< مطهر الأشموري -
< لم يطرح أحد من الحكام لما يسمى بثورات الربيع مشروع رحيل وانتخابات مبكرة غير الزعيم علي عبدالله صالح في اليمن.
وحين هبت الموجة الثانية للثورة المصرية في 30 يونيو 2013م طرح مطلب الانتخابات الرئاسية المبكرة وهذا يفرض علينا الربط أو الاسترجاع لما طرحه «صالح» ليس من باب ثناء أو إشادة به ولكن من إدراك حقيقة أن السلطة تحتاج الى حل لنقلها سلمياً، وإصرار الزعيم على ذلك المشروع يؤكد آنذاك أو الآن وكما حدث في مصر أنه كان لابد من إيجاد حل لنقل السلطة سلمياً، ولم يكن بهدف التشبث بالحكم كما ظل يطرح.
بالمناسبة فالشعبية التي خرجت في اصطفاف الزعيم علي عبدالله صالح هي أكثر من شعبية اخوان رابعة العدوية، وكانت بالفعل أكثر من الشعبية في الاصطفاف المعارض «الثورة» والمفترض أن ينشغل الرئيس مرسي بالحل من أجل الواقع وليس من أجل بقائه حتى وإن كان أمضى في الحكم عاماً واحداً فقط.
لا يعنيني أن القذافي كان عميد الحكام العرب حيث حكم لأكثر من أربعة عقود ولكن الذي يعنينا هو إيجاد حل كان يمكن أن يجنب ليبيا ما حل بها من قتال وحروب ودمار، فما الذي أضفاه قتل القذافي أو أسرته لهذا الواقع ولماذا ثورة إيران السلمية ضد أعتى طاغية العصور «الشاه» تركته وأسرته يرحل خارج إيران ولم تقم بتصفيته أو حتى محاكمته؟
الثورة الايرانية جاءت من خلال دعم أمريكا والغرب لزعيمها «الخميني» من باريس ولكن ذلك الدعم الغربي كان بلا شروط كون أمريكا والغرب ترى في إيران عدواً حقيقياً في تلك الفترة وبالتالي فلا الثورة السلمية الايرانية برمجت غربياً كما ثورات أحداث 2011م فتصرفت تجاه الشاه بالتلقائية الانسانية المتسامحة وبالرغم مما سارت فيه من تطرف في اتجاهات وقضايا أخرى!
قتل أو محاكمة الحكام من خلال ثورات 2011م هو في الحقيقة برمجيات الثورات والمحطة غربياً وحيث هذا التعامل بات محكوماً بسيناريو غربي مسبق.
فالمحطة كسيناريو خارجي تحتاج الى ربط بالتفعيل كاستمرارية وتوالد أو بأهداف أخرى تفرض ذلك على الثورات بوعيها أو فوق وعيها فيما المسؤولية تجاه قتل قرابة المائة شهيد في مصر على محمد مرسي وفي عهده هي أكثر وضوحاً منها تجاه سلفه مبارك.
لم أكن مع مرسي ولا الاخوان وظللتُ انتقد أخطاء وخطايا لا يمكن حدوث مثلها خلال عام من حاكم وحزب حاكم خاضه في وضع مصر بعد ثورة وواقعها السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
ومع ذلك فالذي يعنيني هو الحل والأفضلية لواقع مصر وليس محاكمة مبارك أو مرسي أو ممارسة أي قدر من الانتقام وتصفية الحسابات.
لقد قلت وأكدت خلال أحداث 2011م بأن أي حاكم يبدي الاستعداد للرحيل على أساس حل سياسي سلمي للواقع كأمن واستقرار فإنه يفترض التعامل بها ومعها كأفضلية للواقع والشعوب، ويمكننا التأمل في واقع كل الأنظمة العربية لاستقراء كم من الحكام يتوقع قبولهم الرحيل على أساس هذا الحل من ناحية، ومن ناحية أخرى لاستقراء فوضى وصراع واقتتال وحروب في حالة الإقصاء الفوضوي.
كيف جاءت الفوضى في الصومال ولماذا استمرار القتل والدماء وانعدام الامن والاستقرار في افغانستان والعراق ومن ثم ليبيا؟
ما عرف بنظام الوصاية الذي طبقته الأمم المتحدة خلال الحرب الباردة مع رحيل الاستعمار القديم من بعض البلدان يؤكد أننا أمام خيارين لأفضلية في التغيير كنقل سلمي وسلسل للسلطة فإما من خلال الواقع والإرادة الداخلية الوطنية وأي حاكم يقبل بهذا الحل يحتاج الى تعاون واقعي ووطني وإما من خلال المحطة أو أمريكا كاختراق للأطراف الداخلية وترتيبات تنسق مسبقاً لذلك.
إنني مع الخيار الداخلي والإرادة الوطنية والتعامل مع أي حاكم يبدي الاستعداد للرحيل في إطار هذا الحل السياسي والسلمي وأياً كان ومن كان هذا الحاكم.
سيسجل التاريخ عن أطراف الترتيبات مع الخارج لحل كهذا أو لتدخل خارجي على أنها أخطأت في حق وطنها ولا يخفى عنكم متراكم المحطات الأمريكية في المنطقة ولا إبهار مشاهد في أحداث 2011م فالأوطان هي سياق تاريخي ثابت فوق أية قوة أو استقواء في تموضع صراعات أو تفعيل متغيرات ومحطات.
الموجة الثانية للثورة في مصر يبقى الأهم فيما تعنيه حيوية الحل السلمي للواقع ولنقل أو تغيير السلطة وذلك ما كان محور انشغالي واهتمامي منذ أحداث 2011م كموقف من أجل الواقع والوطن فوق اصطفاف الصراع كمواقف «مع أو ضد».
الطبيعي أن يكون الموقف مع الحل السياسي السلمي مع الاصطفاف الذي يدفع باتجاهه أو يوصل اليه، فإذا الزعيم علي عبدالله صالح هو الوحيد الذي تبنى مشروع رحيل بحل سلمي وانتخابات رئاسية مبكرة، فذلك يؤكد ميزات لديه كان على الواعين عمق النفاذ إلى واقعيتها ووعيها فوق التهييج الصراعي وفوق التعبئات وخلفيتها من الرواسب والاستهدافات التي تجسد أمراضاً في الواقع وفي الوعي للصراعيين الذين عادة ما يتصدون للأدوار الأسوأ في المحطات أو في الحياة!