الإثنين, 10-يونيو-2013
الميثاق نت -   نجيب شجاع الدين -
لطالما سخر البعض من أهمية الحدث الذي انطلق في اليمن في مارس الماضي ووصفه العالم الخارجي بـ«الأمر المدهش».

ولايزال يعبر آخرون وبنبرة حزينة يائسة عن قناعاتهم وشكوكهم في أن اعمال الحوار الوطني ما هي إلاّ إجراءات شكلية لنقاش طويل نتائجه جاهزة مسبقاً وناجحة على كافة المقاييس في تلبية تطلعات الشعب الذي يريد ويريد والذي ينتظر منه المشاركة في الرأي على ما أقره المتحاورون واختيار الاجابة الصحيحة.. نعم أو لا في استفتاء شعبي في الظروف الراهنة تطل نعم أو لا حرفين مشوشين وملطخين بعدة معانٍ انتقالية سياسياً واقتصادياً وثقافياً وغيرها من المفاهيم التي يصعب فهمها، وتبعث على القلق لارتباطها بالمستقبل.

هناك من يسهل عليه اطلاق النار على الاجابة أو قطع الطريق عليها وربما اخفاؤها قسراً وطيها في ملف كقضية جنائية وقد يحيلها قراراً دولياً، نصاً دستورياً، شعاراً صالحاً للتظاهر وتمشيط الشوارع لأجله.

في مطلق الاحوال يوجد أكثر من عبقري يجيد لعبة الخلل الفني دون اعتذار.

عودة الى الحوار.. خلال الفترة الماضية لم يخف حتى المواطن البسيط انزعاجه من مشاهدة شخصيات تحاور وتحاول رسم خطط جبارة تتعلق بمستقبل البلاد والعباد وتبدي استعدادها لتقديم كافة أشكال المساندة والدعم بهدف الوصول الى هذه المرحلة المحددة «وسبحان من خلق الدعممة».

حين تراها تتحدث تنسى في نفسها وماضيها وكأنها في تلك اللحظة الرئيس الراحل انور السادات عندما زار تل أبيب : يأكل رجل وامرأة وطفل وشيخ وشاب مدوا أيديكم للسلام.

الحقيقة أن هؤلاء اعتادوا على أن يمدوا أيديهم للاستلام من الخارج والداخل، حتى قضايا التعويضات يكونون على رأس قائمة المتضررين ورؤساء عملية التوزيع والصرف والحل.

يشكلون جزءاً مهماً في الحياة السياسية بمشكلاتها المملة ومماحكاتها الساذجة، يحكمون ويمارسون المعارضة باحتراف كونهم أصحاب المعارض والشركات في البلاد وبلا منافس وبالا ضرائب.

في لحظات المصارحة والمحاسبة وفتح ملفات الفساد تجدهم عاديين جداً وكأنهم جزء من الطبيعة اليمنية بأراضيها وعماراتها ومزارعها وهوائها وشواطئها والبحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي وجبل النبي شعيب زميل الدراسة وشركائه في الباطن.

تتعدد وتتنوع وتتوسع القضايا المطروحة في الحوار الوطني بلا حساب ولا باب، ورغم الرؤى ووجهات النظر المتعددة الزوايا والاتجاهات المطروحة حولها على الطاولة تبقى النقطة المجمع عليها أن ما سيسفر عنه الحوار أفضل من غيره أياً كان.

لم تخرج بشيء واضح الى اللحظة ولم تدخل جلساته مرحلة العد العكسي لما سيتوصل اليه المشاركون.. حضور بنسبة 70% في الصباح، اضافة الى أن أكثر من عشرة أيام من الوقت الأصلي مرت في اعلانات تعليق الاعمال، التهديد بالانسحاب، التضامن، الاستنكار، ووقفات احتجاجية.. مع هذا يمكن القول إن الجهود الماضية كشفت أجزاءً بسيطة لما سيكون عليه شكل اليمن مستقبلاً.

مجرد مقدمات لا تقود لنتائج مؤكدة وإنما تفتح المجال للتوقعات والمزيد من الاحتمالات.. تتجاوز مستوياتها حساب نقاط الربح والخسارة في مواجهات ودية يخوضها الفريق الأول لكرة القدم.. «لا هدف له إلاّ الهزيمة».

هل سيكون اليمن مجموعة دول أو عدة أقاليم، ولايات، مربعات، مقاطعات.. متوحداً أرضاً وانساناً أم فيدرالياً، كونفيدرالياً، برلمانياً.. الخ، يجرى حالياً تطبيق وسائل الاستفادة من تجارب الدول.

كل ما نتمناه على اعضاء الحوار ألا يفكروا بإجراء بعض التجارب لشكل النظام المقبل على اليمن قبل اختباره بشكل نهائي، إذ يكفي الوطن والمواطن ما تحمله من وزر وعناء في الفترات السابقة، كما أن عليهم ألا يظنوا أن هناك من يعتقد أننا غير سائرين على خطى التغيير من زمن الى زمن وأن الشكل الجديد المنتظر بالنسبة لنظام الحكم للبلاد يستدعي من أحدهم بدء يومه بتعلم اللغة الانجليزية أو الروسية وارتداء البنطلون الجينز ولا حتى اضافة الشال والعقال الى الزي التقليدي فاليمن ليست أمريكا، روسيا، استراليا، الإمارات.. وان كان النظام الجديد المتوقع لا يخرج عن نطاق تجارب الدول الأربع، ومن المستحيل ان يتحول المشائخ إلى «كاوبوي»..

أما فيما يخص الدستور الفرنسي وتطبيقه على اليمنيين بأسلوب القص واللصق فلن ينجح ذلك إلا إضافة اسطورة جديدة تحكى حديثاً عن بلاد واق الواق.





تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-32570.htm