الميثاق نت - الجعاشي/ الميثاق نت

الجمعة, 26-أبريل-2013
محمد علي الجعاشي # -
إضافة الى ما سبق ان ذكر، هذه ايضا نبذة مختصرة من الجذور التاريخية لقضية الجنوب، بعد ان اوجزنا في مقال سابق بعضا من جذورها العميقة عبر الحقب التاريخية منذ 1500 ق. م على اقل تقدير من منطلق الاسهام والمشاركة المجتمعية حول هذ ا الموضوع الذي اصبح يتصدر اولويات الحوار الوطني الشامل بأعطائه المساحة الأكبر والاهمية القصوى على طاولة الحوار، بإعتبار انها قضية تهم كل مواطن مع غيرها من القضايا،

الذي لابد أن يشحذ الجميع هممهم ورؤاهم وأفكارهم وتصوراتهم من اجل وضع الحلول المناسبة لهذه المسألة وبما يحفظ وحدة اليمن أرضا وانسانا، وعدم تجاهل الحقائق التاريخية والحضارية والجغرافية والسكانية لليمن كونه لا توجد لديه ثنائيات عرقية او دينية أو ثقافية... إلخ.
فلو اخذنا مثلا المسألة الكردية في شمال العراق بالرغم انها ثنائية عرقية وثقافية إلا أن الغالبية الساحقة منهم يطالبون بعدم الأنفصال عن العراق الوطن الأم وإبقائهم موحدين ضمن مكونات وطنهم العراق رغم أن الأقليم اصبح منتجا للبترول وغنياً بالزراعة والمياه لأن هذا يصب في مصلحتهم، فبقاؤهم جزء من وطنهم العراق يتيح لهم مساحة واسعة و ساحة مفتوحة امامهم من اجل التطور والأزدهار والثراء فضلا عن بقاء علاقاتهم المتميزة مع اشقائهم في المحيط العربي الذي يعتبر العراق جزءاً منه.

