مفتاح الزوبة -
الإقصاء على خلفية سياسية من أسوأ ما يرتكبه المنافسون السياسيون في حق الأطراف السياسية الأخرى بغرض الاستئثار بالحكم، أو الوصول إليه.
وهو طريق الضعيف ووسيلته غير الشريفة في ظل انعدام وسائله السياسية الأخرى التي يستطيع بواسطتها إقناع الرأي العام بسلامة توجهه، وأفضلية عناصره، ومدى ولائه للوطن وانشغاله بالمواطن من خلال مواقفه السياسية ورؤاه المستقبلية واستراتيجياته لما ينبغي أن يكون.
في السنتين الماضيتين شهد الوطن أسوأ عمليات الإقصاء السياسي الممنهجة بحق قيادات وقواعد وأنصار المؤتمر الشعبي العام.
تنوعت صور الإقصاء التي انتهجها الآخر كالاغتيالات ولعل أبشع مثال جريمة جامع الرئاسة التي حاول الآخر إقصاء قيادات المؤتمر، ليس من الحكم فقط، ولكن من على وجه الأرض، وكذلك الاغتيالات التي تعرض لها قادة المؤتمر الشعبي العام في عموم محافظات الجمهورية.
ولن ننسى الحديث عن (اجتثاث المؤتمر الشعبي العام) بل سعيهم إلى ذلك بشتى الطرق، مجسدين الحقد والكراهية التي يضمرونها للمؤتمر الشعبي العام.
لكن الصورة التي تكررت كثيراً على مدى سنتين مضتا هي الإقصاء من الوظيفة العامة لمجرد أنك الانتماء للمؤتمر الشعبي العام، وهذه الحقيقة المؤلمة تمت بحجج تحريضية واهية لا علاقة لها بالعمل الإداري وقوانينه ولوائحه، كاتهام المقصيين بمعاداة (الثورة)، أو بمناصرة النظام السابق ثم ظهرت موضة (ثورة المؤسسات) حد زعمهم لتُجهز على الكثيرين.
وبعد أن استبشرنا خيراً بتشكيل حكومة الوفاق لم تدم فرحتنا طويلاً، حيث فوجئنا بوزراء يجيرون وزاراتهم لمصالح أحزابهم وتكتلاتهم السياسية العديدة، ولمصالحهم الشخصية ليقوموا بإقصاء المؤتمريين من المؤسسات والهيئات والمراكز والمكاتب والقطاعات والدواوين التابعة لوزاراتهم وفق طرق ممنهجة، استعداداً للانتخابات القادمة التي يعدون لها العدة.
ما يحز في النفس أن الوزارات التي من المفترض أن يكون على رأسها مؤتمريين حدثت فيها إقصاءات لكوادر المؤتمر الشعبي العام دون أن يحرك هؤلاء الوزراء شيئاً.
لا أعفي المؤتمر الشعبي من مسئولية ما جرى، فالسكوت عمّا جرى كان مؤلماً، ولا أعتقد أن ظهور بعض الأصوات الخجولة المنددة هنا وهناك، أو إحصاء من تم إقصاؤهم وإعداد ملف بحالاتهم قد ارتقى إلى حجم المأساة التي مروا بها.
ها نحن ندخل مؤتمر الحوار الوطني الذي من بين ملفاته (زواج القاصرات، ومشكلة القات) وأعتقد أن قضية الإقصاءات التي طالت الآلاف من المؤتمريين لا تقل أهمية عن تلك القضايا وتستحق أن تُطرح على طاولة الحوار الوطني.
المفترض بالمؤتمر الشعبي أن يقوم بالتواصل مع من أُقصوا من كوادره وأن يقيم فعاليات تضامنية معهم يتم تغطيتها إعلامياً لتكون القضية حاضرة في أذهان اليمنيين، ولجذب انتباه الدول الراعية للمبادرة الخليجية التي لا تدري حقيقة ما جرى على أرض الواقع.
الآلاف من المؤتمريين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في الشارع، لا يملكون شيئاً غير البؤس والظلم وشظف العيش، ومع ذلك لا يزالون كلٌ في منطقته يقفون في وجه من يريدون دمار هذا البلد.
فلنقف –أيها المؤتمريون- معهم.
*أكاديمي وإعلامي
[email protected]