الإثنين, 21-مايو-2007
‬عرض‮/ ‬أحمد‮ ‬الرمعي -
لا يختلف اثنان في أن الذي يقوم به الحوثي وأصحابه من تمرد الآن في بعض مناطق صعدة هو خروج عن الدستور والقانون وقبل ذلك خروج على الدين والمذهب.. كما أن ما يمارسه أتباع الحوثي بدءاً من مشعل الفتنة »المقبور« حسين بدر الدين الحوثي وحتى الفتنة الأخيرة من سفك دماء‮ ‬الأبرياء‮ ‬هو‮ ‬حرب‮ ‬على‮ ‬الله‮ ‬ورسوله‮ ‬واعتداء‮ ‬على‮ ‬النفس‮ ‬التي‮ ‬حرم‮ ‬الله‮ ‬قتلها‮ ‬إلاّ‮ ‬بالحق‮.. ‬تلك‮ ‬النفس‮ ‬التي‮ ‬من‮ »‬أحياها‮ ‬فكأنما‮ ‬أحيا‮ ‬الناس‮ ‬جميعاً‮«.‬ واذا‮ ‬كان‮ ‬الحوثيون‮ ‬يدعون‮ ‬انتماءهم‮ ‬للمذهب‮ ‬الزيدي‮ ‬إلاّ‮ ‬أن‮ ‬هذا‮ ‬المذهب‮ ‬العظيم‮ ‬منهم‮ ‬براء‮.‬ وهذا ما بيَّنه أحد علماء الزيدية الاستاذ محمد يحيى سالم عزان الباحث في الفكر الإسلامي وعضو جمعية علماء اليمن في بحثه الذي قدمه لمؤتمر جمعية علماء اليمن الذي عقد في الخامس عشر من شهر مايو الجاري والذي كان بعنوان: »الخلافات الجلية للحوثي مع مذهب الزيدية«. عرَّف الباحث المذهب الزيدي بأنه واحد من المناهج التي أفرزها التاريخ في ضوء تصورات بشرية في إطار الاسلام.. سُميت بعد ذلك مذهباً.. وهي تهدف الى معرفة حقيقة الدين وليست بدائل عنه، فالعنوان الجامع هو الاسلام، والانتماء المقدس لا يكون إلاّ إليه. كما يشير الباحث الى أن المذهب الزيدي ليس مجرد رؤية فقهية لشخص معين ولا فرقة كلامية قائمة على قواعد جدلية محددة، كما يقدمه البعض ويراه، ولكنه منهج شامل للتجديد والابداع في اطار الفكر الاسلامي الرحب، يلتقي تارة مع هذا وتارة مع ذاك، وهو ما جعله يبدو منهجاً متجدداً‮ ‬قادراً‮ ‬على‮ ‬مواكبة‮ ‬العصور‮ ‬وملاءمة‮ ‬المتغيرات،‮ ‬لا‮ ‬تعثره‮ ‬هيبة‮ ‬المسلَّمات‮ ‬التاريخية،‮ ‬ولا‮ ‬تكبله‮ ‬قيود‮ ‬الموروثات‮ ‬الثقافية،‮ ‬ولا‮ ‬تخضعه‮ ‬ضغوط‮ ‬الأحوال‮ ‬والظروف‮ ‬الاجتماعية‮.‬ التمييز‮ ‬بين‮ ‬الزيدية‮ ‬وأفكار‮ ‬الحوثي > بطبيعة الحال لسنا هنا بصدد التعريف بالمذهب الزيدي وسبر أغواره، بل سنقوم فقط بعرض مخالفات الحوثي وأتباعه لأفكار الزيدية حيث يقول الباحث: »واليوم نجد علماء الزيدية يبينون مخالفة جماعة الحوثي في جملة من المسائل«. بل‮ ‬إن‮ ‬الباحث‮ ‬ذهب‮ ‬الى‮ ‬القول‮: »‬وليكن‮ ‬سائر‮ ‬أتباع‮ ‬المذهب‮ ‬الزيدي‮ ‬في‮ ‬حل‮ ‬مما‮ ‬نتج‮ ‬عن‮ ‬تلك‮ ‬الأفكار‮ ‬والرؤى،‮ ‬ويتحمل‮ ‬الحوثيون‮ ‬وحدهم‮ ‬تبعة‮ ‬ما‮ ‬نتج‮ ‬عنها‮ ‬من‮ ‬حمل‮ ‬للسلاح‮ ‬وخروج‮ ‬على‮ ‬القانون‮«.