احمد ناصر الشريف -
قرار جريئ ذلك الذي تم اتخاذه من قبل مجلس الوزراء ممثلاً في الاخ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والمتعلق بإغلاق محلات بيع الاسلحة والمتاجرة بها.. لكن المشكلة الأكبر ليس في بيع السلاح بقدرما تكمن في حمل الاسلحة نهاراً جهاراً والتجول بها في كل المدن اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء.. الأمر الذي يستدعي ضرورة الاسراع في إخراج قانون حمل وتنظيم السلاح من أدراج مجلس النواب ووضعه أمام اعضاء المجلس لمناقشته وإقراره وتنفيذ ماتضمنه من ضوابط.. وبدون ذلك لايمكن ابداً ان نحل مشكلة مايترتب على حمل السلاح من انعكاسات سلبية يذهب ضحيتها- لانقول اسبوعياً وانما يومياً- العديد من الضحايا.
ومن المفارقات الغريبة والعجيبة ان قانون حمل السلاح يكاد يكون الوحيد اذا ما استثنينا قانون الذمة المالية الذي يواجَه باللامبالاة ليس من قبل اعضاء مجلس النواب فحسب وانما حتى من قبل الجهات الرسمية الاخرى التي تمثل الحكومة في مختلف محافظات الجمهورية.. وهو مايؤكد صحة ماذهب اليه البعض بأن الكثير من المسئولين والوجهاء والمتنفذين يعتقدون في قرارات أنفسهم انهم لايشكلون شيئاً يذكر بدون تمترسهم خلف حمل السلاح.. وهذا في حد ذاته لايمثل إلاّ عقدة النقص التي يشعر بها البعض.. او ربما لعدم الثقة في النفس حيث يشعرون بتقزيم انفسهم امام الآخرين لو عاشوا حياتهم ومارسوا مسئولياتهم بطريقة طبيعية يكون فيها النظام والقانون هو سيد الجميع وهو الفيصل الذي يلجأ اليه كل الناس للاحتكام اليه عند التعامل مع مختلف القضايا.وهذا هو الاسلوب الحضاري المتبع في الدول المتقدمة ذات التاريخ العريق فكيف بنا نحن اليمنيين ونحن نفاخر بحضارتنا وتفوقنا بالشورى منذ القدم وخير شاهد لنا في ذلك القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. وهو مايجب ان نعتز به ونجعل منه القدوة في سلوكنا اليومي وتعاملنا مع بعضنا البعض.. لا أن نجعل من السلاح وحمله الذي يعكس لغة التخلف والاشمئزاز هو الذي يحكم سلوكنا ويفقدنا احترام الغير والذين كثيراً ما يصفون الشعب اليمني بأنه شعب متخلف لايعرف غير لغة القتل والتعامل مع أبسط القضايا بطريقة همجية لاتر تبط بتاريخ هذا الشعب العريق ولا حتى بواقعه الذي يعمد بعض المتخلفين الى تشويهه.
ألم يقل الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام ان اليمنيين هم الأرق قلوباً والألين أفئدة.. والايمان يمانٍ والحكمة يمانية.. ونحن بدورنا نتساءل كيف لحديث مثل هذا خص به هادي البشرية من الضلال اليمنيين ان ينطبق على واقعنا اليوم، عندما يأتي أحدهم فيرفع سلاحه على اخيه فيرديه قتيلاً لمجرد انه اختلف معه على شيء ولايكون له أية قيمة.. لكن لأن الشيطان قد دخل في عقل هذا او ذاك ووسوس له بأنه سيكون بطلاً لو ارتكب جريمة القتل التي توعد الله بأن يكون جزاء من ارتكب جريمة قتل النفس بدون حق جهنم فضلاً عما سيلحقه من خزي وعار في الدنيا.. ورغم وعي الناس بهذا الحكم القرآني الذي نزل من فوق سبع سماوات فإنهم لايدركون مايقومون به من أعمال مخالفة لايقرها لاشرع ولا عُرف ولا قانون.اذاً فإن اغلاق محلات بيع السلاح ومنع المتاجرة به لايكفي لأن الممنوع مرغوب وبإمكان من يفتش عنه ان يحصل عليه بطرق وأساليب شتى ولذلك فإن حل المشكلة من جذورها يكمن - كما أشرنا سلفاً - في إقرار قانون حمل وتنظيم السلاح والتطبيق الفعلي لكل ماورد فيه من بنود تنظم حمل السلاح.. وبذلك تكون الدولة قد تحملت مسئوليتها في هذا الجانب.