< بليغ الحطابي -
امتلأت ميادين المدن المصرية أمس الأحد بالحشود الجماهيرية التي خرجت لتأكيد الشرعية الشعبية التي أطاحت بنظام «الإخوان».
وكان معارضو الرئيس المخلوع محمد مرسي قد خرجوا بالملايين الى الميادين والشوارع للحفاظ علي ثورتهم وتأكيد شرعيتها الشعبية ودحض مزاعم جماعة الاخوان بأن ما حصل انقلاباً عسكرياً.. وطغت الفرحة والاهازيج في الميادين وترددت الشعارات المؤيدة لخارطة طريق المستقبل والمنددة بحكم الاخوان.
ورغم حدوث بعض الاشتباكات بين معارضي ومؤيدي الرئيس المخلوع محمد مرسي إلاّ أن الأمور سارت بسلام حيث أمنت قوات الشرطة ورجال الجيش المسيرات والاحتفاليات ومنعت من احتكاك المؤيدين والمعارضين، وفوتت الفرصة على العناصر الجهادية والتكفيرية من الاخوان ومناصريهم من الجماعات المتشددة الذين سعوا لأعمال عنف وقتل وشوهدوا وهم يحملون القنابل والأسلحة.. وقاموا بإطلاق النار على معارضي الرئيس المخلوع محمد مرسي.
وكانت مصر شهدت خلال اليومين الماضيين محادثات مكثفة بين القوى الوطنية والرئيس الانتقالي عدلي منصور لاختيار رئيس للوزرء.
وأكدت مصادر سياسية أن البرادعي طلب اعفاءه من تحمل مسئولية رئاسة الحكومة الانتقالية.. بعد أن رفض حزب النور الموافقة عليه لرئاسة الوزراء.
وأرجع حزب النور موقفه المتحفظ على رئاسة البرادعي للحكومة الانتقالية لأسباب موضوعية.
وأشارت المصادر الى أنه تم الاتفاق على الخبير الاقتصادي زياد بهاء الدين لتكليفه لرئاسة الحكومة. وتكليف الدكتور محمد البرادعي نائباً للرئيس الانتقالي للشئون الخارجية.. ودعت جماعة الاخوان انصارها وأعضاءها للبقاء في الميادين والاعتصام غداً الاثنين امام مقر وزارة الدفاع في محاولة لعودة الرئيس المخلوع محمد مرسي الى منصبه.
هذا وتتصدر الثورة المصرية وانهيار تنظيم الاخوان المسلمين الاخبار العالمية مع تصاعد حدة المخاطر باتجاه البلاد نحو دائرة العنف عبر نشاط جماعات «الاخوان» في أكثر من محافظة مصرية.. غير أن الآمال تبدو في السير باتجاه تنفيذ خارطة الطريق التي أعلنها الجيش المصري فور اسقاط رئيس الاخوان محمد مرسي أكثر حظاً..
وفي الوقت الذي رفضت الغالبية العظمى من الشعب المصري الذي يقف الى جانب قيادته الانتقالية ويعزز مواقفها بتظاهرات يومية لحماية الشرعية الشعبية.
عدد كبير من التنظيمات الإسلامية،التابعة لحركة الاخوان في العالم.. وصفت ما حدث بالانقلاب العسكري على شرعية رئيس منتخب، وهو الموقف الذي سارع الاتحاد الافريقي لتعليق عضوية مصر دون غيره.
المتحدث الرسمي باسم وزرارة الخارجية المصرية السفير بدر عبدالعاطي، ذكر بأن الوزارة وجهت البعثات الدبلوماسية بكل أنحاء العالم، لشرح وجهة نظر مصر حول تحرك الجيش يوم 30 يونيو، وأنه استجابة لمطالب شعبية وليس انقلابا عسكرياً. وأن الجيش ليس له دور في المرحلة الانتقالية، ويتم تنفيذ خارطة الطريق التي أقرتها النخب السياسية.
هذا وأوقعت أحداث العنف التي شهدتها مصر الايام الماضية حتى أمس الاول السبت، 37 قتيلا، و1404 جرحى.
أخطاء الجماعة القاتلة..
