الإثنين, 28-مايو-2007
فـاروق‮ ‬ثابت -
‮ ‬لا‮ ‬فِـرَق‮ ‬الرش‮ ‬وصلت‮.. ‬ولا‮ ‬الطوارئ‮ ‬أسعفت‮ ‬أحداً‮!‬
في منطقتي »شفاء« و»الملاحيط« الواقعتين ضمن محافظة صعدة.. داهمت »الانوفيلس« المواطنين ليلاً وأصابت العشرات بأعراضها الخبيثة.. البعوض الذي روع السكان هناك قبل أسبوع ونيف من الآن لم يحرك له البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا ساكناً! وباستثناء مبلغ رمزي وجه مدير البرنامج بصرفه تحت مسمى »طوارئ«.. »لم يذكر في بنود اللائحة المالية للبرنامج ميزانية معتمدة«!.. وهذا المبلغ مازال حبيس أدراج صندوق البرنامج حتى اللحظة، ولم يصل منطقة الوباء فيما عشرات المرضى المصابين بحمى الملاريا مازالوا عرضة لدغ البعوض والاهمال.
ليست‮ ‬المشكلة‮ ‬حكراً‮ ‬على‮ ‬الملاحيظ‮« ‬و‮»‬شفاء‮« ‬وإنما‮ ‬على‮ ‬معظم‮ ‬المديريات‮ ‬الساحلية‮ ‬والوسطى‮ ‬والجبلية‮ ‬من‮ ‬المناطق‮ ‬اليمنية‮ ‬المقسمة‮ ‬ضمن‮ ‬خارطة‮ ‬وزارة‮ ‬الصحة‮ ‬في‮ ‬مكافحة‮ ‬الأمراض‮ ‬وأماكن‮ ‬انتشارها‮ ‬وتواجدها‮.‬
ولأن انثى »الانوفيلس« لا تستثني أحداً أمامها، فقد بدأت هجومها على المناطق الساحية والوسطى مع ولوج صيف العام الجاري وظهرت بشدة في محور تهامة الذي يشمل محافظات الحديدة وحجة وصعدة المتضمنة ٦٤ مديرية.. في منتصف مايو الجاري داهم الملاريا مديرية »سِلم« في محافظة حجة خلَّف موجة من الحمى والمرض للمئات من القاطنين في هذه المديرية وزاد حدة الآثار الناجمة عن هذا المرض مع ضآلة الخدمات الصحية وشحتها الأمر الذي دفع بمدير مديرية »السلم« بتحرير مذكرة عاجلة الى محافظة حجة تناشدة التدخل في وضع الحلول وتوفير ما يترتب.. شاكياً‮ ‬في‮ ‬رسالته‮ ‬التي‮ ‬حصلت‮ »‬الميثاق‮« ‬على‮ ‬نسخة‮ ‬منها‮ »‬توقيف‮ ‬عملية‮ ‬مكافحة‮ ‬حشرة‮ ‬البعوض‮ ‬المسببة‮ ‬لنقل‮ ‬مرض‮ ‬الملاريا‮ ‬والمنتشرة‮ ‬بصورة‮ ‬مخيفة‮«.‬
❊ »الملاريا« فيروس خطير تفرزه أنثى بعوضة »الانوفيلس« من لعابها اثناء لدغها جلد الضحية ليسري الفيروس في دم الشخص ممهداً لدورته في الدم فارزاً وراءه سموماً تصل الى الدماغ في جسم الانسان خلال فترة لا تتجاوز ٢-٣ أيام حينها تبدأ أعراضها بالقشعريرة والحمى الشديدة وآلاماً في المفاصل والرأس ومن ثم فقد الشهية للطعام تماماً.. وهذه الأخيرة المتعلقة بفقدان الشهية بشكل كلي لدى المريض هي المرحلة الأخطر التي اذا لم يجد المصاب من يرغمه على الأكل ولو لشيء يسير تستحوذ السموم على جميع أجزاء الجسم وغالباً ما تفتك بالمريض ميتاً في حال الوصول الى هذه المرحلة المخيفة.. ومن هنا يكمن الخطر في هذا الفيروس القاتل الذي يبسط جناحيه في مناطق عدة من اليمن خاصة النائية منها والبعيدة عن خدمات الرش التي لا توجد بكثرة حتى في أواسط المدن.
