إعداد: محمد الجرادي- وليد علي غالب- توفيق الشرعبي- نجيب شجاع الدين.. - الميثاق الوطني أول وثيقة وحـــــدوية
ينبغي التركيز على الثقافة الوطنية للأجيال الجديدة
نتجه إلى مضمار العمل السياسي الذي يحقق الاحتراف
< ببساطة متناهية غير منقوصة من عمق المعنى ودلالاته التي عادة ما نتوهمها في كثير من شعارات وعناوين يصنعها أصحابها تكلفاً وتصنعاً، عنون معهد الميثاق للتدريب والدراسات والبحوث فعاليته التي أنجزها أمس الأول بـ»الوحدة في عامها السابع عشر«.
بساطة عنوان الندوة التي افتتحها -الاستاذ عبدالقادر باجمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي- أخفت وراءها ملامسة مقتدرة لمحاور وموضوعات الفعالية »الندوة« لكنها كاشفت المشاركين من المتحدثين والمستمعين.. باغراءات الانتباه الى اضاءات جديدة وسياقات أجد في الطرح والتناول..
باجمال في افتتاح الندوة:
الميثاق الوطني أول وثيقة وحدوية حقيقية مقارنة مع كافة وثائق القومية والأممية والإسلامية
< قراءة جديدة.. أضاء بها الاستاذ عبدالقادر باجمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام أعمال افتتاح الندوة.. وهي قراءة جديرة بالتوقف عند مضامينها واستخلاصاتها في ما يلي نصها:
أيها الإخوة الكرام المجتمعون اليوم في هذا المعهد الذي تأسيس تحت اسم الميثاق الوطني.. الميثاق الوطني الذي مثل أول وثيقة وحدوية حقيقية بالمقارنة مع كافة الوثائق التي عرفناها للأحزاب السياسية القومية والأممية والإسلامية.
ليس مجالاً للمقارنة، ولكنه بالمطلق نستطيع أن نقول بأن أول وثيقة تحدثت بعمق فكري وسياسي وأيديولوجي هي الميثاق الوطني، فلم يكن الميثاق الوطني إلا من صنع رجال آمنوا بالوحدة، وجعلوها قضية أساسية من قضايا الشعب اليمني بأسره بكل فئاته، وبكل تلاوينه السياسية وبكل أجياله المتعاقبة.
لم يكن مفهوم الوحدة على الإطلاق مفهوماً موحداً لدى اليمنيين في ظرف معين، وإن كان هذا المفهوم مفهوماً واضحاً ومحدداً في ضمير الشعب اليمني بأسره لكن لدى النخبة، ولدى السياسيين الأمر مختلف، والأمر مختلف بسبب بسيط أننا جئنا، وأكثرنا جاء في عذاب المد النهضوي الذي شهدته مع بدايات التحرر الوطني من أجل الاستقلال، من أجل التحرر، وجدنا أنفسنا امتداداً لفكرنا القومي على مستوى حركة القوميين العرب، أو على مستوى البعث أو على مستوى الحركة- أيضاً- الدولية الأممية الاشتراكية، أو على مستوى الحركة الإسلامية، المتمثلة في الأساس في تيار الإخوان المسلمين- إذا صح التعبير بهذا الشكل.
وعندما نقرأ موضوعات الوحدة سنقرؤها من زوايا مختلفة وفقاً للمنابع الفكرية والسياسية لهذا الحزب أو ذاك، ثم عندما تحول هذا الحزب أو ذاك إلى نظام حكم بعد الاستقلال الوطني أصبح أيضاً هذا المفهوم كثيراً معقداً إلى أبعد حدود التعبير.
وخصوصاً _أقولها بصراحة- ليس نقداً ولكن قراءة محملة بهموم الوطن ككل لما جرى من انقلاب في عام 1969م في 22 يوليو بما معناه أنه تم تلوين النظام السياسي الشطري في الجنوب تلويناً أيديولوجياً معيناً أي نظرته للوحدة غير نظرة أولئك أوائل الذين استلموا استقلال الوطن.
