سمير النمر -
< جريمة أخرى حدثت خلال الأيام الماضية تضاف الى الجرائم السابقة التي تحدث في حق الشعب اليمني والجيش اليمني ولكنها هذه المرة حدثت في سماء صنعاء ذهب ضحيتها عشرة طيارين في الطائرة التي تحطمت وسقطت في الحصبة، هذه الجريمة البشعة التي حدثت في بلادنا لو حدثت في أية دولة من دول العالم ما كان لها ان تمر مرور الكرام بل ستجعل الحكومة تستقيل كأقل تعبير عن التقصير تجاه جريمة كهذه..
أما في بلادنا فإن الأمر لا يعدو عن كونه حادثاً عرضياً لايثير فينا أي اهتمام او شعور بفداحة هذه الجريمة لأننا أصبحنا متعودين وفاقدي الاحساس تجاه سلسلة الجرائم التي تحدث في هذا الوطن وسينتهي هذا الأمر بتشكيل لجنة كاللجان السابقة التي تم تشكيلها في الجرائم السابقة، وهذه اللجنة ليس الغرض منها كشف الحقيقة وراء الحادث وانما طمس الحقيقة واخفاؤها وتقييدها ضد مجهول كما حدث في اللجان السابقة.
ولهذا وبالرغم من عدم تفاؤلي بأن الاجهزة الحكومية والأمنية ستقوم بكشف الحقائق عن المتسببين في حدوث هذه الجريمة ومنها حادثة تحطم الطائرة الأخيرة في الحصبة لكنني أود أن اشير الى بعض المؤشرات التي تؤكد ان هناك استهدافاً وسياسة ممنهجة لتدمير القوات المسلحة خاصة والجيش بشكل عام، المستفيد منها قوى داخلية وخارجية هذه السياسة التدميرية تمارس تحت مسميات متعددة واشكال مختلفة ابرزها ما يسمى بالهيكلة، واعتقد ان هذه السياسة اصبحت واضحة ومعروفة للجميع ولكن المصيبة والكارثة ان القوى الوطنية ومعظم فئات الشعب اليمني اصبحوا غير قادرين على اتخاذ أي موقف من هذا العبث الذي يحصل في حق القوات المسلحة البرية والجوية مع ادراكهم بخطر هذه السياسة التدميرية على جميع القوى الوطنية والمدنية في هذا الوطن وهذا الموقف السلبي من الجميع يجعلهم كالذين يحفرون قبورهم بأيديهم، ولهذا فإن سقوط عشرة شهداء من منتسبي القوات الجوية في طائرة الموت ليس حادثاً عرضياً كما يحلو للبعض تسميته بل انها عملية ممنهجة لها اسبابها ومبرراتها لدى بعض القوى التي تسعى الى تدمير القوات الجوية من أجل تحقيق اهدافها السياسية، وهنا لابد أن نقرأ هذه الحادثة في سياق الاحداث التي مرت بها البلد منذ عام، حيث ترافقت هذه الأزمة بهجمات كثيرة لعدد من المعسكرات في أرحب ونهم وغيرها من قبل مليشيات الاصلاح والتي استمرت لعدة اشهر كان الهدف منها السيطرة على معسكرات الجيش واسقاط العاصمة وغيرها من المحافظات داخل البلد ورغم شراسة هذه الهجمات لكنها باءت بالفشل امام صمود افراد الجيش في هذه المعسكرات، اضافة الى الدور الكبير الذي قامت به القوات الجوية لصد هذه الهجمات، هذا الدور الذي قامت به القوات الجوية جعلها هدفاً رئيساً للقوى التي تريد السيطرة على معسكرات الجيش فظهرت خيوط المؤامرة على القوات الجوية منذ بداية الأزمة في صور وأشكال متعددة ابتداء بانضمام عدد من منتسبي القوات الجوية المحسوبين على تيارات معينة الى حركة الاحتجاجات، اضافة الى عدد من المحاولات التي هدفت الى تفجير عدد من الطائرات في قاعدة الديلمي وسقوط طائرة في قاعدة العند الجوية واغتيال عدد من الضباط ومروراً بالتغييرات التي حدثت في القوات الجوية بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، كمقدمة لما يسمى بالهيكلة التي يطالب بها الاخوان بأجنحتهم العسكرية والدينية ويتولى مهمتها السفير الامريكي، وهذا المسلسل لايزال مستمراً لتحقيق اهداف بعض القوى الداخلية والخارجية،، فالقوى الداخلية التي شنت الغارات على المعسكرات في ارحب ونهم وأبين تعمل على قدم وساق على تدمير سلاح الجو اليمني وتفكيكه لضرب الغطاء الجوي لمعسكرات الجيش مما يجعل معسكرات الجيش مكشوفة امامهم ولاتمتلك أي اسناد جوي لها مما يجعلها هدفاً سهلاً لهجماتهم فيما يعاودون الكرة للسيطرة على هذه المعسكرات ليتم لهم بعد ذلك السيطرة بالقوة على الشعب اليمني بمختلف اطيافه السياسية والاجتماعية..
اما بالنسبة للاهداف الخارجية التي تسعى لها بعض الدول وعلى رأسها امريكا لتدمير وتفكيك سلاح الجو اليمني فإنها بلا شك تريد ان تحقق اهدافاً متعددة، أهم هذه الاهداف التخلص من الاسلحة والطائرات الروسية الصنع التي يمتلكها الجيش اليمني والقوات الجوية اضافة الى الطيارين اليمنيين الذين تدربوا على هذه الطائرات من أجل استبدالها بطائرات مراقبة امريكية لها وظائف محددة ومختلفة اختلافاً جذرياً عن الطائرات الحربية الروسية تقنياً ووظيفياً، هذه الطائرات الامريكية التي تعتزم ان تزود اليمن بها كما سمعنا خلال الأيام الماضية لها وظائف محددة كما ان اليمن لايتوفر لديها كوادر هذا النوع من طائرات المراقبة وبالتالي فإن أمريكا هي من ستتحكم في إدارة هذه الطائرات واستخدامها لأغراض استخباراتية خاصة بها لاتستفيد منها اليمن بأي شكل من الاشكال، الهدف الثاني ويكمن في اتاحة الفرصة وبشكل كبير للطائرات بدون طيار للقيام بضرباتها في انحاء اليمن بحجة محاربة القاعدة وتحت مبرر عدم وجود سلاح جوي لدى اليمن قادر على محاربة القاعدة.
الهدف الثالث.. تهيئة المناخات الملائمة للقوى المتطرفة وعلى رأسها تنظيم القاعدة والمتحالفين معه للسيطرة على معسكرات الجيش واسلحته الثقيلة وهذا سيعطي مبرراً قوياً لامريكا لضرب هذه المعسكرات وتدمير ترسانة الاسلحة الموجودة في هذه المعسكرات بحجة سقوطها في ايدي عناصر القاعدة، وبهذه النتيجة يمكننا القول بأننا استطعنا فعلاً تحقيق الاهداف الحقيقية لمن يطالبون ويتبنون مشروع هيكلة الجيش، وبإنجاز هذا المشروع العظيم ستتحول اليمن الى مجموعات مسلحة متناحرة تحت عناوين مذهبية وطائفية ومناطقية على غرار ما يحدث في الصومال والعراق، فهل يدرك العقلاء او من يحمل بقايا ضمير وطني داخل هذا الوطن خطورة هذه المؤامرة التي تستهدف اليمن وجيشه وأمنه واستقراره، أم انهم سيكونون كما قال الشاعر :
لقد أسمعت إذ ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي