الإثنين, 03-ديسمبر-2012
الميثاق نت -   مطهر الاشموري -
< لم يحدث أن زرت ليبيا ولم أكن يوماً مناصراً للقذافي أو ناصرته، فيما خالفته أو انتقدته كحاكم أكثر من مرة وفي مسائل أو قضايا تتصل باليمن.
فالقذافي بالنسبة ليس الحاكم الأنسب ولا علاقة له بالحريات أو الديمقراطية حتى كهامش للواقع وفي الواقع أو من المرونات السياسية في ظل وضعه وتموضعه الأطول كحاكم حتى بات كما طُرح «عميد الحكام العرب».
علاقتي كمواطن عربي ومسلم بواقع وشعب ليبيا ليست من اصطفاف سياسي مع الحاكم والنظام في ليبيا، ولا من اصطفاف يعارضه أو مع المعارضة قبل أو خلال محطة 1102م.
الحالة الليبية في محطة 1102م شهدت تطورات دراماتيكية متسارعة ولم نشهد مظاهرات سلمية وعنف النظام المقابل ولا تموضع تجرب فيه الحلول والحلحلة السلمية بين جهود التعامل مع واقع الأزمة.
يحزنني كثيراً وبعد عام من مقتل القذافي استمرار القتال والقتل في ليبيا، فما جدوى تدخل النيتو لحماية المدنيين إذا القتال والقتل للمدنيين أو بينهم في استمرار بعد رحيل القذافي بل وبعد انتخاب البديل؟
إنني أخطّئ القذافي وقد تابعت بعض خطاباته خلال المحطة في ليبيا بعدم اعلانه الاستعداد للتنحي وعدم الترشيح أو نجله «اللاتأبيد واللاتوريث» وليكون رحيله من خلال انتخابات أو توافق سياسي كحل سلمي..
ولو سار القذافي في مثل ذلك، والمعارضة هي التي رفضت فإنها تكون من أخطأ ويتحمل المسؤولية، وهكذا فالنظام القديم والنظام الجديد في ليبيا شركاء أو في شراكة تجاه تدخل «النيتو» أو استمرار القتال في ليبيا بعد تصفيته بطريقة غير واضحة أو معروفة.
القوات الامريكية التي غزت العراق هي التي ألقت القبض على الرئيس صدام حسين الذي أودع السجن وحوكم وكان إعدامه مفاجئاً ولكنه واضح في الطرف الداخلي الذي مارس تنفيذه.
كثيرون ممن تابعوا محاكمة صدام حسين ليسوا مقتنعين لا بعدالة المحاكمة ولا بعدالة الحكم وينظرون للحكم كأنما هو قرار سياسي من قبل الغزاة.
صدام حسين «الديكتاتور» كأنما هو من عناوين محطة وصراعات فترة أو مرحلة، فيما الذي بدأ يغلب في التاريخ هي بطولة صدام حسين أو كونه يمثل بطل محطة عنوانها غزو العراق وليس تحريره كما يفرضه تموضع قوى وقوة في محطة أو مرحلة.
مقتل القذافي مرتبط بتدخل النيتو، ومع مرور الايام تتكشف وقائع وحقائق تؤكد أن فرنسا تحديداً كانت وراء تصفيته كطرف لا يريد لأسبابه حتى محاكمة سياسية كما مع صدام حسين.
لا يهضم كتاريخ أو في التاريخ أن الشعوب التي ثارت ضد الاستعمار اختارت لاحقاً أن تثور بالاستعمار ضد حكامها أياً كانت أخطاؤهم أو خطاياهم.
استمرار القتل في العراق وانعدام الامن والاستقرار يقدم صدام حسين بطلاً بأكثر من أفضلية حريات وديمقراطية فيما يمارس خاصة وهذه الديمقراطية والحريات تمارس أو من خلالها يمارس تمزيق العراق طائفياً ومذهبياً، فلماذا أمريكا بالديمقراطية تصبح الدولة الأعظم في العالم، واسرائيل باتت الأقوى في ظل الديمقراطية، فيما الديمقراطية التي تعطى لنا تمزق الاوطان والمجتمعات وتعيدها الى جاهلية وبدائية الصراعات وتضعها في أدنى مراتب الضعف وتحت العبودية الكاملة للخارج؟
الطريقة الغامضة التي صُفّي بها القذافي واستمرار القتل والقتال في واقع ليبيا وبعد عام من تصفيته ورحيله تعيد تقديمه للتاريخ كبطل بأقوى من ديكتاتوريته كاستحقاق للتاريخ وإقناع.
متراكم التطور التاريخي في الحياة البشرية هو الوصول للأمن والاستقرار والى نظام أو دولة، والانتقال الى تطور كديمقراطية وحريات ودولة مدنية حديثة لا يكون الا من خلال هذا المعطى كمتراكم.
