ياسين المسعودي -
الآن يمكن الاطمئنان إلى الحديث عن الريادة المؤتمرية في زاويتها التنظيمية وقد جرى تفريغ الأمين العام وكان تعزيز هذه الريادة في صدارة مصوغات خطوة التفرغ.. وتدل مقدمات التفرغ بما احتشدت به من الاجتماعات والفعاليات وبما لدى الأستاذ عبدالقادر باجمال من رؤى وتوجهات لإعادة ترتيب وبناء العلاقة بين مكونات المؤتمر وطاقاته الحكومية والجماهيرية على قادم الانجازات التي تتكفل التقدم بخطواته في اتجاه مرحلة التحولات الكبرى. وترتسم معالم هذا القادم في ذلك الاطار الذي وضع خطوطه أمين عام المؤتمر بعبارة قليلة الكلمات واسعة واستراتيجية المعنى والمسعى تتحدث عن مهمة إقامة شراكة تنظيمية مع الناس.. والحزب الجماهيري وحده هو ما يتوافق مع طبيعة الحياة الديمقراطية واحراز مكانة سياسية مرموقة في ظلها وهو الذي يتسق أيضاً مع المنطق الديمقراطي لتداول السلطة ويكون الحزب قوياً بجماهيريته لا المستقوى بموقعه الحكومي.. وكثيراً ما لحق الضيم التنظيمي بالمؤتمر الشعبي العام جراء ذلك التداخل الذي ربط ورهن بقاءه السياسي بالباطل قبل الحق بوجوده في الحكم.. وكان أن نسبت جراء ذلك مبادراته الريادية لتطوير التجربة الديمقراطية ودفعها باتجاه التحولات والاكتمال السياسي إلى موقعه الرسمي ولم تشفع له مبادراته لاقرار الانتخابات الرئاسية وتحديد مدة الرئاسة بفترتين والانتقال بمؤسسة الشورى وقيادات السلطات المحلية إلى نطاق الخيار الشعبي والقرار الديمقراطي.. ولم يشفع له ذلك ويعينه على الاستراحة من تلقي طلقات الاتهام باستغلال وجوده في السلطة حتى وهو يوظف وجوده فيها من أجل توسيع دائرة الحق الشعبي في الديمقراطية، وأقوى احتمالاته ونتائجه تميل لصالح المعارضة، وأول مايدل عليه ذلك أن المؤتمر قبل لنفسه أو ألزمها بأن تكون معبرة عن تنظيم التحدي الديمقراطي.. وإن كانت خيارات هذا التحدي سبقت إلى الظهور بمجرد اقرار إجراء الانتخابات الرئاسية إلاَّ أنها ازدادت جلاءً وتأكيداً مع الموعد الانتخابي الذي جرى مؤخراً وتحديداً من خلال ما سبقه من إعلان الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية عن قراره بعدم الترشح وانطلقت من توقيت هذا الإعلان الإشارة الأولى والقوية لضرورة استعادة المؤتمر وارتياده لدوره الريادي.. وحينها كان رأيي وتقديري المعلنان أن الأخ الرئىس علي عبدالله صالح بإعلانه عدم ترشحه إنما يلقي بكرة الانتخابات الرئاسية في ملعب المؤتمر أكثر من غيره في الساحات الحزبية.. وحينها أيضاً كان رئىس المؤتمر أكثر من واضح وإلى درجة التشدد في تمنّيه الحريص على الشعبي أن يعمل على فك الارتباط بين شخصه وتنظيمه في علاقة الوجود والمصير. ووقتها جاء تأكيد قائد مسيرتنا الديمقراطية بالقول على ضرورة إحلال وتكريس المفهوم التنظيمي للريادة والقيادة، وبعدها جاء التنفيذ بالفعل عبر قرار تفريغ أمين عام المؤتمر الأستاذ عبدالقادر باجمال الذي وُفّق في وضع حجر أساس الانطلاقة المؤتمرية الجديدة المنقوش بعبارة الشراكة مع الناس.. ويبدو هذا المفهوم محدوداً في كلماته ولكنه الواسع والشامل في تفصيلاته وخطواته التي تتأطر في مصفوفة كبيرة وقد تتطلب مجلدات خطة لاتقل عن أي من الخطط الخمسية التنموية، وتحول المؤتمر الشعبي إلى مدرسة لتأهيل وتخريج القيادات المقتدرة يتقدم أولويات متطلبات ومهام الريادة.. وأرى إلى ذلك وقد بات ميسوراً في سطور حوار الأمين العام مع رئىس تحرير صحيفة »الميثاق« والتي عبرت كلماتها عن التوجه نحو تكريس اللامركزية وتمكين المستويات القيادية المختلفة من اتخاذ القرار الميداني فيما يجرى من تفاعلات سياسية وأحداث ديمقراطية على الساحة الوطنية. وتتواصل وتتكامل مع هذه الخطوة عمليات الشراكة مع الناس بما تستلزمه وتستوجبه من إعادة بناء ووضع كافة الأطر والمكونات المؤتمرية في المسار الشعبي للأداء السياسي من إعلام ذي طابع جماهيري، وخروج من العمل المكتبي إلى الفضاء الميداني وتبني إقامة مشاريع اقتصادية وثقافية واجتماعية مشتركة بين الجهدين التنظيمي والجماهيري والتفاعل المتواجد في أوساط الناس وتلمُّس قضاياهم وابتكار الحلول لمشاكلهم والبدائل لتوفير احتياجاتهم الخطوة السليمة على طريق تجسيد الشراكة الوطنية والإنسانية.. ويظل المؤتمر قوياً بما يكسبه من أنصار لا ما يستقطبه من أعضاء، وهم الأنصار من قاعدته الانتخابية الذين منحوه دور الريادة أو فرضوها عليه، والوفاء لهؤلاء الضمان الأول للاستمرارية الريادية.