د.علوي عبدالله طاهر -
عند إقامة ولائم الأعراس، من الطبيعي أن يفرح أهل العريس وأصدقاؤه بالعرس، ويتوافدون إلى دار العريس زرافات ووحدانا، للمشاركة في الأفراح، وهي عادة مستحبة في بلادنا، تساعد على توطيد أواصر المحبة وتثبيت دعائم المودة بين الناس، إذا خلت من مظاهر المباهاة والتفاخر الزائفة، كالذي يحصل لدى بعض الذين يحرصون على التظاهر الأجوف، والتفاخر الكاذب، فيطلقون الرصاص من بنادقهم عند وصولهم الى مكان العرس، أو عند استقبالهم للضيوف، إعلاناً للفرح كما يزعمون،.
وقد ينشأ عن ذلك حصول بعض حالات القتل، جراء بعض الرصاصات الطائشة التي تنطلق من فوهات بنادق بعض هؤلاء المتباهين، من دون قصد، فيذهب نتيجة هذا التصرف الأرعن بعض الضحايا الأبرياء، الذين ربما يكونون من أقارب العريس المحتفى به.
ولقد حصلت جراء هذا التصرف القبيح بعض المآسي التي أحالت الأفراح الى أتراح، وقد وقعت حوادث قتل كثيرة بسبب هذه العادة التي لا تدل على ذوق، ولا إحساس بجمال الأعراس، إذ لا يتناسب ذلك في فرحة العرس وجمال اللقيا بين شاب وشريكة حياته، وليس من اللائق أن يقترن هذا اللقاء بروائح البارود السيئة، ودخانه النتن، وصوته المزعج، فالرصاص -عادةً- يذكّر الناس بالحروب، وما يقترن بها من خراب ودمار.. فهو نذير شؤم وتشاؤم لا يليق أن نسمعه في الأفراح التي يكون الناس فيها في قمة نشوتهم بالعرس، وأسمى بهجتهم بالفرح، وغاية سرورهم بلقاء الأحبة، فهل يليق في أجواء الفرح والابتهاج أن يأتي رجل أخرق فيطلق رصاصة طائشة، تخطئ في وجهتها فتصيب بريئاً لا ذنب له، ولا جريرة، فينقلب الفرح الى ترح، ويتحول العرس الى مأتم.
فمتى يا ترى يكف الناس في بلادنا عن اطلاق الرصاص في الولائم والأفراح؟.. أليس من الممكن التعبير عن الفرح والسرور باتباع وسائل أخرى غير اطلاق الرصاص؟
ومن تلك الوسائل -على سبيل المثال لا الحصر- اطلاق اسراب الحمام الأليف، أو نثر الورود الجميلة الناضرة، أو اطلاق روائح البخور الزكية، أو نثر الحلوى والسكاكر، أو سقي الشراب الحلو، أو ترديد الأغاني الجميلة والتواشيح الرائعة، أليس من الممكن الاقتصار في زف العروسين على الضرب بالدف، وترديد الأغاني والأناشيد والتواشيح الدينية. أليس من الممكن التخلي نهائياً عن اطلاق الرصاص في الأعراس، واذا كان ولابد الاكتفاء بـ»الطماش« أو بعض الألعاب النارية غير الخطيرة.. فليس هناك من جدوى في الاستمرار بإطلاق الرصاص في الأعراس.