فما هو واقع الحال إذا في اليمن؟
من هذا يستنتج أن الحالة في اليمن تختلف تماماً عن ما هو موجود سواء في شمال العراق او في جنوب السودان أو جنوب افريقيا أو نيجيريا الخ..من الدول ذات الثنائيات اوحتى الثلاثيات، لأن اليمن على امتداد تاريخه السياسي بقي دولة موحدة، فكانت الوحدة هي الاصل والتمزق المرحلي هو الإستثناء، لأعتبار أن اليمن كما قلنا ليس فيها إثنيات عرقية أو ثقافية أو دينية،فقد تميز بوحدة البناء الأجتماعي والحضاري والثقافي والديني عبر امتداد تاريخه، فحالة التجزئة كانت بسبب عوامل خارجية لادخل لأرادة الشعب فيهامن حيث الواقع،وقد تمثلت تلك العوامل الخارجية فيما مضى بالغزو الروماني ثم الاحتلا ل الحبشي، والفارسي والعثماني وانتهاءً بالأحتلال البريطاني.
وقدساهم السلاطين والأئمة من حين الى اخر وبدوافع مصالح شخصيةواسرية في الأنفصال بدءا من عام 7281م م تاريخ تمرد سلطان لحج وانفصاله عن الحكم المركزي في صنعاء وذلك بتشجيع من بريطانيا توطئة لأحتلالها لعدن في عام 8391م، وعلى الرغم من ما مر به اليمن من حالة التجزئة في بعض الفترات التي مثلت مرحلة شاذة ومرحلية من تاريخه وكما قلنا بسبب العامل الخارجي أساسا فقد ادى الى ان يشطر اليمن الى شطرين شمالي وجنوبي،إلا أن ذلك لم يغير من حقيقة البناء السياسي والمدلول الحضاري والتاريخي والأجتماعي والثقافي والديني الموحد لليمن الأمر الذي كان له الدور العظيم في إعادة توحيده في مايو 1990م، والذي كان حلماً يراود اليمنيين وكل العرب، وما ان تم تحقيقه حتى ظهرت بعض السلبيات و العراقيل والنواقص، فظهرت الكثير من الفجوات والثغرات سواء كانت من قبل الوحدة أو من بعدها، الأمر الذي ادى كما قلنا الى ظهور ما سمي ب(قضية الجنوب) والتي ازدادت تفاقماً وتعقيداً بمضي الوقت ومرور الأيام ابتداءً بمسألة الأراضي وزيادة البطالة وسوء الأحوال المعيشية، أكان ذلك على مستوى الجنوب خاصة اوعلى مستوى اليمن عامة، أما الأراضي فمشكلتها بدأت مع الاستقلال حيث تمت مصادرة العديد من الممتلكات وتأميم للمساكن والأراضي والعقارات فرحلت هذه المشاكل على ذمة الوحدة.
وبمجرد ان تم ازالة البراميل وازاحة الاسوار والحواجز وفتح الحدود امام المواطنين تدفقت الامواج البشرية بشوق عارم إما نحو الجنوب او نحو الشمال وكل واحد يحمل حصيلته لكي يستثمرها في هذا المكان او ذ اك، ومع الأسف الشديد فقد كان للسياسة الأقتصادية المتبعة حينها القائمة على النظام الأشتراكي قد اوصلت المواطن في الجنوب الى الدرجة صفر، فلم يكن لدى ابن الجنوب من حصيلة لكي يستثمرها في هذ الجانب اوذاك، ففاز بقصب السبق من جاء بحصيلته سواء من ابناء الجنوب انفسهم الذين جاؤوا بحصيلتهم من اقاصي بلاد الأغتراب أو من ابناء الجزء الشمالي فأنقضوا جميعا على شراء الأراضي واستئجار الأسواق والمحلات التجارية والورش والمطاعم الخ..، او كانوا حرفيين مهنيين تمرسوا في الأغتراب وزاولوا مختلف المهن، فوقع الأخوة القاطنين في البلد بين طرفي كماشة،لأنه كما قلنا الظروف الأقتصادية التي كانت قائمةوتعتمد على الجمعيات التعاونية المدعومة ورواتب محدودة ساهم النظام نفسه في تخفيضها وتحديدها عشية الاستقلال في1967م الى الحدود الدنيا واستمرت على نفس النهج والمنوال،فوقع سكان الجنوب بين المطرقةوالسندان يعانون تفاقم الاوضاع حتى اللحظة،ولذلك فأن الوحدة لاتتحمل أوزار من أخطأوا في السابق اواللاحق فهي بريئة براءة الذئب من دم يو سف.
لهذا جاءت القرارات التي اصدرها الأخ رئيس الجمهورية في وقتها وفي مكانها المناسب بتكوين اللجان لكي تنزل ميدانياً لتحل مشكلات المسرحين أو حل مشكلة الأراضي والتي باتت اشبه با لطلاسم ( كان الله بعونهم ) فذلك هو المدخل الصحيح والصائب لتعيد للناس حقوقهم ومطالبهم ورفع المظالم عنهم وبالتالي تعيد للوحدة وهجها وبريقها ومكانتها في النفوس وفي القلوب.
غيرأن البعض من تلك المطالب والحقوق سلماً يصعدون عليه لتحقيق بعض(المطامع والمطامح) خاصة لدى بعض الفئات،اوبعض الأشخاص الذين ادمنوا السلطة والتسلط سواء في الماضي اومن المتطلعين اليها في الوقت الحاضر من الطراز القديم و الجديد.
لهذا فمن كان لديه اليوم مطامع او مطامح عند هذا الطرف او ذاك عليه ان يراجع حساباته وان يكبح جماح طمعه ومطامحه، لأن الثروة قد تزول والنعيم لا يدوم ولكن تبقى المحبة وتدوم الأخوة التي هي أثمن من كنوز الأرض خاصة لدى اليمانيين الذين وصفهم الرسول عليه الصلاة والسلام ب(الأرق قلوباً و الين أفئدةً) وهي طبعا ترققت بالإيمان وبالمحبة وليس بالمناصب وبالثروة.
إن الامل اليوم منعقد بعد الله با لأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي - نسأل الله له العون والتوفيق -، فقد ازداد الشعب طمأنينة وثقة به وأ ن ما يتخذه من قرارات هو في مصلحة الشعب ومصلحة اليمن فهو يقف على مسافة متساوية من الجميع مما اكسبه الدعم والتأييد سواء على المستوى الداخلي اوالخارجي او الدولي وانه بإذن الله سيقود السفينة الى بر الامان وشاطيء السلام.

# كاتب يمني مقيم بالسعودية.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:02 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-31869.htm