هذه مسألة مهمة جداً للتحدث عنها وسوف نجد أن لكل تيار سياسي مشروعه الخاص في مفهوم الوحدة من جهة، ومشروعه الخاص في إقامة الدولة الشطرية أو القطرية من جهة أخرى، نجدها عند البعث الذي تحدث عن الوحدة بأنه يقيم نظامين كاملين لا يتوحد بداخله،ولكنه يريد أن يبتلع الآخر، ونرى أيضاً أن حركة القوميين العرب تريد أن تعطي نموذجاً وسطياً بين المصريين في مصر عبدالناصر، وبين البعثيين في سوريا والعراق، ولكن ما حدث في 1969م كان تحولاً خطيراً في كل الحركة السياسية،وفكرها القومي في ذلك الوقت، ناهيك عن فكرها الوحدوي الوطني.
نجد الأمر معقداً كثيراً؛ إذْ أصبح هناك من يسعى إلى إقامة النموذج الخاص به وبالتالي هذا النموذج الخاص به يتلون بتلوين الأيديولوجيا بتلوين السياسية. أيضاً يتلون بموقع هذا النظام، أو هذا الحزب في منظومة الصراع الدولي، والحرب الباردة. نجد أيضاً أننا أمام إشكاليات كثيرة بل نتيجة نحو الواقع اليمني بصورة مباشرة، حتى لا أراه إلا معاداً أو معاراً من قبلنا، ومكروراً.
حرب باردة بمفاهيم مختلفة
في مفهوم الوحدة اليمنية لدى التشكيلات السياسية أو وجوده على الساحة اليمنية ككل نجد الصورة التالية واضحة لنا كل الوضوح، حرب 1967م العدوانية على مصر والأمة العربية من قبل إسرائيل كانت فيصلاً مهماً في قضية الفكر القومي وفيصل مهم في قضية الموقف السياسية بصورة عامة لكل القوى، بل وُجهت للحركة القومية وللناصرية على وجه الخصوص، ثم يليها البعثية ربما كمرحلة ثانية بصورة ثانوية، وجهت ضربة للفكر أو المواقف السياسية الوحدوية، أو المفهوم الإقليمي العربي أو للعروبة أو لما يمكن أن نسميه للقومية العربية بصورة عامة، هذه الإشكالية التي كانت موجودة ليست بعيدة على الإطلاق عن الصراع الدولي في المنطقة،وعلى وجه الخصوص ما سمي لاحقاً في مفهوم الفكر السياسي بالحرب الباردة، ليس بعيداً عن هذا بالإطلاق، والحرب الباردة أديرت مباشرة ولكن بواسطة مفاهيم مختلفة وبواسطة مندوبين كاملين لهذه القوى؛ سواء كان على مستوى الدول أو على مستوى التنظيمات السياسية والفكرية.
لا نجد في ميثاق حركة القوميين العرب وبدرجة أساسية في حركة جبهة التحرير، أو حتى في التي هي أصلاً امتداد أو خليط من الناصرية على البعثية في معظم الأحيان، حسب الأحوال، وإنما كانت بدرجة أساسية الضربة القاصمة، كانت من أجل إيقاظ التضامن القومي أن يذهب عبدالناصر لليمن خارج حدوده، ينبغي أن يوقف هكذا، كما أوقف محمد علي باشا، يكتفي بحدود مصر، وأعاد الكرة مرة أخرى صدام حسين عندما دخل الكويت.
لن يسمح لأحد في ظل الحرب الباردة، سواء كان شرقاً أو غرباً أن يكون ثمة تفكير خارج حدود الإقليم أو خارج الحدود القطرية.
بدأت المسألة مبكراً وليس من اليوم هذه القضية معروفة تماماً، حتى في نهاية المطاف. في الحرب العالمية الأولى والثانية، جرى إغلاق منافذ الزحف القومي من دولة لأخرى كما حصل بين ألمانيا وفرنسا، رغم الاحتلال الذي دام أربعين سنة "لبزاسلورين" وما فعل الفرنسيون وتراثهم ما فعلوا شيئاً أيام "نابليون" الثالث سوى أن وضعوا شريطاً أسوداً فقط على قوس النصر إشارة إلى أن هذا القوس حزين وأن جزءاً من التراب الوطني ذهب.
