د.علي العثربي -
< الوسطية والاعتدال التي سلكها المؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه في 24 اغسطس 1982م، لم يكن مجرد شعار يرفعه، بل كان سلوكاً وممارسة قَرن فيه القول بالعمل وجعل الباب الأول من نظريته السياسية والفكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الميثاق الوطني الذي عنوانه الاسلام عقيدة وشريعة منهج حياة للدولة ومؤسساتها والتنظيم ومكوناته القيادية والقاعدية، ولا أكون مبالغاً إن قلت إن اقتران القول بالعمل قد حدث خلال الفترة من 1982م وحتى اليوم، لأن الواقع العملي المدعم بالبراهين التي لا يستطيع أحد إنكارها تثبت صحة القول، فقد كان المؤتمر الشعبي العام صمام أمان الأمن والاستقرار ومفتاح التطور والازدهار، وهو بمثابة البيت الكبير لكل أبناء الوطن.
إن المؤتمر الشعبي العام لم يكن كذلك فحسب بل كان القوة السياسية الاولى التي ناظلت لإعادة وحدة الوطن اليمني الواحد، ولو ركزنا فقط على هذا المنجز العظيم وأعطيناه حقه من الانصاف والموضوعية لوجدنا أن المؤتمر الشعبي العام قد جسد الوحدة اليمنية قولاً وعملاً من خلال تكويناته القيادية والقاعدية منذ لحظة التأسيس فلم يخلُ تكوين من هرمه الا وكان ممثلاً لكل المكونات البشرية والجغرافية لليمن الواحد، وكان هذا السلوك الحضاري الكبير الفاتحة لإنطلاق الحوار الوطني الواسع لاستعادة لحمة الوطن الواحد، ولستُ بصدد تفاصيل تلك المكونات لأنني أعتقد أن الشرفاء من أبناء الوطن قد لامسوا ذلك ووجدوه في حياتهم السياسية والاجتماعية.
إن التفرد الذي تميز به المؤتمر الشعبي العام بأنه لم يكن يفرق بين أبناء اليمن الواحد بسبب الاختلافات السياسية على الاطلاق، وكان مفهوم الوطن ليس جزءاً من اليمن فحسب ولكنه اليمن الكبير بكل مكوناته الطبيعية والبشرية، ولذلك فقد وجد الشرفاء في المؤتمر الشعبي العام وطناً يحفظ الهوية في زمن يسعى البعض الى طمس معالمها، ووجد النبلاء في المؤتمر الشعبي العام ملاذاً آمناً لكل عاشق لقدسية التراب الوطني بغض النظر عن الاختلاف السياسي، لأن المؤتمر الشعبي العام جعل من الوطن اليمني الكبير غايته الكبرى التي ينبغي أن يبذل في سبيلها الغالي والنفيس.
إن الفترات التي مر بها اليمن منذ تأسيس المؤتمر الشعبي العام في 1982م قد برهنت أن هذا التنظيم ما وُجد الا من أجل تحقيق ووحدة الوطن اليمني وبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون .. دولة المؤسسات الدستورية، ولذلك كافح المؤتمر الشعبي العام مع نظيره الحزب الاشتراكي اليمني وكل القوى الوطنية من مختلف الاتجاهات والمشارب من أجل الوصول الى يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م، ولنا في العدد القادم وقفة مع هذا الحدث العظيم بإذن الله.