< نجيب شجاع الدين -
كل عام والجميع بألف خير.. مرت نصف مدة شهر رمضان المبارك وكأنه يحل علينا للمرة الأولى دون أن يتمكن من بسط تغيراته وتأثيراته بشكل كامل على حياة المجتمع اليمني ببساطتها ونقاوتها ومبالغاتها وتعقيداتها..
باستثناء المساجد التي مازالت تشكل القلب النابض لشهر العبادة حيث يمتد مقام الناس داخلها من الظهيرة حتى صلاة الفجر.. يبدو الوضع في الخارج كما هو عليه وغير مخالف للأشهر السابقة..
شوارع العاصمة وطرقات أسواقها يفترض أن تغير من عاداتها لتشهد هدوءاً نسبياً أوائل النهار ونشاطاً كثيفاً يبلغ ذروته في آخر الليل.
الأزمة لاتزال سارية المفعول في جانب المستوى المعيشي للناس التي تعجز عن تلبية التزامات لقمة العيش على مدار السنة.
في المقابل لا جديد على مستوى الاسواق، السلع متوافرة ومتنوعة لا ينقصها سوى الزبائن وزيارة قصيرة لجهات الضبط والتنظيم الميداني في وزارة التجارة «حرام عليها نسيان معاناة المستهلكين»، وفي الاسواق المحلية يبقى الغش والتلاعب بالأسعار المنتج الوحيد الذي صُنع في اليمن.
لم يعد هذا الشهر قادراً على الاحتفاظ بأبرز عناصره التراثية وأكثر أدواته حضوراً واحتراماً للوقت بمواعيده الدينية الروحانية.
مدفع الإفطار هو الآخر تحول طرفاً سياسياً عليه إيلاء اهتماماته لأجواء الحوار الوطني والمساهمة في إنجاحه تفادياً لعقوبات مجلس الأمن.
انطلاق مدفع رمضان في الوقت الراهن تعتبره الاحزاب إنذاراً بتصعيد عسكري خطير قد يعيد الاوضاع الى المربع الاول.
في مطلق الاحوال فإن المدافع والأسلحة الثقيلة التي اطلقت إبان أحداث العامين الماضيين تجعل اليمنيين في حالة اكتفاء من هذا الطقس المحبب لعشرين سنة مقبلة، وربما تنقل لأداة مختلفة تضمن مواكبة المسلمون لتطورات العصر وقد بدأت ملامحها تظهر تدريجياً -في حال عدم التغيير للأفضل- ربما نفطر ونمسك مستقبلاً على دوي ضربات طيارة بدون طيار.
قبل أذان المغرب بدقائق يتدفق الصائمون الى المساجد يحمل بعضهم موائد عامرة متنافسين على كسب الأجر والثواب من الله، لعل ذلك من أكثر المشاهد المألوفة في مساجد اليمن كافة وأجملها لما فيها من معاني البر والتآخي يضاف اليه الحرص على التوسع في الإحسان والصدقة كلاً حسب قدراته.
على ذكر بيوت الله.. وحده جامع التيسير في صنعاء قلب الموازين رأساً على عقب في سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها دفعت وزارة الداخلية لإصدار قرار يمنع حمل السلاح أثناء تأدية الصلاة..ليس أمر القرار جزءاً من خطة أمنية شاملة الا أن حالة الانفلات الامني تصاعدت حدتها وتجاوزت حدودها الى مستويات شكلت فرصة فريدة للبعض من أجل تصفية حساباتهم مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي بكر الصديق رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه..
يكفي ربنا لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا واغفر لنا وارحمنا إنك أنت التواب الرحيم.