جاءت التأثيرات المباشرة للحرب الباردة على قضية الوحدة اليمنية بصورة مباشرة هي من منظورين رئيسين: منظور ألمانيا الشرقية التي كان لها نفوذ فكري وأمني وسياسي في الجنوب بعد 22 يونيو 1969م.
والثاني المنظور الفيتنامي والآخر المنظور الكوري القائم حتى هذه اللحظة كان المنظرون يرون بأنه يمكن اعتماد أحد النماذج الموجودة فكان النموذج الأول هو تكريس لفكر يقول بأن الاشتراكية المنتصرة تستطيع أن تسحب الرأسمالية المنهزمة في أحد الشطرين لا اشتراكية منتصرة، ولا رأسمالية منتصرة، الكل مهزوم أمام الشعب اليمني الذي يريد الوحدة بعيداً عن الأيديولوجيا بعيداً عن الفلسفات..
بل أن الواقع اليمني نفسه فرض وجوده على كافة الحركات كلها منذ 1948م إلى اليوم بأنه دائماً يفرض حضوره في هيكلياته وبناءاته الفكرية والسياسية والاقتصادية وبصورة عامة، فهي متخلفة مهما تلونت ومهما أعطي لها من تلاوين كان المفهوم الذي ساد في أدبيات الجبهة القومية التنظيم السياسي الموحد الذي دخلت فيه فصائل عمل وطني كما تفهم في ذاك الوقت بأنهم البعثيون والاتحاد الشعبي الديمقراطي وهما ماركسيان ولكن ماركسيان مستنيران إذا أخذنا بصراحة فكر عبدالله باذيب بدرجة أساسية من تأصيله لمفهوم الوحدة اليمنية وفي مقال له كتبه بعد مرور عام عن ثورة 26 سبتمبر 1962م قال وقتها -للثوار في صنعاء- يفهم حقيقة معنى الثورة في مجتمع متخلف، ويفهم حقيقة ما هي متطلبات هذه الثورة، هذه وثيقة مهمة جداً كتبت منذ وقت مبكر قبل ثورة 14 أكتوبر كان مفهوماً بدرجة أساسية أنه أولاً الوحدة الوطنية الداخلية هي الشرط الأساسي لأي وحدة، وأن التحالف تحالفات مهمة جداً في إطار جميع الطبقات والفئات الاجتماعية، كان مهم جداً، وكان يرتكز بدرجة أساسية على البرجوازية في المدنية باعتبارها المنطلق الرئيسي لتكوين مجتمع حديث، سماها _هكذا- برجوازية المدن، لأنه يرى في برجوازية ما.. لا يرى في الريف برجوازية، بل يرى مفهوماً آخر وتشكيلات أخرى مثلما قبل الإقطاع في ذاك الوقت حسب مفهومه هو.
قراءة خاصة
أنا الآن أحاول أن اقرأه رغم أن لي قراءة خاصة لكن هكذا بدأ التفكير أنه في 1967م تخرج القوات المصرية وعلى وجه الخصوص.. لاحظوا -مهم جداً ملاحظة أنه في الساعات التي يخرج فيها آخر جندي مصري من ميناء الحديدة يخرج آخر جندي بريطاني من عدن، هل هذه صفقة؟ وكيف.. دولية، أم إقليمية؟!! في ذلك الوقت القوى الإقليمية ضعيفة في 1967م لا تستطيع عقد صفقات بالكاد تخرج من مشكلة النكبة.. كلنا مهزومون على الأرض وعلى السماء، وفي الوجدان، وفي العقل وفي كل شيء، هذه قضية من المهم جداً التمعن فيها "سايكس بيكو" جديدة في معناها، جديدة لليمن، تقسيم مناطق النفوذ.
