الميثاق نت - مطهر الأشموري

الأربعاء, 26-ديسمبر-2012
مطهر الأشموري -
الأخوان هم حزب «العدالة والتنمية» في مصر، والسلفيون هم حزب «النور»، وفي الأداء والتفعيل السياسي المواقفي يتماهى الطرفان أو الحزبان كأنما هما حزب أو طرف سياسي واحد، بل إنه إزاء الإعلان الدستوري «المرسي» الذي شق الشعب والمجتمع المصري فكل قوى وأحزاب الأسلمة سارت في اصطفاف المساندة لمرسي والاخوان ضد القوى الاخرى المدنية.
السؤال الذي تطرحه الحالة المصرية مقارنةً بتونس هو: لماذا هذا التماهي والاصطفاف للأسلمة في مصر للقوى السياسية كأنما هي طرف وحزب واحد، فيما الاخوان في تونس «النهضة» يواجهون السلفية ويعيشون صراعاً معها أو مواجهة ضدها؟
السلفيون وصلوا تونس بعد أزمة 2011م كمد مفاجئ، فيما تغلغلت وتوغلت في أوساط الاخوان بمصر ولم يعد مصرياً غير المسمى، فواقعياً فإن الطغيان الاخواني من خلال محطة 2011م أو من قبلها كما تركيا هو مرتب ومركب في الفكر والتفكير بترتيب وتركيب الصراعات واستراتيجيتها في المنطقة.
والفكر السلفي بات هو ثقلها أو هي ثقله في التفعيل ومن ثم الاستعمال السياسي في المنطقة، ففكر الاخوان الذي يتسع وينتشر لم يعد فكر حسن البناء مؤسس الاخوان وإنما الفكر السلفي بأي مرونات يقدم بها الفكر أو حين يمارس تفعيله كفكر.
لقد اختلف الاخوان مع السادات وعارضوا اتفاق السلام مع اسرائيل، ولكنهم توافقوا مع السادات بعد ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر على الجهاد في افغانستان كأولوية بوسيط الفكر السلفي حتى أصبح الظواهري من أبرز قيادات القاعدة بعد أسامة بن لادن.
وإذا اخوانية «مرسي» هي التي أوصلته للسجن كذلك هي التي أوصلته الى أمريكا وأصبح جنسية أولاده «أمريكية» وبالتالي هي التي أوصلته للحكم.
اخوانية الترابي حين تختلط مع بن لادن والفكر السلفي تقدم الترابي الانقلابي المباشر على الحكم، فيما اخوانية مرسي حين تختلط بالفكر السلفي وتجربة في الحياة الامريكية تقدم الاخوانية «المودرن» على الطريقة الاوردغانية..
إذا استرجعنا ما عُرف «بالصحوة القومية» فجناحاها ربما تمثلا في الناصرية كتجربة ومد وفي البعث كفكر، وجبهة التحرير في الجزائر مثلاً كانت قومية ولكن ليس من التجربة أو النمطية الناصرية كفكر ولا من البعث كفكر.. إذا نحن انتقلنا الى ما عُرف بعد ذلك بالصحوة الاسلامية فإنه لم يَقُدْ خلالها فكر الاخوان في مصر وإنما بجناحين متضادين في الأسلمة هما السلفية أو السنة والشيعة من خلال الثورة الايرانية.
مصطلح الاخوان بات عنواناً لتكيف سياسي مع الواقع كما الحالة التركية، والتماهي مع السلفية كما حالة مصر.
فالاخوان في مصر لم تكن أولويتهم التكيف أو التماهي مع واقع الحياة السياسية والاجتماعية في مصر مقارنة بالحالة التركية وإنما التماهي مع السلفية في اصطفاف واحد، وفي إطار معادلة وصراعات المنطقة، فالسلفية لم تعد مستجداً في الاتساع أو وافداً في مصر كما في تونس بل ربما باتت أهم المنافذ الحيوية لحياة وصراعات الاخوان في مصر.
لقد ارتبط مد الاسلمة بمحطات أمريكا والغرب منذ جهاد افغانستان حتى جهاد سوريا وذلك ارتبط بتأجيج الصراع المذهبي ربطاً بثورة إيران التي حظيت بإسناد الغرب لهذا السبب، فالإعلان في الكلام أو الخطاب للعداء لاسرائيل كما أوردغان هو للاستهلاك والامتصاص لا وجود له في الأفعال، فالمقياس يصبح الاصطفاف مع أو ضد إيران ومن الارضية المذهبية أساساً أو الأرضية السياسية بحسب اضطرارات في الواقع.الشعار الذي أجمعت عليه كل قوى الثورة في مصر هو «الدولة المدنية الحديثة» وذلك ما لم يعترض عليه طرف أو يرفع شعاراً يتقاطع معه كما طرح الخلافة الاسلامية في اليمن.
