عبدالرحمن مراد - < بدأنا نسمع في الآونة الأخيرة عن صراع بين مراكز النفوذ في الرئاسة، وبدأت بعض الصحف الأهلية تتحدث عن تعدد مصادر ومركزيات الإعلام في الرئاسة، كما أننا لاحظنا أن ثمة تناقضات تحدث في الخبر والتصريحات التي تصدر من الرئاسة أو عنها.
وكتب أحدهم متحدثاً عن مرجعيات إعلامية متعددة تتبع الرئاسة وكل تلك المرجعيات تريد أن تكون الأكثر تأثيراً والأكثر نفوذاً في أروقة الرئاسة، ومثل ذلك قد ألقى بظلال قاتمة في ذهن المتلقي والمتابع.
ما ندركه إدراكاً جيداً أن الرئاسة لم تكن بنداً يفرض المحاصصة في المبادرة الخليجية.. وماهو شائع في جل الدول الديمقراطية أن الرئيس يأتي بمعاونيه وبمساعديه من الكوادر التي تكون الأقرب إليه والأكثر تناغماً مع توجهاته وسياساته العامة لإدارة الدولة، بيد أن الذي حدث في الرئاسة اليمنية كان خارج المتعارف عليه وخارج السائد، الأمر الذي جعل الرئاسة وقراراتها وأساليبها الاجرائية في تصادم مع بعض القوى السياسية، ولم تكن قرارات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هي الأولى ولن تكون الأخيرة، فالرئيس - مع تقديري لما يبذله من جهد مضاعف- هناك من يريد ان ينقل منظومة الصراع من ساحات الاعتصام في الجامعة والتحرير الى القصر الجمهوري ودار الرئاسة، وهو الأمر الذي يحاول اعاقة جهود الرئيس في انجاز التسوية عن خلق كتلته الوطنية الساندة لفترة حكمه.
لا يخامرنا الشك في أن الرئيس يحمل همَّ الوطن، وهمَّ الاستقرار وهمّ البناء، وهمّ النماء والتقدم، بيد أن تعطيل المبادرة للدستور حدَّت من جلِ طموحاته، فهو -بحكم التوافق والمبادرة الخليجية - يبقى على الحكومة التي فشلت في تحقيق قدر من النمو الاقتصادي.. مؤخراً تم تناقل اخبار عن محاولات جادة لتغيير حكومي أدركها الشعب وتفاعل معها لكن الرئيس أدرك في السياق ذاته حجم المعوقات التي تحول دون ذلك، فالمبرر كان موضوعياً، ولكن الشعب لا يجد مبرراً كافياً، لذلك فالرئيس يملك القدرة الكافية على تحديث تلك المنظومة ويملك أيضاً القدرة الكافية على إعادة تشكيلها وفق أسس جديدة قائمة على مبدأ التناغم ووفق أسس وطنية من حيث الهدف والبعد الوظيفي الإجرائي، فالرئاسة ومنظومتها الفنية والإدارية هي تعبير عن كل اليمن وكل اليمنيين وليست تعبيراً عن حزب أو جماعة أو طائفة أو تحالف حزبي.
ما يحدث في الرئاسة ليس ظاهرة اجتهادية هدفها رأب المتصدع في جدار الوطن، بل عملية ممنهجة هدفها تفكيك منظومة الدولة، ومحاصرة الرئيس بأجندة تطلعية ترغب في فرض ثنائية الهيمنة والخضوع، ويبدو أن الرئيس قد أدرك مثل تلك الاجندة، وأدرك من يقف وراءها، ولذلك شهدنا الإعلان بإلغاء قرارٍ جمهوري سبق أن تم الإعلان عنه.
ما نرغب في التأكيد عليه أن الرئاسة تمثل رمزية سيادية وطنية.. وتحويلها الى مضمار سباق بين القوى الحزبية جرم لا يقل شأناً عن الانتهاكات الأخرى لسيادة الأوطان.. واحترام الرمزيات الوطنية سلوك حضاري قويم.. وعلى العابثين بسيادة الوطن أن يراجعوا مواقفهم.
|