الإنجليز يخرجون ولكن يسلمون البلد لمن؟.. ليس للوحدة اليمنية المنتظرة التي ينبغي أن تكون عشية الاستقلال مانعاً للجمهورية اليمنية، جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية نعلنها رأساً دولة واحدة، لكن في ذاك الوقت بعد 5 نوفمبر 1967م، وتعلمون بأن هذا ما يسمى انقلاب 1967م على كل حال هو صراع إقليمي بعثي ضد ناصري ضد عبدالناصر. أول من أذاع البيان تعرفون (يحيى الشامي) وهذه الحقيقة للتاريخ لا تضيع كثير.. ولا نروح كثير.
هذه الحقيقة الباردة التي ينبغي أن نفهمها.. قالوا في حينها وكنت ما زلت مغترباً عاملاً في ورشة أتساءل لماذا لم تقم الوحدة؟ يشرحوا لنا الإخوان في حركة القومية العرب في مدينة الخبر في إحدى العمارات تسمى عمارة "الجفالي" في إحدى الشقق نجتمع هناك.. يأتينا -الله يرحمه تلك الأيام- ماجد شرار كان في حركة القوميين العرب قبل أن ينتقل لفتح، كان يقول لنا إن هناك صعوبات جمة لعدم إمكانية تحقيق الوحدة اليمنية، لأنه حصل أن البعثيين استولوا على السلطة في الشمال، هكذا أو ما معناه أن الجو العام: ما دام في صراع بين عبدالناصر وأصحابه، إذاً البعثيون أتوا وأزاحوا الحركيين كما يسمون في ذلك الوقت- وأنه لا يستطيع أحد أن يسلم سلطة الجنوب الشعبية الديمقراطية- التي هي شعبية وليست ديمقراطية- ولكن دعونا نسميها باسمها الرسمي (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية).. كيف نسلمها والصراع الملكي الجمهوري قائم؟ وعازمتها مسافات أن تكون السلطة الوطنية في الشمال قادرة على أن تصون الوضع كله في الشمال؟ ناهيك عن الوضع الجديد في الجنوب، وهو الاستقلال. هنا مبرر يبدو هكذا للعيان بأنه مبرر معنوي، لكن في نفس الوقت كانت مشاعر الشعب اليمني ورجاله يقاتلون في نقيل "يسلح"، أصحاب ردفان وأصحاب الضالع، وأصحاب عدن، وربما من محافظات أخرى كانوا يقاتلون هنا مع الجمهورية، وفي نفس الوقت جزء من النخبويين يفكرون كيف يقيمون دولتهم، وكيف يقيمون نموذجهم يجوز آخر منذ الشعب الذي يرون أن الشعب اليمني ينبغي أن يتخلص من الإمامة، وأن يتخلص من الاستعمار في آن واحد، ويقيم دولته الموحدة هذه موجودة في تاريخنا المعاصر، وينبغي أن نقرأ قراءة جيدة ولا نطلق الأحكام.
وأنا لا أطلق الأحكام،ولكن أريد أن افتح الأذهان إلى محتويات الفكر الجنوبي السلطوي والذي تواجد في الشمال وفي الجنوب في ظل مفاهيم معقدة دولية.
قلنا إن هناك ثلاث نماذج، أو وحدة أدت الثورة اليمنية إلى مفهوم وحدة اليمن بتكويناته الاقتصادية والسياسية والفكرية.. وليكن في داخل هذه الوحدة ثمة شعار رئيسي نكون فيه موحدين في التنوع ومتنوعين في الوحدة. بالمطلق. تتكون وحدتنا الوطنية الداخلية عند تحقق الوحدة تحت راية واحدة وتحت عمل واحد، وتحت رؤية وطنية واحدة..
ليس مجرد راية.. أيضاً رؤية هذه الرؤية التي لم تختمر بعد ولم تندمج.
قامت حرب صيف 1994م بسبب انعدام الرؤية والفكر السلطوي الشطري الذي كان مازال موجوداً في أعماق أولئك المتمسكين بالسلطة الذين يرون منذ وقت مبكر بأنه فكر وأن شكل النظام السياسي هو شِق قيام الوحدة..
