يحيى نوري -
< حالة من الرؤية الضيقة.. الحبيسة لأجندة حزبية عبرت عنها العديد من الوسائل الإعلامية في تعاطيها مؤخراً مع خبر استقالة الشيخ سلطان البركاني الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام وما أبدته من اصرار عجيب في عرضها ومتابعتها لحالة تباين في الآراء والمواقف بين القيادات المؤتمرية العليا، على أن الرجل قد استقال تماماً من المؤتمر وان المؤتمر الشعبي العام يعيش مرحلة خلخلة في وحدته القيادية تنذر بتصدع كبير وقريب لوحدته السياسية والتنظيمية، الخ.. من التوقعات التي ذهبت إلى ما هو ابعد من ذلك من سرد لقصص خبرية لا وجود لها على الواقع إلاّ في عقليات من يديرون مطابخ هذه الوسائل الذين يوغلون بخيالهم التآمري الخصب في التجهيل للرأي العام وتناول القضايا خارج إطار سباقاتها الحقيقية.
ولا ريب أن حالة الهذيان التي سيطرت على هذه الوسائل وانعكس على كل ما تعرض له وتحلله قد كشف فظاعة حالة الافلاس التي وصلت إليها وعبرت بالتالي عن أمانيهم وأحلامهم التي يتمنون اليوم قبل الغد أن يرون بأم اعينهم المؤتمر الشعبي العام ينهار ويتلاشى تماماً عن الحياة السياسية والحزبية اليمنية..
حلم لاريب يراودهم ويحاولون تحقيقه بكل الطرق والسبل المشروعة وغير المشروعة ومن خلال الاستخدام الرخيص لأية قضية أو حدث واخراجه عن سياقه وتحميله الكثير من هذرمات خيالهم المريض والتآمري وحيك كل ما من شأنه ان يجعل الرأي العام اليمني بصدق ما يطبلون له من مزاعم وافتراءات.
ولعل الاستغلال الرخيص للخبر المزعوم بأن الأمين العام المساعد للمؤتمر الشيخ سلطان البركاني قدم استقالته وما حمله تعاطيهم مع هذا الخبر من افتراءات وأكاذيب والحيك الهزيل لسيناريوهات واقاصيص لا وجود لها على الواقع إلاّ دليل على فظاعة ما يمارس اليوم ضد الرأي العام من تجهيل وما يمارس ضد التجربة الديمقراطية من عدوانية وتشويه بل وانحطاط في المسؤولية المهنية وتزييف حاد في المسؤولية الوطنية التي تحتم على الجميع وخاصة الإعلاميين التقيد بأسس وقواعد المهنية والتفاعل مع القضايا والموضوعات بدرجة عالية من الموضوعية الواقعية وتلك رسالة الإعلام التي- للأسف الشديد- يحاول أولئك افراغها عبثاً من مضامينها الإنسانية والوطنية والمهنية.
ولعل المراقبين والمهتمين الحريصين على رصد تفاعلات الحياة الحزبية في بلادنا تفاعلات تجربته الديمقراطية قد اندهشوا لمثل هذه الممارسات حيث ينظر هؤلاء المراقبون إلى التباينات في الحياة الحزبية بالأمر الطبيعي الذي لا تخلو عنه الأحزاب والتنظيمات السياسية وتؤكد من خلاله قدرتها وفاعليتها وحيويتها في التعاطي مع مختلف القضايا والموضوعات التي تحفل بها خطط تحركها السياسية والتنظيمية..
والمؤتمر الشعبي العام كتنظيم كبير ورائد صنع التحولات الديمقراطية في اليمن وظل ينتصر لكل ما يعزز من الحياة الديمقراطية على مستوى اليمن عموماً من الطبيعي ان نجده وعلى مستوى أعلى تكويناته السياسية العليا يتفاعل مع تباينات في الآراء والتصورات حول مجمل القضايا وهو أمر تعبر عنه اجتماعات قياداته الدورية والتي طالما تشوبها تباينات تأخذ وقتاً غير بسيط لدى قيادته في مناقشتها باستفاضة وبدرجة عاليا من الشفافية والممارسة الديمقراطية الحقة التي تحكم مسار العلاقات الداخلية بين كل تكوينات المؤتمر ومتطلبات صناعة القرار السياسي بداخله.
وهو أمر نشعر نحن كقيادات وسطية وكقواعد بالاعتزاز ان تنظيمنا يؤمن بالممارسة الديمقراطية بداخله وبصورة تكفل له أنظمته ولوائحه وهو حق يكاد ان يجعل من المؤتمر متميزاً عن غيره من التنظيمات في فكره وتعامله مع حرية التعبير واتخاذ المواقف في وسطه التنظيمي.
ولكون الحياة الداخلية للمؤتمر تؤكد هذه الميزة في كافة المناشط والفعاليات فإن اللقاءات التشاورية للقيادات المؤتمرية التي استكملت مؤخراً عقد لقاءاتها كانت تمثل واحدة من الاشراقات الديمقراطية التي تحفل بها الحياة المؤتمرية الداخلية فالنقاشات والتباينات التي عبرت عنها مختلف القيادات المشاركة من القوة بمكان في الطرح لمجمل الآراء والتصورات بل والمواقف، تمثل جميعها رصيداً ديمقراطياً هائلاً يتمتع به المؤتمر ولو قدر لهذه الوسائل الإعلامية المضللة حضور جانب من هذه اللقاءات لخرجت بحصيلة تفرزها عقليتها التآمرية مفادها أن المؤتمر الشعبي العام قد تلاشى نظراً لقوة الآراء والتصورات والاطروحات التي سجلتها القيادات المؤتمرية في هذه اللقاءات..
إذاً نخلص إزاء كل ذلك ان المؤتمر الشعبي العام سيظل قوياً وصلباً متمتعاً بالفاعلية والحيوية كتنظيم سياسي رائد ينعم بالممارسة الديمقراطية الحقة وبأن الوسط المؤتمري ينظر إلى كل ذلك مجرد هرطقات لا يفهمها سوى كونها انعكاساً سلبياً لتجربته الديمقراطية بل وتعبر عن آمال واحلام لكل من بقى وراء هذه الوسائل بأنهيار المؤتمر وهو حلم بعيد ا لمنال لتنظيم كالمؤتمر الشعبي العام مازال يواصل بقوة وعنفوان دوره بفاعلية على الساحة اليمنية.