< خالد صالح مخارش -
إن الصراع السياسي الذي شهدته اليمن خلال العامين السابقين بين أطراف العمل السياسي وما نتج عنه من عملية تبديل للأدوار والمكانات السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد خلف وراءه مشكلات اقتصادية واجتماعية مثلت أعباءً اضافية في حياة المواطن اليمني البسيط، والأخطر من ذلك أن هذا الصراع قد أدى الى تدمير العلاقات بين مختلف القوى السياسية والشرائح الاجتماعية وظهور نزعات الانتقام وتأجيج مشاعر الكراهية المتبادلة والتي وصلت في بعض الأحيان الى رغبة البعض في محو وإزالة خصومهم السياسيين في الطرف الآخر.
كل ذلك مثل مقدمة أسفرت نتائجها عن بروز مظاهر الانقسام والتدمير والمواجهة بدلاً من التوافق والتقارب والمشاركة الفاعلة والمسؤولة في تحقيق الاستقرار.
إن الفرقاء السياسيين يعلمون قبل غيرهم بأن اليمن يمر بمرحلة تاريخية حاسمة يقف معها الوطن على مفترق طرق وهذا يستدعي المصارحة الجادة والحوار الموضوعي وتصحيح المفاهيم الخاطئة للخروج من الولاءات الضيقة التي تعد محور الأزمة الراهنة والتي صارت تلقي بظلالها القاتمة على كافة أشكال ومظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فمقتضيات المرحلة الراهنة تتطلب من الجميع الاحتكام الى قيم ومعايير وطنية مشتركة قادرة على تنظيم دورة الحياة والخروج بالوطن من أتون النفق المظلم الذي آل اليه بسبب حرص بعض فرقاء العمل السياسي على تغليب المصالح الفئوية والخاصة والحزبية على حساب المصالح الوطنية العليا.يتجلى ذلك في محاولة بعض هذه الأطراف السياسية تكريس مفاهيم الإقصاء والإلغاء للآخر الجاد للاستبداد بالرأي والاستحواذ على القرار في خطوة هي الأسوأ من حيث نتائجها وما يترتب عليها من احتقان لمشاعر العزلة والاضطهاد والغبن لدى المكونات السياسية والاجتماعية الاخرى.
وهذا ما دفع بالشعب المصري الى الخروج بالملايين الى الساحات والميادين في كافة المحافظات المصرية منادياً بإسقاط حكومة الاخوان التي انشغلت عن الهم الوطني وتخاذلت عن السعي للحد من معاناة الجماهير المصرية التي تأن تحت وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة وانتشار البطالة لتنصرف الى اهتمامات هامشية ومضت في افتعال الأزمات الاضافية من خلال إثارة النعرات الطائفية والدينية بين أبناء الشعب الواحد بالإضافة الى أنها جعلت من أهمم أولوياتها هو الاستحواذ على السلطة في محاولة خرقاء لأخونة الدولة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فها نحن نراهم اليوم يشحذون الهمم لجر المجتمع المصري الى هاوية الفتنة والعنف والاقتتال.. هذه الهمم التي غابت بالأمس القريب عن ميادين وصروح البناء والتنمية باتت اليوم تمارس حضورها بطغيان غير معهود في مواطن الهدم والانقسام وهم بذلك يؤكدون للعالم أجمع بأن هذه الجماعة منغلقة على نفسها عاجزة عن التعايش مع الآخرين، بل إنها تفتقر الى أبسط مقومات الولاء الوطني، ولذلك بات الجميع يخشون تكرار هذا السيناريو في اليمن بسبب تماثل الفكر السياسي والعقائدي لدى هذه الجماعات الاخوانية عموماً ويمثلها في اليمن حزب الاصلاح، حيث أن الملاحظ أن هوس الولاء للجماعة هو السائد لدى مكونات هذه الجماعات وأفرادها في غياب واضح للشعور بالهوية الوطنية والانتماء والولاء للأمة.
لكن يجب أن يعلم هؤلاء ومنهم كل المكونات السياسية في الوطن بأنه يجب على الجميع أن يكونوا بحجم متطلبات المرحلة لنبدأ صفحات جديدة من التعايش والتفاهم والتضافر للجهود في مواجهة تحديات المستقبل وبناء الغد المنشود.
فتصعيد الخلافات وتأجيج الصراعات لن يؤدي الا الى تبديد إمكانات وموارد يفترض أن تسخر للبناء بدلاً من الهدم وللتعاون بدلاً من التآمر.
إن الشواهد التاريخية تؤكد أن الوطن بنية مترابطة ومحاولة إضعاف جزء منه أو بعض أجزائه سيؤدي الى اضعاف البنيان كاملاً من أساسه وفي النهاية سيجرف الطوفان الجميع دون استثناء.
لذا علينا أن ندرك أن الحفاظ على وحدة هذا الوطن واستقراره هي مسؤولية الجميع وهذا يستدعي أن تتجاوز تلك الولاءات الضيقة ليصبح الوطن هو حزبنا الأهم اليمن كل اليمن هي ولاؤنا الأعظم.