الإثنين, 25-مارس-2013
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -
تحدثت في حوار نشرته صحيفة «المنتصف» (18مارس) وقلت: إن الخوف يكمن في غموض الآنسي وتقيته وفي خوف اليدومي وحسه الأمني القلق، وقلت إن الحوار سينجح «رضا ولا صميل». ذلك أن مصلحة اليمن العليا تقتضي نجاحه، وقد دلت التفاعلات السياسية ومواقف بعض الاطراف وموقف اليدومي وحميد الأحمر بل وتوكل كرمان التي نشرته الصحف أنها توسلت بابن عمر في إدراجها في قائمة الرئيس بعد أن خذلها حزبها إذ أصبح يرى فيها عبئاً عليه: أقول تلك التفاعلات أن الواقع أصبح مقروءاً ويمكننا حتى توقع مواقف أطراف العملية السياسية، فالقضية لبديهيتها أصبحت لا تحتاج حدساً، فالعقلية الثابتة التي تقف عند حدود معينة أو دأبت على ذلك الثبات تسهل قراءتها ويسهل عليك تقدير مواقفها والسياسة هي تغيير مستمر وموقفها تجده في اتجاه المصلحة، والمشكلة عند بعض الاطراف أنهم يقعون في الوهم ويذهبون في مربعاته الى حدود الفشل، فتوكل كان سقوطها بقدر سرعة صعودها ويبدو أن براجماتيتها ساهمت بقدر وافر في انحدارها السريع، وحميد الأحمر يفكر بعاطفته ويغازل حقل الألغام بصعدة كورقة ضاغطة، وقد تناسى كل معطيات التاريخ وربما أنساه الله قانونه، واليدومي الذي خلت قائمة حزبه من فئة الشباب لم يكن موقفه مبرراً مقنعاً لا للإنسان العادي ولا لفئة الشباب وقد صدق فيه حدسنا حيث كان خروجه شعوراً بخوف من النتائج، فالحس الأمني القلق عند اليدومي هو من يحدد بوصلة مواقفه السياسية، ودعاة الانقسام في الحراك الجنوبي ظلوا في مربع المكابرة وهم يعلمون أن الحوار هو الطريق الأمثل لحل القضية الوطنية قاطبة ولو وصل الأمر الى نقطة حرية تقرير وفك الارتباط وهم على يقين أن انفصالهم لن يمهد لهم طريقاً الا الى مزيداً من التشظي والانقسام، فالواحد الذي ينادي بحرية تقرير المصير سوف يتعدد غداً ولو مالوا الى الحوار لكان أسلم لهم لأن.. غداً سوف يتعامل معك بذات القيمة الاخلاقية والثقافية ويرميك بنفس القوس وذات الوتر وذات السهم، وربما أن الله لا يعلم في كل أولئك خيراً ولو علم فيهم خيراً لأسمعهم وحتى لو أسمعهم لتولوا وهم معرضون، ذلك انهم يتمحورون حول ذواتهم التي يرون فيها مركزية كونية، والوطن هو القضية الموضوعية والجوهرية الغائبة عن اهتمامات تلك الذوات. على أولئك ان يعلموا أن السياسة كالذبالة إذا لم تتحصن بالرعاية والتجديد فهي بالضرورة تنطفئ والذين يصعدون مراتبها العلا في سرعة البرق ينحدرون الى أسفل سافلين بأسرع من سرعة صعودهم، والذين تاجروا بالدماء وبالأشلاء وانتهجوا الكذب والتضليل سبيلاً للوصول الى الغنائم سقطوا ورأينا أن هلكتهم كانت من حيث أرادوا النجاة، والذين يعمهون ويرون بعين واحدة ويميلون كل الميل وتحضر عندهم جمعة الكرامة وتغيب حادثة حي النهضة، ويتذكرون كنتاكي وبنك الدم وينسون محرقة تعز وفي مقابل كل ذلك حوادث الحصبة، والنهدين، والسبعين، وكلية الشرطة وجل الدم المتناثر في ربوع الوطن المعيارية المائلة ذات البعد النفعي لا يمكنها أن تصنع بطلاً أسطورياً- مثل أولئك تتجاوزهم اللحظة السياسية وبدلاً من تصدرهم للمشهد تقذفهم تفاعلاته الى ذيله وبدلاً من كونهم قادته والفاعلين فيه يلفظون أنفاسهم الاخيرة بالمواقف الانفعالية التي لا تستوعب متغيرات اللحظة الجديدة. في ظني أن حميد الأحمر لم يكن بحاجة الى حشد القبائل لمناصرة صعدة ولم يكن بحاجة الى موقفه الذي يقاطع الحوار وكان بحاجة أن يوظف طاقته الذهنية والمادية لإعلان «حزب الحوار الوطني» فقد توفرت له كل مقومات الإعلان من منطلقات فكرية ووسائل إعلام متنوعة وإمكانات تشغيلية ويصبح مضمار الناس هو الاشتغال السياسي والكسب الجماهيري، إذ لا يليق به أن يكون من دعاة الحوار ومنذ وقت مبكر ويصبح أول رافض له وأول المقاطعين، فالقضية قضية أخلاقية وقضية التزام قيمي، وكبوة كهذه لا يمكن تبريرها، ذلك أن صعدة قد شبت عن الطوق وهي قادرة على صناعة لحظتها الجديدة، فإعلان التضامن أو الوصاية على صعدة إعلان يتنافى مع المنطق السليم وإن كان الهدف منه هو تأكيد الحضور والفاعلية السياسية والاجتماعية للجارة السعودية الا أنني على يقين مطلق أن الجارة السعودية أصبحت تتفاعل مع التشكلات المظهرية الجديدة للمجتمع المدني، فهي لم تعد تبحث عن موالين قبائل ولكنها الآن تبحث عن مؤسسات مدنية تستطيع من خلالها أن تبسط هيمنتها التاريخية على المسارات العامة لليمن، فهي من الذكاء بحيث استطاعت أن تصنع مؤسسة دينية ذات تجذرات مختلفة وأبعاد جغرافية تمتد حتى العمق الحوثي كما نلحظ ذلك في صعدة وحجة وعمران والجوف وغيرها من المناطق. السعودية ليست متحجرة حتى تقف عند عتبة شيوخ القبائل، وعلى شيوخ القبائل أن يدركوا أن اليمن وصلت الى مرحلة لا يمكنها فيها أن تقبل باستمرار هيمنة الآخر عليها، هناك بازغ جديد يرفض كل أشكال الهيمنة، واستمرار الحال من المحال. اليمن في لحظتها الراهنة في أشد الحاجة الى بزوغ تيارات سياسية جديدة تكون تعبيراً عن حاضرها ومستقبلها لا امتداداً لماضيها ومن يرد به الله خيراً يسمعه.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 05:25 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-31326.htm