الإثنين, 15-أبريل-2013
الميثاق نت -  محمد علي عناش -

< عندما صدرت القرارات الرئاسية التي ألغيت بموجبها مسميات الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع، بادر اللواء علي محسن الأحمر إلى الترحيب بها، لكنه عملياً بادر الى التمرد على هذه القرارات في عمران ونشر قواته في الستين وافتعل أكثر من مشكلة هنا وهناك، فظهر في موقف المتحدي لهذه القرارات على أكثر من صعيد.. نحن اليوم بصدد قرارات رئاسية جديدة لاستكمال هيكلة الجيش وتسمية قادة المناطق العسكرية، وعلى الرغم من أن بصمة علي محسن واضحة في هذه القرارات ومطابقاً لماكان قد ألمح اليه في مقابلته الصحفية مع صحيفة «الشرق الأوسط» من أن الضرورة الوطنية والتحديات الراهنة تستدعي بقاءه داخل اليمن والى جانب الرئيس عبدربه منصور هادي. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيبادر الى التنفيذ كما بادر معلناً مباركته لهذه القرارات؟أم أنه سيعمد كعادته الى المماطلة، والضغط من تحت الطاولة لإجراء بعض التعديلات وفرض شروط جديدة، فالرجل كما عُرف عنه أنه لم يعترض على أي قرار لكنه في نفس الوقت لم ينفذ أي قرار. كل من شملتهم القرارات من الطرف الآخر وعلى رأسهم العميد أحمد علي عبدالله صالح باركوا هذه القرارات ورضوا بها دون تحفظ رغم أنها مجحفة في حقهم، وكذا المؤتمر الشعبي العام رحب بهذه القرارات ودعا الى سرعة تنفيذها وسرعة إخلاء العاصمة صنعاء وبقية عواصم المحافظات، وهذا موقف واضح وصريح تم التعبير عنه بشكل تنظيمي رسمي ودون إبداء أية تحفظات على هذه القرارات التي تكشف بجلاء حجم التنازلات التي قدمها المؤتمر الشعبي العام من أجل تجاوز هذا المنعطف الخطير ولتوفير الأجواء المناسبة لنجاح مؤتمر الحوار الوطني. المشترك هو الآخر- كما عبرت عنه قناة «سهيل»- بارك هذه القرارات ورحب بها، بل ونفذ مباشرة عدداً من المسيرات والفعاليات المؤيدة للقرارات الرئاسية مصحوبة كالعادة بالكثير من المطالب من نوع إقالة فلان وعلان، والتأكيد على استمرار التصعيد الثوري حتى يتم تطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين، بمعنى أنه لا جديد سوى مزيد من الإرباك والتأزيم، واننا مقبلون على فصل جديد من الفوضى والتعطيل والإرباك في بلد الأزمات التي لا تنتهي. وسيظل السؤال قائماً.. وماذا بعد؟ هل سننتقل الى لحظة وطنية حقيقية؟ أم أنه مايزال خلف الكواليس ثمة أشياء تعتمل؟ من المؤكد أن المسألة لم تنته بعد، وأن اللحظة الوطنية الحقيقية التي نتطلع اليها، مازالت غائبة نظراً لغياب المصداقية وحسن النوايا، مقابل حضور وعي الحيلة والتربص وطغيان هاجس الانقلاب والسيطرة بالإذعان والتسليم أو بالقوة والعنف والصراعات المسلحة الدموية.. تتجلى هذه المراوغة وهذا الوعي الصراعي في الخطاب الاعلامي والسياسي للإصلاح وفي مواقف وتصريحات الكثير من قياداته والقائمة على التحريض الطائفي والمناطقي وشخصنة قضايا ومشاكل البلاد وعلى التضليل والابتعاد عن قضايا الوطن الجوهرية.. كما تتجلى في كثير من الشعارات والمطالب التي مازالت مرفوعة بشكل غير لائق ولا أخلاقي.. بل وتفتقد كل معايير وضوابط مؤتمر الحوار الوطني.. ما يؤكد أن الاصلاح بقواه العسكرية والتقليدية والمتطرفة لديه أجندة معدة سلفاً وأهداف مرسومة