❊ الدكتور عبدالرحيم الشميري -مدير فرع البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا في محور تهامة قال حول »الطوارئ« خارج البند: اقترحنا أن يحدد بند خاص بالطوارئ بحيث تستطيع أن تصرف بسرعة، ولأنه لا يوجد هذا البند في الميزانية الخاصة بالبرنامج الوطني فإن المعاملة تحتاج الى وقت.. رفعنا مذكرة الى المدير العام بخصوص هذا البلاغ حول بعض الحالات في صعدة، وضرورة مواجهة ذلك في أسرع وقت وبصورة طارئة فاستجاب المدير ووجه بصرف مبلغ ثلاثمائة واربع وعشرين ألف ريال من صندوق البرنامج ومازلنا نتابع أمين الصندوق لصرف المبلغ منذ تلقينا البلاغ‮ ‬قبل‮ ‬أسبوع‮ ‬تقريباً‮!‬
❊ وفي الوقت الذي بدأ فيه فصل جديد لمسلسل قوي من هجوم اقوى لملاريا ظهرت مع بداية فصل الصيف للعام الجاري ٦٠٠٢م، مايزال البرنامج الوطني عالقاً في سلسلة من المشاكل والمعضلات التي عزلته تماماً ربما عن محيطه الذي وجد من أجله حينما غاص في دوامة ومعترك من الخلافات‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬يبدو‮ ‬بين‮ ‬مديري‮ ‬الفروع‮ ‬في‮ ‬المحافظة‮ ‬وقيادتهم‮ ‬حول‮ ‬قضايا‮ ‬ومسائل‮ ‬مالية‮ ‬بعيدة‮ ‬عن‮ »‬مكافحة‮ ‬الملاريا‮« ‬ومسائل‮ ‬قد‮ ‬يفهم‮ ‬منها‮ ‬الكثير‮ ‬أن‮ ‬فساداً‮ ‬مستشرياً‮ ‬وراءها‮ ‬والمواطنين‮ ‬يدفعون‮ ‬الثمن‮!‬
‮❊ ‬عبداسلام‮ ‬العاقل‮- ‬مدير‮ ‬عام‮ ‬البرنامج‮ ‬الوطني‮ ‬لمكافحة‮ ‬الملاريا‮ ‬نفى‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬ثمة‮ ‬خلاف‮ ‬بينه‮ ‬ومديري‮ ‬فروعه‮ ‬وقال‮: ‬يا‮ ‬أخي‮ ‬تعاملوا‮ ‬مع‮ ‬الموضوع‮ ‬كأننا‮ ‬في‮ ‬صندوق‮ ‬اجتماعي‮.‬
وأضاف: أولاً مكافحة الملاريا تعتمد على ثلاث استراتيجيات مهمة أولها الرش بالمبيد بالأثر الباقي للمناطق المستهدفة في المناطق الموبوءة، واستخدام الناموسيات المشبعة للأمد الطويل »٥ سنوات«، والتشخيص السريع الصحيح والمتبوع بالعلاج الفوري السليم، وهذه الاستراتيجيات وفقاً لمنظمة الصحة العالمية لا تعتبر الرش اليرقي وسيلة مكافحة لبعوض الملاريا كوسيلة فعالة ومجدية وبالإمكان الرجوع الى كل أدبيات منظمة الصحة العالمية، وتقارير الاشراف من المناطق التي كان يجري فيها الرش اليرقي تشير الى تقاعس العاملين وعدم انتضامية الاشراف،‮ ‬مع‮ ‬الاشارة‮ ‬الى‮ ‬أن‮ ‬الاشراف‮ ‬والرش‮ ‬وإن‮ ‬كانا‮ ‬جيداً‮ ‬فإن‮ ‬نسبة‮ ‬الكفاءة‮ ‬والفعالية‮ ‬لا‮ ‬تساوي‮ ٠٤‬٪‮ ‬من‮ ‬عملية‮ ‬المكافحة‮.‬
وذكر العاقل: أن مكافحة الملاريا في تهامة وموسم الانتقال هو شتوي يبدأ في أكتوبر وينتهي في ابريل من كل عام، ولأن انثى بعوضة »الانوفيلس« تحتاج أن تعيش في ارتفاعات لا تزيد عن »٠٠٥١« متر عن سطح البحر »كفاءة الناقل« فهي لا تستطيع أن تعيش في درجة حرارة أكثر من ٢٣ درجة مئوية وأقل من ٦١ درجة مئوية الى جانب كونها غير قادرة على العيش في المناطق ذات الرطوبة العالية، لافتاً أن درجة حرارة الجوفي محور تهامة حالياً تمنع الرش، حيث أن استمرار المكافحة بالمبيدات ضار ويحتاج الى امكانات وأياد عاملة والمفترض مكافحته في المواعيد المحددة،‮ ‬ومواسم‮ ‬الانتشار‮ ‬فقط‮.‬
❊ مدير برنامج مكافحة الملاريا أشار الى أن المسئولين في الرش اليرقي لا تقع على برنامجه فحسب مبرراً ذلك بالقول: عندما انتشرت حمى الضنك عام ١٠٠٢م، فإن البرنامج قام بالرش في المناطق المستهدفة الى جانب وزارة الزراعة والمساهمة في العملية التي أوقفتها الزراعة حالياً‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬الذي‮ ‬مازالت‮ ‬فيه‮ ‬أعمال‮ ‬الرش‮ ‬قائمة‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬البرنامج‮.‬
وأضاف‮: ‬وزارة‮ ‬الزراعة‮ ‬والاشغال‮ ‬هي‮ ‬المعنية‮ ‬بمكافحة‮ ‬كافة‮ ‬انواع‮ ‬البعوض‮ ‬ما‮ ‬عدا‮ ‬انثى‮ ‬بعوض‮ »‬الانوفيلس‮« ‬العربي‮.‬
وتابع: في الصيف الظروف الحارة قادرة على قتل البعوض لذا لا داعي لأن نقوم بأعمال الرش مراعاة لظروف شخصية ومن ثم نتسبب بكارثة بيئية.. إن ما نقدمه يأتي في اطار الموارد المحدودة مع الأخذ في الاعتبار النتائج المرجوة من التدخل والكلفة المالية المطلوبة.
❊ ٢١ مليون ونيف من السكان واقعون في دائرة انتشار البعوض وأماكن ظهوره وتكاثره ما يعرضهم للاصابة في كل موسم تكاثر غير أن جهود مكافحة الملاريا على ما يبدو لا تكافح شيئاً في ظل الكم المهول من اليرقات وزيادة المرضى والمصابين بل والوفاة نتيجة هذا البعوض القاتل كلما‮ ‬اتجهنا‮ ‬صوب‮ ‬الريف‮ ‬حيثما‮ ‬ضآلة‮ ‬الخدمات‮ ‬الصحية‮ ‬وقلة‮ ‬الوعي‮ ‬وغياب‮ ‬مكافحة‮ ‬الملاريا‮!‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-3284.htm