محمد أنعم -
من أجل ان نضمن نجاح الحوار الوطني الشامل مائة في المائة، ونصون دماء اليمنيين ونجنب البلاد الحرب والتمزق ونحافظ عليها من الانهيار.. لابد من فرض خيارين أمام المتحاورين لا ثالث لهما.. إما الاتفاق على حل القضايا المطروحة أمامهم، وإما ان يضحي بهم الشعب اليمني كقرابين من أجل أمنه واستقراره وحفاظاً على الوحدة والسلم الاجتماعي.
أعتقد أن التضحية بحياة 565 شخصاً مهما كان يبدو للبعض خياراً عنيفاً ومتوحشاً، إلا أنه أفضل الخيارات وأكثرها منطقية.. أمام مثل هذا الانحطاط المخيف وعدم الاستشعار لكارثة ان نسلم مصير الوطن والشعب ليتحكم بحياتنا ومستقبلنا 565 شخصاً.. فهذه هي الوحشية والسادية بل الفاشية بذاتها.. علينا اليوم ألا نكرر اخطاء الأمس وألا تكون ابواب الحوار بدون ضوابط او خطوط حمراء ودون استشعار البعض المسئولية الوطنية والدينية والذين يريدون تكرار نفس الأسلوب الذي اتبع أثناء التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الاردنية عمان عند ما خرج المتحاورون باتفاق.. وذهب الانفصاليون لتفجير فتنة بين أبناء الشعب اليمني.. ازهقت حتى اليوم أرواح مئات الآلاف من المواطنين الأبرياء.. بينما كان عدد المتحاورين يومها لا يزيد عن خمسمائة شخص..
أتذكر يومها ان فضل محسن- إنْ لم تخني الذاكرة- تمنى أن تسقط الطائرة التي كانت تقل قيادة الاحزاب والصحفيين، لتحل أزمة المرحلة الانتقامية يومها وتتعافى اليمن.. علماً ان الزعيم علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض لم يكونا في ذات الطائرة.
لا نريد ان تتكرر المأساة اليوم ويدفع أبناء الشعب اليمني الابرياء ثمن عبث ساسة لا يردعهم رادع أو وازع من ضمير، لا يعيشون إلاّ على إشعال نيران الفتن وتفصيل الدولة لخدمة مصالحهم او على تفجير الحروب، ورغم ذلك نجدهم أيضاً يجمعون الأموال في الحرب والسلم على حساب دماء ومآسي أبناء الشعب.
أجزم ان لا ضابط بديلاً افضل من هذا.. وأهون للشعب ان يضحي بـ(565) شخصا ًمن أبنائه، واذا اقتضت الضرورة فليضحّ بدفعة ثانية وثالثة، ولا مانع ان تضاف اسماؤهم الى قائمة شهداء الأزمة، لكن من الجنون ان يُسمح لهؤلاء النفر من الناس ان يجروا البلاد الى طوفان حرب أهلية تأتي على الاخضر واليابس.
قطعاً.. لابد من التوصل الى اتفاق وتوافق على الحوار الوطني، وإلا فليذهب المتحاورون الى الجحيم.. فالشعوب تستحق الفداء والتضحية وليس الاشخاص أياً كانوا.. ولابد ان تكون لدينا قناعة ان هذا العدد أو أضعافه لا يساوون شيئاً أمام أمن اليمن ووحدته واستقراره وسلامة أبنائه.