ولذلك فالأهم وصلب وجوهر ما تُعرف بالشرعية الثورية هو سير ومسار «الدولة المدنية الحديثة» في صياغة دستور وأي أفعال أساسية أو تفعيل سياسي بالواقع.
الاخوان بالمقابل وخلال ثورة مصر ظلوا يؤكدون أنهم لن يسعوا الى الحكم أو حتى الشراكة وكل همهم هو انتصار الثورة والدولة المدنية الحديثة.
منذ انتصار الثورة ورحيل «مبارك» تغير موقف الاخوان، وكأن السلفية في البروز كطرف مستقل غير توغلها داخل الاخوان كان المفاجأة الأكبر لواقع مصر وفي خارجها.
الأمر تطور إلى إعلان للسلفية «النور» بالخروج في مظاهرات مليونية تطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية، ولذلك فإنه في حين اختار المعارضون للإعلان الدستوري «المرسي» عنواناً لمظاهراتهم «للثورة شعب يحميها»، فالاخوان والسلفيون أعلنوا بأن عنوان مظاهرتهم «من أجل الشرعية والشريعة».
المقصود بالشرعية شرعية نظام «مرسي» والاخوان والسلفية، والمقصود بالشريعة «الشريعة الاسلامية»..
المقصود بالدولة المدنية الحديثة بالنسبة للاخوان لم يكن غير تمرير الثورة حتى يقصى مبارك.
الصحوة الاسلامية برمتها وبطرفها وثقلها المتطابق وطرفها وثقلها المتقاطع لم تكن غير أرضية المد الأمريكي الغربي وأرضية التفعيل الامريكي الغربي للمنطقة صراعياً بما يخدم مصالحها وأهدافها وسياساتها واستراتيجياتها بما في ذلك ما يتصل بإسرائيل لموضعتها القوة الأقوى.
خط الأسلمة أو الصحوة القومية المتطابقة والمتقاطعة مع أمريكا هي في حاصلها الخط الأمريكي في المنطقة حتى ما قد يخرج عن الحسابات والاحتمالات والاحترازات الامريكية.
«القاعدة» النابعة من الفكر السلفي وصلت الى منهاتن واستهدفت البنتاجون وبالتالي فهي أكثر تطرفاً ضد أمريكا مما يقدم على أنه خط الممانعة أو المقاومة في المنطقة.
إذاً فأمريكا خلال المحطة الاخوانية 2011م تؤسس خط ممانعة أو مقاومة في المنطقة «سياسياً» بسحب البساط من تحت إيران أو بملء الفراغ كبديل، فيحتاج مثلاً لنظام خط ممانعة أو مقاومة في سوريا ولكن بطريقة «أوردغان».
بعد بدء الحرب ضد الارهاب 2001م تمرر حالة تتنافى مع بيئة هذه الحرب بوصول طرف الأسلمة لأول مرة للحكم في تركيا 2002م.
كان ذلك أمريكياً بمثابة تحضير لعقد قادم من خلال محطة 2011م فإذا استبدل النظام في سوريا ببديل مقاومة وممانعة بطريقة أوردغان مع تغيير للنظام في الأردن يفضي الى ديمقراطية قد يصبح الحل لفلسطين «الضفة الغربية» هو الواقع والسقف الأوردغاني والمرسي للمانعة أو المقاومة يصبح هو الواقع أو الواقعية.
التماهي أو الالتحام الاخواني السلفي في مصر له أبعاد فوق ما يُقرأ وربما فوق ما يُستقرأ سياسياً وصراعياً على مستوى مصر أو المنطقة حزب العدالة والتنمية «الاخوان» وحزب النور «السلفية» كأنما يراد فرضهما ثقلي الديمقراطية في واقع مصر كما الديمقراطي والجمهوري في أمريكا أو «المحافظين والعمال» في بريطانيا وبسقف إنهاء أو انتهاء الصراع مع إيران.
والطبيعي لتمريره أن تظهر أمريكا معارضة أو متقاطعة مع الاعلان «المرسي» أكثر منها مؤيدة أو مساندة، ومع ذلك فإنه كما احتكم للتطورات والمحطات منذ جهاد افغانستان فدعونا نحتكم لما ستصار اليه الاوضاع والتموضعات خلال عقد!
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:48 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-29821.htm