الإثنين, 14-مايو-2007
‮ ‬فاروق‮ ‬ثابت -

لم يكن يعلم عبدالرحمن الحسام أن تلك الحبة التي تناولها كمُسكّن للصداع ستسكت روحه الى الأبد لولا عناية الله..عبدالرحمن يفترش بضاعة له بسَّاطاً في أحد شوارع العاصمة تعرض لضربة شمس قوية في ظهر حار من صيف العام الماضي ما أصابه بصداع قوي تداعى له جسده الشاب بحمى‮ ‬أقوى‮.‬
القدر‮ ‬والحاجة‮ ‬وقلة‮ ‬الحيلة‮ ‬شاءت‮ ‬له‮ ‬أن‮ ‬يشتري‮ ‬مهدئاً‮ ‬للحمى‮ »‬بندول‮« ‬من‮ ‬البقالة‮ ‬المجاورة‮ ‬التي‮ ‬تبعد‮ ‬فقط‮ ‬عن‮ ‬الصيدلية‮ ‬بأمتار‮!!‬
يقول‮: »‬بعد‮ ‬لحظات‮ ‬من‮ ‬شربي‮ ‬الحبة‮.. ‬ما‮ ‬عاد‮ ‬زهدت‮ ‬أين‮ ‬أنا‮«!!‬
ظن‮ ‬أنها‮ ‬الدواء‮ ‬الابيض‮ ‬فكادت‮ ‬أن‮ ‬تكون‮ ‬الموت‮ ‬الأسود‮.‬
طفح جلدي وألم شديد في الكلى وأشد منه في المعدة والتهاب حاد في الكبد أحس -كما يروي- أنه كما لو كان تجرع سماً وليس دواءً.. لذا فقد أسعف نفسه بمساعدة أقارب له الى احدى العيادات المجاورة فقالوا له انه ضحية دواء منتهي الصلاحية.
قال‮: ‬عندها‮ ‬صدقت‮ ‬بسرعة‮ ‬لأن‮ ‬المسألة‮ ‬كانت‮ ‬حمى‮ ‬عادية‮ ‬ولم‮ ‬يسبق‮ ‬لي‮ ‬أن‮ ‬تعرضت‮ ‬كمثل‮ ‬هذا‮ ‬الانهيار‮ ‬المفاجئ‮.‬
لا تخمين العيادة صحيح ولا اعتقاد عبدالرحمن أصح.. فقد اِلتهم »جُصاً« على هيئة »بندول« كمضاد للصداع أقدم معدومو الضمير على بيعه بغية الكسب البخس فهدروا أرواح الناس وأحاطوها بالموت الأسود الذي لا يبقي ولا يذر وهو الأمر الذي لم يدع الخطر حكراً على الحسام فقط وانما‮ ‬ينتظر‮ ‬كافة‮ ‬ابناء‮ ‬المجتمع‮ ‬اليمني‮.‬
أكثر من ٠٠٣ كم الى الجنوب الشرقي من أمانة العاصمة تتكرر المشكلة ذاتها، على مرأى ومسمع ممن له سمع وبصر.. وبالتحديد في الضالع تبيع البقالات »الجُص« الملفوف بشرائط البندول على أنه »بندول« »ايرلندي«.. وبـ٠٥٧ ريالاً تأخذ وصفة من الموت السريع.
‮٠٧٣ ‬كرتوناً‮ ‬من‮ ‬دواء‮ ‬البندول‮ ‬المغشوش‮ ‬تم‮ ‬سحبه‮ ‬من‮ ‬البقالات‮ ‬في‮ ‬الضالع‮ ‬وقعطبة‮ ‬الثلاثاء‮ ‬الماضي‮.‬
الكمية المضبوطة من قبل ادارة البلديات بمكتب الأشغال العامة والطرق جرى فحصها رسمياً فكانت »جُص« في قوالب وأشرطة على أساس أنها دواء بندول ايرلندي من حيث اللون والشكل الخارجي، ويأتي ضررها في اصابة الكلى والكبد والمعدة.. أيضاً قبل الحادثة بأشهر تمكنت أجهزة المباحث الجنائية بالأمانة من ضبط ٤٠١ كراتين من الأدوية المزورة بعد ضبط سيارة تحمل ٢٩٧ باكتاً من الأدوية المزورة.. وخلال عملية المداهمة للمخزن وجدت احتواءه على ٩٥ ألف شريط تقريباً من الحبوب المزورة لعلاجات الحمى والصداع وأمراض مختلفة.
مشاكل الدواء المزور التي تقرن بالمهرب تتفاقم في اليمن من حين لآخر.. فقد قدرت دراسة حديثة أن حجم الأدوية المهربة الى داخل الأراضي اليمنية تترواح ما بين ٧٣-٠٥٪ من حجم المعروض الكلي في السوق.. مشيرة الى أن هذه التقديرات للدواء المهرب الذي يصل الى الأراضي اليمنية‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬ما‮ ‬يزيد‮ ‬عن‮ ٠٦ ‬منفذاً‮ ‬تدل‮ ‬على‮ ‬هول‮ ‬ما‮ ‬يرتكبه‮ ‬المهربون‮ ‬بحق‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬وأن‮ ‬أكبر‮ ‬هذه‮ ‬المنافذ‮ ‬من‮ ‬جهة‮ ‬القرن‮ ‬الافريقي‮ »‬باب‮ ‬المندب،‮ ‬جيبوتي‮«.‬
من المرضى من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومنهم من عاد الى أهله بعاهة أو مرض مزمن.. فيما جهود الهيئة العامة للأدوية لا تكفي في ظل محدودية امكاناتها ووجود الكم الكبير من المافيا السماسرة المتاجرين بحياة البشر.
الدكتور عبدالرحمن المهدي -مستشارك الشركة اليمنية للأدوية: معظم المزورين يمنيون، والآن تطور لديهم الأمر ليزوروا الدواء في الداخل، نعم تطور لديهم الأمر حتى اصبحوا يصنعون ويركبون معظم الأصناف المزورة داخل اليمن.
الهيئة‮ ‬العليا‮ ‬للأدوية‮: ‬المزور‮ ‬والمهرب‮ ‬مجرم‮ ‬ولا‮ ‬يخاف‮ ‬الله‮ ‬وهي‮ ‬جريمة‮ ‬يحاسب‮ ‬ويعاقب‮ ‬عليها‮ ‬القانون‮.‬





تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 12:47 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-3090.htm