من يقوم بإقصاء حاكم أو اقتلاع نظام كما يُطرح في محطة 1102م أكان طرفاً داخلياً أو خارجياً أو كليهما يتحمل مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار والنظام كسقف هو أرضية تطور وشرط الانتقال لأفضلية واقعية ومجتمعية.
إذا الطرف الذي يمارس ترحيل حاكم أو اقتلاع نظام يعيد الواقع الى اللانظام واللاأمن واستقرار، فكل حديثه عن تطورات كالديمقراطية والحريات والدولة المدنية الحديثة وغيرها مجرد زيف وتزييف ونزيف واستنزاف، فيصبح تدمير أوطان وتمزيق شعوب أفضلية ومن التطور..
الديمقراطية الطائفية هي من التخلف، والديمقراطية المذهبية هي الصراع الأشنع والأسوأ في الجهل والتخلف، وفي محطة 1102م نساق ونقاد الى التخلف الأبشع والأشنع في التاريخ البشري ويمارس تصويره لنا أو تسويقه إلينا على انه التطور والأفضلية.
الدول الأوروبية الاستعمارية كانت تتصارع على الاستعمار فعقدت اتفاق «سايكس بيكو» لتقاسم الدول في المنطقة كمصالح.
حين عادت أمريكا للمنطقة كهيمنة بعد انهزام القومية وتراجع وضعف الأممية فانفرادها بالمنطقة مثل الاستعمال فأكملت صياغة قطبي الصراع المذهبي ومارست استعماله في حروب افغانستان والحروب مع ايران، ومحطات المنطقة الأهم ارتبطت بهذا الاستعمال كمعطى ومتراكم.
ولذلك فبريطانيا الأكثر استعمارية لم تختلف مع الأمركة في الاستعمال حين إيصال طرف الأسلمة للحكم في تركيا 2002م أو غزو العراق 3002م، فيما تقاطعت أثقال الاتحاد الأوروبي «فرنسا - ألمانيا»..
من هذا التقاطع جاءت صفقة «سايكس بيكو» في ظل الاستعمال بعد تجاوز الزمن «سايكس بيكو» والاستعمار ومحطة 1102م هي التطور الأهم في هذا الاستعمال.
الشعوب التي ثارت ضد الاستعمار باتت في محطة 1102م تثور مع الاستعمال وتقنع أو تقتنع بمستويات واقعية مؤثرة بأن فرنسا الاستعمال باتت مرجعية للوطن والوطنية فيما هي طرف في ««سايكس بيكو2» كما كانت في «سايكس بيكو1».
إذا أخطاء وخطايا لأنظمتنا وحكامنا لديكتاتوريات أو فساد ونحوه باتت فوق الحمل ولا تُحتمل فإنه لا يليق بنا كواقعية ووعي أن نثور بالضرورة كأدوات ودُمَى للاستعمال كامتداد للاستعمار، والضغط بالمحطة والسير الواقعي الواعي في الحلول السياسية والسلمية هو الذي يوفر للواقع والشعوب قدرات عالية في المناورة لصالح الواقع والشعوب دون أن تقبل باستمرار حكام أو أخطاء وخطايا وديكتاتورية أنظمة ودون أن تقبل أن تكون أدائية لهذا الاستعمال.
زعيم الأكراد هو الرئيس في العراق، فيما زعيم الأكراد في تركيا «أوجلان» قادته الاستخبارات الامريكية الى سجون تركيا، وفارق الواقع والأمر الواقع بين العراق وتركيا معطى لمحطات وسياسات أمريكية في المنطقة، فماذا تكون كلفة صناعة قدوة الأسلمة الاوردغانية في تركيا الى جانب كلفة الحرب العراقية - الايرانية وواقع العراق الذي توسع وطُوّر بناؤه ثم دمر في إطار محطات امريكية وغربية.
نقرأ في التاريخ بأن اشراف مكة قادوا الثورة العربية الكبرى ضد تركيا وبالاتفاق مع بريطانيا ولكن بريطانيا بعد الانتصار نقضت عهدها واكتفت بإرسال قادة وزعماء هذه الثورة الكبرى ليكونوا حكاماً في العراق وسوريا والأردن.
بريطانيا الاستعمار كانت أفضل من أمريكا الاستعمال بهذه العطايا والمزايا، فوزيرة الخارجية الامريكية وصمت الأنظمة الجديدة التي جاءت من خلال الثورات بعد اعتداءات على سفارات امريكية.
محطة 1102م قد تكون في التاريخ عودة أو تجديداً الى صراعات العرب في العهد الجاهلي وبأدوات الأسلمة والديمقراطية والمدنية الحديثة ونحوه.
أن نكون ضحايا الصراعات والمتغيرات العالمية فذلك يظل بسقف القبول وفي إطار المقبول، ولكن أن نصبح الاستثناء في الغباء والأضحوكة لمحطات الاستعمال بأسوأ من محطات الاستعمار، فهل من مهانة أو إذلال أكثر من ذلك؟!


تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 06:10 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-29451.htm