عادوا إليها في 94م وبعد انتخابات، وبعد استفتاء- ينبغي أن يكون الأمر واضحاً- بما معناه أن ما ترسخ في الذهن، وما ترسب ترسباً فظيعاً لم يستطع هذا الجيل أن ينزعه من أعماقه فظل حنينه قوياً نحو السلطة، أكثر من كونه شطراً وغير شطر، بسلطة.. بدليل أنه إذا قورنت السلطة بالوحدة فلتكن السلطة ولو بالتشطير.. هكذا كانت الأمور كلنا عرفناها وكلنا عشناها.. لكن الشعب اليمني فرض نفسه وقواه المسلحة وقواه الحية الوطنية السياسية المدنية بكل أشكالها؛ حتى التقليدية منها.
وقفت موقفاً تقول: (لا) لا عودة عنها.. لا رجعة فيها.. الوحدة هي قدرنا هي مصيرنا، هي غايتنا هي مستقبلنا..
من القريب إلى الحاضر
لننتقل من تاريخ قريب إلى تاريخ حاضر .. إذا نظرنا الوحدة في ظل مفاهيم دولية، وإقليمية بل في ظل سياسات تشهدها المنطقة والإقليمية. كان ثمة رأيان هما:
- ما هو دور الوحدة اليمنية في حركة السياسة والاقتصاد والفكر والأمن والاستراتيجيات للجزيرة العربية.. هناك من قال وهم جماعة في جامعة ( جيري تاون ) انقسموا قسمين، من يقول إن الوحدة جاءت من أجل إقلاق أمن المنطقة، وتُسيِّر لهذه المنطقة عملية صراعات لا نهاية لها، وأنها ستكون عملية مقلقة للغرب ومصالحه الكبرى في الجزيرة العربية، وعلى وجه الخصوص إنتاج البترول.. وهذه الدولة الصغيرة التي ليس لديها بترول قبل الاكتشاف، ما الذي يهمها. قال إنها تعمل لمزيد من الفتن وتطرح نفسها عنصراً من عناصر الفوضى.. ليس لديها ما تخسره.. بل تشعر أن هذه الفوضى كما يسمونها الآن الفوضى البناءة، وهي في الحقيقة فوضى إخراج أمريكي سينمائي.. يضحكون علينا بها. أكثر من كونه إخراجاً فكرياً وسياسياً.. عمرنا ما رأينا هذه الفوضى البناءة الموجودة في العالم إلا في حالات معدودة جداً،عندما تصبح في عزلة بين الفكر وبين الواقع الإنساني والحياتي.
- الرأي الثاني يقول -بشكل واضح- بأن الوحدة اليمنية ستكون عنصراً بناء بطبيعة الحال في وحدة الجزيرة العربية، وأنها بحاجة إلى جيرانها، وأنها عندها مشكلات قديمة تستطيع أن تحلها الآن في دولة الوحدة، وبالذات في قضايا الحدود.. وأنه كما قال أحد الباحثين في المملكة العربية السعودية.قال: ليس بيننا وبين اليمن غلافاً سياسياً.. أي باعتبار أننا جمهوريون وهم ملكيون.
هذا ينبغي إذا أصلحناها صلح كل شيء.. وهذا أحد المفكرين قال هذا الكلام.. وأرسل لي وثيقة جميلة جداً تحليلية لهذا الأمر بأن هذا وهم لدى بعض النخبة .. بأننا نحن سنعمل فتنة في داخل المنطقة.. الديمقراطية جاءت من منطق آخر تفرضه ظروف أخرى محلية وإقليمية ودولية ليس اليمن.. لكن اليمن أصلاً، والإخوان يدركون في الجزيرة العربية ككل أن اليمن لامناص لها إلا بالديمقراطية في ظل وحدتها.. لأن الضمانات الأساسية للوحدة هي الديمقراطية.. هذه قضية مهمة جداً والتالي لو كان ثمة خيار آخر غير الديمقراطية من أجل صون الوحدة لاختير هذا الخيار.. وهذا في حقيقة الأمر خيار الديمقراطية لتجنب الفوضى التي يقال عنها بأنها فوضى بنّاءة.