بيد أن الأخطاء ,التي وصفها مراقبون بالقاتلة, التي ارتكبها الإخوان خلال حكم مرسي أحدثت صدعاً كبيراً بينها وبين قوى مدنية وليبرالية وتسببت بتنامي غضب شعبي أنهى حكم مرسي وقاد الاخوان إلى مصير مجهول.
ويرى ساسة وشباب مصريون انه خلال عام من حكم مرسي ارتكبت أخطاء إستراتيجية من قبل الاخوان، انهت حكمهم وقادت النظام بقيادة مرسي إلى الهاوية .
ولم تقتصر هذه الأخطاء على عدم قدرة الإخوان على احتواء القوى المدنية والليبرالية ، بل تخطتها إلى سوء الإدارة وتعمد أخونة مؤسسات الدولة.
ولعل من أبرز أخطاء الاخوان كذلك كان تمريرهم للدستور الجديد رغم رفض المسيحيين وجميع القوى المدنية له، تمريرٌ كان كفيلاً بإحداث صدع كبير بين الإخوان وباقي القوى المدنية والسياسية.
وإلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع معدلات العمل والاستثمار خلال حكم الاخوان فقد تعمدوا تهميش الفئات المجتمعية بما فيها تلك التي صنعت الثورة، الأمر الذي أسهم في انضمام فئات جديدة إلى حركة تمرد، ارتفع معها سقف التوقيعات المليونية التي أسقطت حكم مرسي وجماعته.
الدكتور ثروت الخرباوي القيادي السابق في جماعة الاخوان قال :أن "الجماعة ارتكبت عدة أخطاء، أولها أنها وعدت الشعب المصري بوعود كثيرة، ولكنها خلال عام كامل لم تفعل شيئاً وأنها نكثت بوعدها للشعب وللسياسيين أصحاب الشرارة الأولى للثورة المصرية".
ورأى الخرباوي أن الجماعة اتجهت نحو الصراعات السياسية والهيمنة على كل مفاصل الدولة، وتجاهلت الشعب ومطالبه، فثار عليها.
ليسوا إخواناً ولا مسلمين
ومن جهته، قال الدكتور عبدالستار المليجي، قيادي منشق عن الجماعة، في تفسيره للثورة التي أزاحت مرسي وحكم الإخوان: "إن هذه الجماعة ليست إخواناً، ولكنهم جماعة من التكفير والهجرة، وما جرى مؤخراً بعد عزل مرسي من الرئاسة يؤكد أن مصر كان يحكمها امتداد التنظيم السري للإخوان، الذي يعتمد منهجاً حركياً يختلف عن منهج الجماعة.
ويرى المليجي أنه في يوم 30 يونيو تحولت المواجهة بين الإخوان والسلطات إلى مواجهة ما بين الإخوان والشعب، ولذلك فهو يؤكد أنه "لن تقوم للإخوان قائمة بعد اليوم"، وبالتالي سيلفظهم المجتمع المصري إلى يوم الدين، حيث أصبحت كلمة "إخوان" مرتبطة في أذهان الشعب بالجهل والإرهاب.
وفيما لاتزال الجماعات الإرهابيه في حالة صدمة وتعيش حالة ذعر وغضب مما حدث بعد ان منحهم النظام الاطمئنان والأمان ، والتسلط على كل شيء, والعوده إلي مصر بعد أن كانوا مطاردين في مختلف بلدان العالم.. وتواردت ولاتزال ردود الافعال حول التطورات في مصر، حيث اعتبرت جامعة الدول العربية ما حدث على أنه ثورة جديدة، وهنأت العديد من الدول الرئيس الانتقالي عدلي منصور بمناسبة توليه قيادة المرحلة الانتقالية ومن أبرزها السعودية، الأردن، الإمارات واليمن والمغرب وروسيا وغيرها، باركت أنتصار الثورة المصرية.
من جانبه أكد الاتحاد الأوروبي أن ما وقع ليس انقلابا عسكريا.. هذا وتسود حالة من الفرح بين جموع شباب "تمرد" وجموع الشعب المصري الذين خرجوا الى ميادين التحرير بمعظم المحافظات المصرية.. بهدف حماية الثورة وقد تدفقت الملايين مساء أمس الأحد واحتلت جميع الميادين معلنة بذلك نهاية حركة الاخوان الذين لجأوا الى استخدام العنف والقوة.