‬ كما‮ ‬قام‮ ‬الباحث‮ ‬بعرض‮ ‬للأفكار‮ ‬التي‮ ‬تبناها‮ ‬الحوثي‮ ‬حيث‮ ‬أوضح‮ ‬أن‮ ‬الحوثي‮ ‬قد‮ ‬تبنى‮ ‬جملة‮ ‬من‮ ‬الأفكار‮ ‬التي‮ ‬تخالف‮ ‬ما‮ ‬عليه‮ ‬عموم‮ ‬الزيدية،‮ ‬لاسيما‮ ‬تلك‮ ‬الأفكار‮ ‬التي‮ ‬قامت‮ ‬على‮ ‬أساسها‮ ‬الفتنة‮.‬ مضيفاً‮: »‬أن‮ ‬الحوثي‮ ‬وحده‮ ‬ومن‮ ‬ناصره‮ ‬يتحملون‮ ‬مسئولية‮ ‬صنيعهم‮«.‬ ويشير‮ ‬الاستاذ‮ ‬عزان‮ ‬في‮ ‬بحثه‮: »‬أنه‮ ‬عند‮ ‬مراجعة‮ ‬ما‮ ‬تضمنته‮ ‬ملازم‮ ‬وأشرطة،‮ ‬تجد‮ ‬أنه‮ ‬في‮ ‬كثير‮ ‬من‮ ‬المسائل‮ ‬يخرج‮ ‬عن‮ ‬المسار‮ ‬العام‮ ‬للزيدية،‮ ‬ويتبنى‮ ‬غير‮ ‬ما‮ ‬هم‮ ‬عليه‮ ‬بل‮ ‬وينتقدهم‮ ‬فيه‮«.‬ موقف‮ ‬الحوثي‮ ‬من‮ ‬وحدة‮ ‬المسلمين > تحت هذا العنوان كتب الباحث »بينما يسعى علماء المسلمين من الزيدية وغيرهم الى تجاوز المسائل الخلافية وسد أبواب الفرقة والتنازع، نجد الحوثي في ملازمه يُحيي أسباب الخلاف في أسوأ صورها، ويحذر من أي عمل يقرب بين المسلمين ويعتبر ذلك ضرباً من الحماقة« فيقول: -والكلام لعزان- »إنهم -يعني أهل السنة- غير جديرين بأن يكونوا حزب الله، هناك خلل واضح هم لا يكادون يعترفون به اطلاقاً.. فمن الحماقة أن نرتبط بهم أو نفكر بأن بالامكان أن نتوحد معهم«.. انتهى كلام »المقبور« حسين الحوثي، ونعود للعلامة عزان الذي ذكر في بحثه أن الحوثي لم ينس أن ينتقد حتى الزيدية وذلك على تعاملهم مع المذاهب الاسلامية، واحترام ما لديهم واعتبار ذلك تراث جميع المسلمين، فادعى أن كثيراً من أئمة الزيدية ساهموا في تخريب مذهب آل البيت وغرسوا فيه الضلال بسبب اعتمادهم على كتب المذاهب الأخرى، التي هي في نظره كتب ضلال.. ثم يورد الباحث مقتطفات من كلام الحوثي حيث يقول: »كثير من كتب الحديث وأصول الفقه وعلم الكلام والترغيب والترهيب من عند السنية، هذه علوم جاءتنا من عند فئة ضالة فأضلتنا.. أضلتنا فعلاً«. مخالفة‮ ‬الحوثي‮ ‬لما‮ ‬اتفق‮ ‬عليه ‮ ‬الزيدية‮ ‬تجاه‮ ‬الصحابة > تحت هذا العنوان أورد الباحث أن الحوثي أظهر في ملازمه استخفافاً بعموم الصحابة، وضرب بهم أمثلة للضلال لاسيما أبا بكر وعمر.. وعلى سبيل المثال قوله -أي الحوثي: »قلنا سابقاً إن مشكلة أبي بكر وعمر مشكلة خطيرة، هم وراء ما وصلت إليه الأمة، وهم وراء العمى عن الحل،‮ ‬أليست‮ ‬طامة‮«.