إذا رجحت كفت هذا الرأي بأن اليمن سيكون داعماً أكثر للأمن والاستقرار في المنطقة.. وكانت السياسة واضحة.. فلن يتركوا اليمن أن تفعل هذا الفعل في منطقة مثل الجزيرة العربية، واشتعال النار فيها ليس أمراً بسيطاً.. اشتعال النار معناه حريقة كبرى كما حصل في قضية الكويت والعراق.. بعد ذلك العراق وبعد وبعد.
إذا في هذه الحالة تبقى الوحدة اليمنية عنصراً ليس فقط مفيداً ومصيرياً، لكن أيضاً مفيداً ومصيرياً للجزيرة العربية.. واطمئنوا ولفترة طويلة كان هذا الوهم المطروح أن اليمن يمكن أن تكون عنصر قلق للجزيرة العربية.. كانت المواقف في 1994م كما رأيناها.. بين مشكك وبين واثق من الموقف.. لكن بعد ذلك تأكدت بعد 1994م مباشرة في فبراير، رمضان يوم (27) وقعت مذكرة التفاهم اليمنية السعودية. هنا وضعت أفكار الوهم أوزارها.. وبدأت تحقق فكرة اليقين من أن الوحدة اليمنية هي عنصر أساسي في دعم وحدة الجزيرة العربية.. ولم تمض خمس سنوات، إلا ووقعت اتفاقية معاهدة الحدود، وكان هناك ظرف تاريخي معين هذا الظرف التاريخي المعين خدم قضية التوقيع، وهي نضج الموقف السياسي ككل، وشجاعة القيادة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، وقيادة المملكة العربية السعودية، هذه اللحظات التاريخية التقطت، وكهذا جاءت لتحقق يقين آخر.. هذا اليقين يقول إن الوحدة اليمنية جاءت لتضيف شيئاً للجزيرة العربية ولا تكون عبئاً عليها.
اليوم في رؤيتنا للمستقبل إذا نظرنا للوحدة في رؤيتنا للمستقبل فإنَّ ما نراه الآن مع مجلس التعاون الخليجي يبشر أيضاً باستمرار هذه النظرية، بل ويكرسها، بل ويجعل منها واقعاً أصبح حياً وثابتاً في وجدان الناس، وفي عقولهم وتفكيرهم..
إننا لا نستطيع أن نذهب بعيداً للعولمة قبل أن نحقق الأقلمة ولا نستطيع أن ننظر إلى داخلنا فقط كجزيرة منعزلة دون أن ننظر إلى موقعنا في الجزيرة العربية، وتكون هناك منظومة حقيقية للجزيرة العربية تكون اليمن فيها عنصراً فاعلاً ببعده التاريخي والوطني وبعده الشعبي.. والسكاني وأيضاً بعد الثروة والإطلالة على أكثر من بحر.. البحر الأحمر، وعلى خليج عدن وعلى البحر العربي.. هذه هي أيضاً ركن مهم جداً في الـ"جيوبولتك" هذه هي القضية الأساسية وبالتالي فإن رؤيتنا لإقليم الجزيرة العربية هي واقعية ليست فيها شطط وليس فيها خيال، وليس فيها غلو، واقعية تمام الواقعية.. وبالتالي يعلم الإخوان في الجزيرة أنه أصبحت الألفة أو على الأقل التكامل والشراكة كما تحدثنا عنها فور توقيع الاتفاقية مع المملكة العربية السعودية بأننا سوف ننتقل من الجيرة إلى الشراكة هذه بالضرورة ومقتضياتها.
نحن اليوم نحتفي بالعيد السابع عشر لهذه الوحدة اليمنية العظيمة المباركة، ويحق لنا وليس وحدنا أن نحتفي، ولكن تحتفل معنا كل منظومة الجزيرة العربية والخليج، لأننا جئنا إليهم وجاءوا إلينا عن قناعة كاملة بأن مصائرنا هي مصائر واحدة..