حالة عنف.. ولكن
وفي ظل تحذيرات من انزلاق مصر نحو الحرب الاهلية، كما حذر الرئيس الروسي أمس الاحد, نتيجة تعنت المتطرفون بانتزاع مايعتبرونه حقهم الشرعي في حكم مصر..أبدى مراقبون انبهارهم بقدرة الشعب المصرى على إسقاط ثانى رئيس فى غضون عامين ونصف، وقالت هالة اسفندياري، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز ودرو ويلسون الأمريكى، إن الأسبوع الماضى فى مصر كان لحظة آخرى لحبس الأنفاس فى تاريخ العالم العربى.
الى ذلك شن مسلحون اخوانيون ينحدرون من عدة دول عربية وافغان بشن هجمات على مراكز الشرطة وثكنات الجيش المصري وبالذات في محافظة سيناء.. كما انتقلت حالة العنف الاخواني الى المدن الرئيسية كالقاهرة والاسكندرية.
وتشير التقارير الى امكانية تطور احداث العنف خلال الايام القادمة لكن الجيش المصري تعهد أن القوات المسلحة في إطار مسئوليته الوطنية تجاه الشعب بحماية المتظاهرين السلميين في كافة ميادين مصر، وحذر من أي أعمال إستفزازية أو احتكاك بتجمعات المتظاهرين السلميين، وأن من يخالف ذلك فسوف يتم التعامل معه وفقاً للقانون وبكل حسم.
مظاهرات في أفغانستان لدعم مرسي
ويبدو أن صلات الإرهاب لاتنقطع وأن الروابط التي تجمعهم واحدة، فقد فوجئ المصريون والعالم بخروج عدد من المظاهرات الايام الماضية وخصوصاً من أعضاء حركة طالبان لدعم محمد مرسي وهو مايدل على إشارات خطيرة من دولة لاترتبط بها مصر بعلاقات قوية ولكن يبدو أن علاقات الإخوان وحركة طالبان كانت أقوى من علاقه الشعبين المصري والأفغاني.. كما هو الحال في اليمن التي خرجت السبت مظاهرة نظمها حزب الاصلاح الى مقر السفارة المصرية بصنعاء تطالب بما اسمته استرداد شرعية مرسي."المخلوع"..
أعمال الإرهاب في مصر تدل علي علاقة وطيدة تربط نظام مرسي بهذه الجماعات الإرهابية، ومن ذلك تحريض الظواهري لاتباعه بالعمل على اعادة مرسي والدفاع عن شرعيته، وأرجع مراقبون ذلك الى مصالح تربط بين هذه الجماعات، وبالذات بما اغدقه عليها مرسي من العطايا والهبات التي كانت السبب في تمكين هذه الجماعات من سيناء وتكوين شبكة قوية لهم فيها.
حلَّ الاخوان..
الى ذلك تقدمت وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية في مصر، بطلب إلى النيابة العامة فيما يتعلق بالتحقيقات التي تجريها النيابة حول إحراق مقر جمعية الإخوان المسلمين بالمقطم بمذكرة لحل تنظيم الاخوان..
يأتي ذلك في الوقت الذي أمرت نيابة جنوب القاهرة الأحد، عقب الانتهاء من التحقيقات مع القيادي خيرت الشاطر نائب المرشد، ومهدي عاكف المرشد السابق، بسرعة ضبط وإحضار كل من الدكتور محمد البلتاجي والدكتور عصام العريان وصفوت حجازي لاتهامهم بالتحريض على قتل المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد بالمقطم وفقاً للتحقيقات النيابية واعترافات عدد من عناصرهم..
وهنا يثار التساؤل هل سينجح الإرهاب في إثناء الشعب المصري عن استكمال مسيرته نحو التحرر والديمقراطية أم سيستطيع الشعب الأبي الدفاع عن ثورته هذا ماستسفر عنه الأيام القادمة.
|