يسعى بمختلف الوسائل والامكانات المتاحة الى تحقيقها وتنفيذها بحذافيرها، وبنفس طويل وفقاً للظروف الممكنة التي يهيئها وينضجها بشكل مستمر. لا نريد أن نتناول هذه القرارات الرئاسية الاخيرة- التي فاجأت العالم، ووضعت أمامها أكثر من علامة استفهام- بالنقد والتحليل الدقيق، والحفر في أبعادها وغاياتها المتعددة، فهي في شكلها العام واضحة للعيان في أنها صبت في مصلحة وتقوية طرف معين على حساب اضعاف طرف آخر، كما أنها افتقدت للمعيارية المرحلية وطبيعة الظرف الذي تعيشه البلاد، في مقابل أنها مالت باتجاه شكل من أشكال المحاصصة الثنائية، الا أنه بدا جلياً من هذه القرارات أن ثمة ضغوط مورست لإخراج هذه القرارات بهذا الشكل غير المتوازن.. البعض يعتقد أن منصب مستشار الذي عين به اللواء علي محسن لا يتعدى الاستشارة وإبداء الرأي غير الملزم، أي بعيداً عن السلطة الفعلية وموقع القرار السياسي وغير مسنود بمهام وصلاحيات موجبة وملزمة، قد يكون الأمر كذلك، لكنه بالنسبة لعلي محسن الأحمر أبداً لن يكون كذلك، وهذا ليس استباقاً للأحداث، وإنما نتكلم عن رجل لم يتعود قط أن يعيش بعيداً عن موقع القرار السياسي والسلطة الفعلية، والرجل الذي تعوَّد ان يوجه مذكراته وتوجيهاته الى كل المستويات، بل ويدين له الكثير من مسؤولي الدولة في جهازها المدني والعسكري، بالفضل في تعييناتهم وترقياتهم. ومع ذلك فإن هذه القرارات كما يبدو لن توقف مخططات الاصلاح وأجندته، فما يزال يشعر أنها لا تلبي طموحاته السلطوية، ومايزال يشعر أنه بحاجة الى متسع من الوقت لاستكمال سيطرته على مؤسسات الدولة المختلفة والحصول على أكبر دعم مادي ممكن من تواجده في الحكومة، وهذه المرة من بوابة المستشار علي محسن لذا سيعمل بمختلف الوسائل على المماطلة في تنفيذ الكثير من القرارات وسينتقل الى طور آخر من التأزيم والإرباك، والإعاقة الممنهجة لنجاح مؤتمر الحوار الوطني بالوصول الى مخرجات وطنية طموحة خلال سقفه الزمني المحدد بستة أشهر. وماذا بعد؟ هذا هو السؤال الذي يحضر الآن في ذهنية كل العقلاء في هذا الوطن، هل ستنفذ القرارات أم لا؟ وماذا ينبغي على الرئيس عبدربه منصور هادي أن يقوم به من أجل انفاذ هذه القرارات؟ ومواجهة كل من يتمرد عليها أو يماطل ويتلاعب في تنفيذها؟ وماذا يجب على كل القوى الوطنية والمدنية أن تقوم به في حال حدوث ذلك؟ فلابد أن تخرج من صمتها ومهادنتها، وأن تكون واضحة وصريحة وأن يكون لها دور مؤثر في الدفاع عن لحظة التغيير من التآمر والانكسار. فعلينا أن نحترم عقولنا ونحكم ضمائرنا وأن نغادر المنطقة الضبابية كي نرى بوضوح وأفق واسع ومستقبلي، لا أفق ضيق وموبوء.. وأخيراً ماذا يجب على المؤتمر الشعبي العام أن يقوم به وأن يستعد له لمواجهة هذه الاحتمالات بكل الطرق السلمية؟ فلديه كل الإمكانات التي تجعله يقود الجماهير للدفاع عن عجلة التغيير من التراجع، وإنجاح مؤتمر الحوار الوطني، ويضع حداً للطموحات الانقلابية على السلطة، والمخططات الصراعية التي تحاك هنا وهناك. فلا أعتقد أن المؤتمر الشعبي العام أصبح قادراً على أن يقدم المزيد من التنازلات، إلا أن يقدم على حل نفسه.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:05 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-31677.htm