سمير النمر -
يبدو أن جينات الحمية والعزة والكرامة والغيرة على الوطن لم تعد موجودة فينا كيمنيين سواءً أكنا مواطنين أو نخباً سياسية أو مثقفين أو غير ذلك من المسميات لأن ما يحصل من تدمير وجرائم منظمة تستهدف كل شيء في هذا الوطن وفي مقدمتها الجيش والأمن من قبل أرباب العمالة وأذنابهم دون أن يتحرك فينا أدنى باعث من بقايا ضمير إنساني ووطني تجاه ما يحصل، هذا الأمر لاشك يؤكد موت جينات الحمية والغيرة الوطنية في نفوسنا، وإلاّ بماذا نفسر هذا الصمت تجاه ما يجري من تدمير وأخونة مؤسستي الجيش والأمن والتي تحولت من حصن منيع للشعب الى مصدر للخوف والرعب.. ولنا أن نتصور كيف سيكون المستقبل في ظل تفكيك وأخونة هذه المؤسسة الوطنية، وتحويلها الى مجرد ميليشيات دينية مجردة من الولاء الوطني الذي تربت عليه وتم بناؤها على أساسه.
جميعنا يدرك أن ما يسمى بثورات الربيع العربي لم تحمل للشعوب تباشير خير ومستقبل مشرق وإنما كانت مجرد أداة لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي تديره أمريكا واسرائيل وتنفذه جماعة الاخوان في مختلفة الشعوب العربية من خلال دعم وصول الاخوان الى السلطة لتنفيذ هذا المخطط الذي كان من أهم أهدافه تدمير الجيوش العربية الوطنية وتفكيكها وتغيير عقيدتها القتالية الوطنية بعقائد طائفية ومذهبية، وقد استطاع الأمريكان تنفيذ هذا المخطط قبل ما يسمى بثورات الربيع العربي في العراق وتم حل الجيش العراقي ولكن الكلفة على الأمريكان كانت باهظة، فوجدت فيما يسمى بثورات الربيع العربي وسيلة سهلة وغير مكلفة لتدمير هذه الجيوش، فبالرغم من وصول الاخوان الى سدة الحكم في مصر إلاّ أنهم لم يستطيعوا اختراق المؤسسة العسكرية المصرية وظل الجيش المصري عصياً على اختراق الاخوان ومؤامراتهم ولهذا لم تمضِ حوالي سنة من حكم الاخوان حتى قام الشعب بثورة عارمة نتيجة لما اقترفه الاخوان في حق الشعب المصري فكان الجيش خير سند وخير حصن لتأييد إرادة الشعب المصري ضد مؤامرات الأمريكان وعملائهم الاخوان، هذه الصحوة الشعبية التي حدثت في مصر تعبر عن وعي وصحوة ضمير الشعب المصري تجاه ما يحصل ضد بلدهم، وأمام هذا المشهد الحي الذي رأيناه في مصر في 30 يونيو والذي اسقط فيه الشعب المصري حكم الاخوان وتهاوت اسطورة الاستقواء بأمريكا فأصبحت أوهن من بيت العنكبوت.. وانتصرت الارادة الوطنية التي لا تقبل الارتهان والعمالة، يقف الإنسان حائراً يعض أصابع الندم ويتجرع مرارة الغيظ عندما يرى ما يحدث في اليمن من تدمير ممنهج للقوات المسلحة على يد الاخوان ومن ورائهم أمريكا دون أن يتحرك فينا ضمير حي أو شعور بالعزة والنخوة، رغم الفرق الكبير بين ما قام به الاخوان في مصر وفي اليمن، ففي اليمن تم تدمير كل شيء والعبث بكل شيء وفي المقدمة القوات المسلحة والأمن حيث استطاع الأمريكان تمزيق هذا الجيش من خلال ما يسمى بالهيكلة حيث تم تمزيق أهم قوة عسكرية تم بناؤها في اليمن والمتمثلة في قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وإحلال ميليشيات الاخوان وجامعة الإيمان في مختلف المعسكرات من خلال عملائهم وقائدهم الاخطبوط علي محسن الأحمر والذي كان له اليد الطولى في تدمير واختراق المؤسسة العسكرية منذ عقود وها هو اليوم يجهز على بقية الوحدات العسكرية والأمنية سواءً من خلال الهيكلة أو من خلال موقعه كمستشار أمني وعسكري للقائد الأعلى للقوات المسلحة المشير عبدربه منصور هادي أو من خلال تجنيد عشرات الآلاف من ميليشات حزب الاصلاح وجامعة الإيمان في مؤسستي الأمن والجيش.. كل هذا العبث والتدمير الذي يحصل في اليمن وفي المؤسسة العسكرية والأمنية يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن مخطط أمريكا والاخوان الذي يهدف الى تدمير الجيوش العربية قد نجح في اليمن وبتقدير ممتاز، وأعتقد أن هذا النجاح لهم في اليمن هو العزاء الوحيد الذي تبقى لهم بعد أن فشل مشروعهم في مصر وسوريا، أما الشعب اليمني فإني أبشره بمستقبل أسود يطل منه شبح الصراع المرعب الذي سيصل الى كل بيت ويشرب من كأسه كل من ساهم بصمته وتخاذله في تنفيذ هذا المخطط جزاء بما كسب وسكت وتخاذل.. وإن غداً لناظره قريب.. ولا عزاء للجبناء.