‬ كما يشير الباحث الى أن الحوثي لم يكتف بسب الصحابة بل إنه ذم علماء الزيدية الذين لا يوافقونه الرأي، واتهمهم بالقول: »عندما امتدت إليهم هبة من الروائح الكريهة من جانب شيعة هؤلاء- يعني شيعة الصحابة- فدخل المعتزلة ودخل السنية، وأصبحوا متأثرين بهم، فكانوا أعلاماً‮ ‬منحطين‮«.‬ وهنا‮ ‬يوضح‮ ‬الباحث‮ ‬أن‮ ‬الحوثي‮ ‬قد‮ ‬خالف‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬مشهود‮ ‬عن‮ ‬أئمة‮ ‬الزيدية‮ ‬وعلمائهم‮ ‬مما‮ ‬يؤكد‮ ‬اتفاقهم‮ ‬على‮ ‬تجنب‮ ‬جميع‮ ‬أنواع‮ ‬السباب‮ ‬ومختلف‮ ‬أساليب‮ ‬التجريح‮ ‬للصحابة‮ ‬مستشهداً‮ ‬بعدد‮ ‬من‮ ‬الأحاديث‮.‬ قال‮ ‬للإمام‮ ‬زيد‮ ‬بن‮ ‬علي‮: »‬ما‮ ‬سمعت‮ ‬أحداً‮ ‬من‮ ‬أهل‮ ‬بيتي‮ ‬يتبرأ‮ ‬منهما‮- ‬يعني‮ ‬أبا‮ ‬بكر‮ ‬وعمر‮- ‬ولا‮ ‬يقول‮ ‬فيهما‮ ‬خيراً‮«.‬ كما‮ ‬يستشهد‮ ‬بحديث‮ ‬آخر‮ »‬عن‮ ‬جعفر‮ ‬بن‮ ‬محمد‮ ‬الصادق‮ ‬قال‮: ‬أجمع‮ ‬آل‮ ‬محمد‮ »‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وسلم‮« ‬أن‮ ‬يقولوا‮ ‬في‮ ‬أبي‮ ‬بكر‮ ‬وعمر‮ ‬أحسن‮ ‬القول‮«.‬ كما تطرق الباحث الى احتقار كتب الحديث والتقليل من شأن السنة التي ذهب اليها حسين الحوثي بقوله: »لكي يتسنى للحوثي وأتباعه العبث بمفاهيم القرآن عزلوه عن السنة، ورفضوا ما جاء عن النبي »عليه الصلاة والسلام« من أحاديث تساعد على فهم القرآن، إلاّ ما وافق هواهم، ولهذا‮ ‬انتقد‮ ‬الحوثي‮ ‬في‮ ‬ملازمه‮ ‬من‮ ‬يقول‮: »‬لو‮ ‬تمسك‮ ‬الناس‮ ‬بكتاب‮ ‬الله‮ ‬وسنة‮ ‬رسول‮ ‬الله‮ ‬لاستطاعوا‮ ‬أن‮ ‬يخرجوا‮ ‬من‮ ‬هذه‮ ‬الأزمة‮«.‬ وفي نهاية بحثه عرف الاستاذ عزان كيف أن الحوثي حذر من دراسة العلوم الدينية والكتب التراثية بقوله: »أكثر الحوثي في ملازمه من التحذير من دراسة العلوم الاسلامية، فتارة يهاجم الفقهاء وكتب الفقه وتارة يسخر من المحدثين، ويحذر من كتب الحديث، وأخرى ينفر عن كتب أصول‮ ‬الفقه‮ ‬وعلم‮ ‬الكلام‮ ‬ويعتبرها‮ ‬سبب‮ ‬الضلال‮«.‬ كان‮ ‬ما‮ ‬سبق‮ ‬عرضاً‮ ‬مختصراً‮ ‬للبحث‮ ‬الذي‮ ‬قدمه‮ ‬الاستاذ‮ ‬محمد‮ ‬يحيى‮ ‬سالم‮ ‬عزان‮ ‬عضو‮ ‬جمعية‮ ‬علماء‮ ‬اليمن‮ ‬حول‮ ‬الضلال‮ ‬في‮ ‬فكر‮ ‬الحوثي‮ ‬ومخالفته‮ ‬لما‮ ‬ذهب‮ ‬إليه‮ ‬علماء‮ ‬الزيدية‮.‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:19 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-3192.htm