الإثنين, 29-أبريل-2013
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -
< يتحدث التجمع اليمني للاصلاح عن فشل النظام السابق في إدارة مشروع الوحدة، وقد كان جزءاً مفصلياً من ذلك النظام، بل وسبباً جوهرياً في فشل المشروع الوحدوي من حيث معارضته للمشروع الوحدوي ومنطلقاته الحضارية والنظرية، ومن حيث الفتاوى وتحويل الجنوب بعد حرب صيف 94م الى غنيمة.
جذور الفشل لمشروع الوحدة تعود الى نتائج حرب صيف 94م التي جاءت بالتجمع اليمني للإصلاح بدلاً عن الشريك الأساسي في تحقيق مشروع الوحدة وهو الحزب الاشتراكي اليمني، وقد اتخذ الاصلاح من مشروعية الانتصار في الحرب ذريعة في استباحة كل المقدرات الوطنية في الجنوب من مال وعتاد وسلاح وأرض ووظيفة ومقرات وعقارات ومبانٍ، وقد أثرى الكثير من رموز الإصلاح تحت مبرر الغنيمة.. ومايزال الحال يسرد لنا تفاصيل المرحلة في وجوه عدة.
ولعل المتأمل في واقع الحال الذي أفرزته حالة الفوضى بعد 2011م وسياسة التجمع اليمني للإصلاح وتهافته تحت مبرر وعي الغنيمة على مقدرات الدولة وعلى الوظيفة العامة، وقد يكفي نموذج تعز للتدليل على السياسة والوعي الصحراوي الذي يتبعه الاصلاح في التفاعل الكيميائي مع مفردات الحياة السياسية، ما يحدث اليوم من تهافت وإقصاء هو ذاته الذي حدث بعد حرب صيف 94م، إذ وضع الاصلاح يده على مقدرات شعبنا في الجنوب، وحل بدلاً عن الحزب الاشتراكي وأصبح شريكاً للمؤتمر الشعبي العام منذ 7 يوليو 94م الى ابريل 97م، وفي هذا الاطار الزمني يكمن جذر الإشكالية في القضية الجنوبية إذ تم فيها تسريح الضباط والعساكر والموظفين المدنيين المحسوبين على الحزب الاشتراكي ليحل الكادر الاصلاحي بدلاً عنهم، محدثاً خللاً في نسيج الوحدة من خلال وعي الغنيمة والثقافة الصحراوية، وخللاً في البنية الثقافية من خلال فتاوى التكفير والاستباحة للعرض والمال، ومن خلال سلوكيات التعالي والتمايز المتناقضة مع ثقافة المساواة والخير والعدالة الاجتماعية التي كان يشتغل عليها الحزب الاشتراكي طوال عقود من الزمن في الجنوب.
مثل هذه الحقائق يرميها التجمع اليمني للإصلاح وراء ظهره حين يطلق مثل تلك المغالطات والتصريحات ويكاد ينسى أنه يكرر ذات السلوكيات والممارسات، وكأنه يحسب أنّ الوطن والشعب اليمني بدون ذاكرة، ويقفز على الحقائق الموضوعية التي يعبر عنها الشارع الجنوبي في الراهن المعيش، فالمظاهرات والخطابات والمواجهات دالة على ذاكرة حية ودالة في السياق ذاته على رفض الشارع الجنوبي للإصلاح الذي تجددت فتاواه وخطاباته ولغته الإقصائية ضد معارضي سياساته في عدن التي يحكمها وضد الحراك الجنوبي.
فشل مشروع الوحدة الذي عارضه الاصلاح في بداية تكوينه وأصبح غنيمة له بعد التكوين، وضغط في سبيل تغيير مساره الحضاري الذي توافق الجميع عليه، وأصبح مشروعاً مفرغاً من محتواه الحضاري بعد أن عمل جاهداً على تغيير منظومته الثقافية وأسسه التشريعية، ووقف كحجر عثرة أمام وثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها في الأردن وتضمنت منطلقات البناء الحضاري الصحيح للمشروع الوحدوي، باعتبار الوثيقة كانت تتقاطع في كثير من بنودها مع طموحاته وتهدد مستقبله السياسي ذلك لأنه يعيش حالة من حالات الجمود التي لا يمكنها التفاعل مع المستجدات والضرورات الاجتماعية والثقافية.
لم يكن المؤتمر بحاجة الى تصريحات التجمع اليمني للإصلاح، فقد قدم رؤيته الى مؤتمر الحوار الوطني لمعالجة القضية الجنوبية.. وتقديم المؤتمر لرؤيته تحمل تشخيصاً شجاعاً للقضية الجنوبية.. وتصريحات الاخوة في التجمع اليمني للاصلاح جاءت وكأنها تعبير عن حالة إرباك وصدمة، بل كانت تعبيراً عن عجزٍ عن المعالجة وعجز كاملٍ عن ثقافة المشروع التي يتصف بها المؤتمر من خلال ديناميكيته وتفاعله مع الضرورات.. وظن الاصلاح أن تلك المغالطات ستجعله بمنأى عن المسؤولية التاريخية بل أكاد أجزم أنه اعتبرها هروباً واعياً الى المستقبل، فوقع في ذات الإشكالية التاريخية التي تلازمه كغباء سياسي ما يفتأ يتجدد فيه، فالمطالب الشبابية التي قتلها من خلال منهجية السقوط الاخلاقي والقول بالزحف الى غرف النوم، حدث ما يماثل تلك المنهجية من السقوط والتحجر والتخشب الى درجة السعي الى إفراغ مشروع الوحدة من مضامينه الحضارية والانتقالية والتغييرية كما سلفت الاشارة إليه في السياق.
لقد علَّمنا الشيخ الزنداني ونحن على مقاعد الدراسة في كتاب «التوحيد» أن فاقد الشيء لا يعطيه، ويبدو أننا فهمنا ولم يفهموا تلك العبارة الجدلية ذات الأبعاد الفلسفية والمعرفية، لأننا حتى اللحظة لم نتبين مشروع الإصلاح السياسي ولا نعلم شيئاً عن رؤيته للدولة المدنية الحديثة، وكل الذي نشهده جهاد مستميت في التغلغل في النسيج العام للدولة، فالمؤسسة العسكرية أصبح مهيمناً على جل مفاصلها، والجهاز المدني الإداري للدولة قد بلغ في هيمنته عليه مبلغاً كبيراً، وكأنه يعد لانقلاب ممنهج للانقضاض على السلطة، رامياً وراء ظهره بكل الشعارات التي كان يرددها مع الشباب، بل مايزال رنين صوت أحدهم في أذني وهو يقول إنها جزء من تمام العبادة، وتمام فريضة الجهاد.. فكيف تصبح الآن دون مضمون ثقافي بعد أن أفرغها من مضمونها العقائدي بفتاوى المضرة من الاعتصامات والتي صدرت عن بعض رموزه.. كل شيء له مباح.. ولخصومه الويل والثبور.. ولو كانوا شركاء معه في الساحات.
يبقى القول إن المؤتمر قدم مشروعاً لمعالجة القضية الجنوبية، وسواءً اتفقنا معه أو اختلفنا، فله أجر الاجتهاد.. والسؤال المفتوح على مصراعيه.. ما هو مشروع التجمع اليمني للإصلاح بعد أن طرح المؤتمر مشروعه وأعلن الحزب الاشتراكي عن مشروع لحل القضية الجنوبية على لسان أمينه العام؟!!!


تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-31914.htm