له من آثار ايجابية على المسار التنظيمي للحزب مالم فإن بقاء هذه القضية قائمة ستكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وحينها لا يسعنا إلا ان نقول: «جنت على نفسها براقش».
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-29196.htm