العيدروس:
نتجه إلى العمل السياسي النوعي المحقق لاحتراف ممارسة الأدوار الوطنية
< كما ألقى الأخ محمد حسين العيدروس - عضو اللجنة العامة- مدير معهد الميثاق للتدريب والبحوث والدراسات كلمة في الجلسة الافتتاحية لندوة.. فيما يلي نصها:
في البداية نرحب بكم أطيب وأجمل ترحيب في هذه الندوة التي نعتبرها ايذاناً بإعادة نشاط معهد الميثاق للتدريب والدراسات والبحوث الذي ظل زمناً في حالة ركود ولم يواكب حراك الساحة اليمنية الفكرية والسياسية والتنموية.. ولكننا اليوم نجد أنه آن الآوان لهذا الصرح أن يعاود ممارسة أدواره بفاعلية ومسئولية تتوافق مع طبيعة التطورات التي تشهدها ساحتنا الوطنية بشكل عام وساحة المؤتمر الشعبي العام بشكل خاص.
وكما تعلمون أيها الأخوة والأخوات أن تأسيس معهد الميثاق جاء بعد مدة قصيرة جداً من تأسيس المؤتمر الشعبي العام، ليس بصفته كياناً ثانوياً استعراضياً بقدر ما كان يمثل ضرورة ملحة في تلبية احتياجات الساحة الوطنية من الوعي الثقافي والفكري، والانساني، فضلاً عن مهمته الأساسية في بلورة التصورات لاتجاهات الاحتياجات التنموية للواقع اليمني بمختلف قطاعاته.. وهي مهمة أوكلت للعقول المبدعة، والطاقات الخلاقة من أبناء شعبنا اليمني الذين لطالما سبقونا الى أروقة هذا المعهد، وبذلوا قصارى الجهد لإنجاح المهمة المناطة بهم.
اليوم.. ونحن نتجه بتجربتنا الرائدة -المؤتمر الشعبي العام- الى مضمار العمل السياسي النوعي، الذي يحترف فيها الجميع ممارسة أدواره الوطنية، والقيام بواجباته ضمن الحدود العليا للمسئولية.. وأصبح لزاماً علينا تفعيل أداء هذه المؤسسة- معهد الميثاق- وتطوير أدواتها، وآليات عملها كي لا تكون متخلفة عن ركب المؤتمر الشعبي العام، أو تقف معيقة لبرامجه وتطلعات قيادته السياسية.. فنحن نراهن على نهضة شاملة وليست نهضة جزئية لأن قيادة المؤتمر الشعبي العام تنطلق من واقع حقيقة أن المؤتمر الشعبي العام هو الحزب الرائد على الصعيد الحكومي، والسياسي، والمجتمعي المدني، وبذلك فإنه النموذج القدوة لبقية القوى السياسية الوطنية الذي ينبغي به تقديم تجربة واعية ومتوازنة، ومرتكزة على مناهج علمية، وفكرية وليست مجرد اجتهادات وضرب من التأويلات لواقع الحال السياسي الوطني.
لقد قطعنا خطوات مهمة على طريق اعادة نشاط هذا المعهد.. وكان للحرص الكبير الذي ابدته قيادة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام، ثم الدعم اللامحدود والذي قدمه الاستاذ عبدالقادر باجمال الأمين العام للمعهد من أجل تمكينه من إعادة نشاطه دوراً مهماً للغاية في الوصول الى هذا اليوم الذي ندشن فيه أولى انشطتنا الفكرية لتأتي متزامنة مع الذكرى السابعة عشرة لعيد الوحدة المباركة في الـ٢٢ من مايو ٠٩٩١م، التي أرست قواعد جميع تجاربنا الديمقراطية التعددية، وأعادت للانسان اليمني اعتباره الوطني.. وأضحت مرتكز كل ما نحققه اليوم من انجازات من مختلف ربوع يمننا الحبيب.
إننا متفائلون بمشاركتكم الكريمة، وتفاعلكم مع هذا النشاط الفكري ونؤكد لكم أن معهد الميثاق سيكون لكل العقول اليمنية المنيرة، ليرعاها وليستفيد من خبراتها في آن واحد.. من أجل أن تصب كل الجهود الوطنية المخلصة والمبدعة في مجرى واحد نحو »يمن جديد.. مستقبل أفضل« التي حملها البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ الرئىس علي عبدالله صالح والتي هي غايتنا جميعاً وشرف لنا جميعاً.
|