تحقيق/ توفيق الشرعبي- بليغ الحطابي - في الشركات الأمنية الخاصة ثمة غياب واضح للقانون أو اللوائح المنظمة لعملها وعوامل أخرى فرضتها الحاجة تثير استفهامات كثيرة.. مئات الموظفين أكدوا امتهانهم واستغلال فاقتهم من قبل المعنيين في هذه الشركات دون وازع من دين أو رقابة من ضمير لا أو لائحة ما، تحفظ لهم حقوقهم.. عملاء يشكون عدم التزام بعض الشركات الأمنية بالعقود المبرمة معها.. ومؤسسة التأمين تؤكد تهرب الشركات المعنية من التأمين.. وتفاصيل أخرى تطرحها »الميثاق« أمام الجهات المسئولة..
^ خليل دفعت به الظروف إلى أن يقضي ثمان ساعات قابلة للزيادة أمام أحد المحلات حارساً يتبع شركة أمنية ولكن بمقابل 12 ألف ريال فقط قابلة للاستقطاع.. ويؤكد أنه يعول أسرة اعتماداً على هذا الراتب بعد أن صعب عليه إيجاد عمل آخر.. لكن 12 ألفاً لا تفي بحق المواصلات؟! كما يقول، مضيفاً »خيرة الله«.. كلمة مزجها خليل بتأوهات قاسية كافية لو أحست بها الجهات المعنية لزادت من مرتبات هؤلاء الشباب الذين ارتضوا بالقليل خيراً من التسكع في الشوارع ولأجبرت الشركات الأمنية الخاصة لأن تضع الحد الأدنى للمرتبات ما نص عليه قانون العمل.. قانون العمل- وإن كان غير مفعل- إلاَّ أنه انتصر للعامل فمواده وبالأخص المادة »57« اعطت للعامل بدلاً قدره »15٪« من الأجر الأساسي إضافة إلى ما سيتحق من أجر عن ساعات العمل العادية عندما يكون العمل ليلاً، ولكن عمال الشركات الأمنية يظلون الأكثر بُعداً وابتعاداً عن عدالة هذا القانون.
تضاءلت حد الاستغلال
^ خليل الذي وجدته يقرأ كتاباً قال: إنه مقرر عليه في الجامعة- تمنى لو أنهم ينقلون عمله إلى إحدى الشركات النفطية ليحرس فيها لأن الراتب هناك بـ(30 ألف ريال).. هذا الكلام أكده ضابط أمن إحدى الشركات النفطية العاملة في بلادنا: إن الحارس لدينا -والذي يتم طلبه من الشركات الأمنية الخاصة- يصرف له ما بين (100-150) دولاراً رغم أن الشركة النفطية تدفع (500) دولار لكل حارس..
اربعون حارساً.. حتى إشعار آخر!!
^ راغب هو الآخر أكمل دراسته الثانوية وقطع المسافات والمحافظات ليصل إلى أمانة العاصمة وألتحق بإحدى الشركات الأمنية التي طرحته تحت التدريب وبراتب 5 آلاف ريال.. لكنه عانى وصبر حتى تم قبوله ورفعوا راتبه إلى 13 ألف ريال، وذهب مع زملاء له للعمل حارساً في إحدى الوكالات الاستثمارية- بحد قوله- كانوا أربعين حارساً واستمروا في العمل قرابة شهر.. وفي أحد الأيام سأله ضابط أمن الوكالة عن رواتبهم أجاب أحدهم 13 ألف ريال.. وقد فوجئ الضابط لأنه يعرف أن وكالته تدفع لكل واحد إلى الشركة الأمنية 300 دولار.. حينها طالبت الوكالة من الشركة الأمنية رفع مرتبات الحراس إلى 20 ألف ريال كحد أدنى، لكن الشركة الأمنية رفضت- والكلام مازال لراغب- ماجعل الوكالة تستغني عن خدمة الشركة الأمنية تلك وتعاملت مع أمنية أخرى اتجه الأربعون إلى شركتهم الأمنية »الجشعة« وظلوا أسبوعاً يترددون عليها علها تجد لهم عملاً ٌآخر وحين لم تجد طلبت منهم عدم المجيئ حتى إشعار آخر تستغلهم من خلالها بطريقة تدل على أن لارقيب أو حسيب عليها..
لا دخل »للعمل« بها!
^ ياسين عبده سعيد وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل لقطاع القوى العاملة أكد أنه لا علاقة لوزارته بهذه الشركات ولا حتى بموظفيها وعمالها..
وأفاد ان الوزارة لم تعطهم أية تراخيص ولا تعلم حتى بشأن هذه الشركات.. وحين سألناه عن وضع العاملين فيها وما يتعرضون له من ظلم واستغلال وانتهاك لقانون العمل قال ياسين: يفترض أن يكون هناك لائحة تنظم ذلك سواءً في وزارة العمل أو وزارة الداخلية كون المسائل الأمنية تتلعق بها..
لا تلتزم بالاتفاق
^ صاحب شركة استثمارية في مجال السفريات- نحتفظ باسمه واسم شركته- أكد عشوائية الشركات الأمنية وان أغلبيتها لاتلتزم بالعقود الموقعة معها بخصوص توفير الحماية والأمن.. بالرغم من التزامه بدفع المبلغ المتفق عليه شهرياً.. وقال إنها تغير .... بين الحين والآخر، كما أن غالباً ما يكون اختيارهم للحارس دون التدريب المطلوب واللازم.
وأضاف: ان شركته تدفع بالدولار أي ما بين 200-300 دولار حسب الشركات الأمنية لكل حارس إلاَّ أننا نسمع من الحرس أن الشركات لاتدفع لهم إلاَّ مبالغ زهيدة ورمزية..
شركات مهمة!!
وثمة ما يثير أكثر من سؤال حول هذه الشركات الأمنية وعمالها.. فقانون العمل يتطلب معلومات عن كل عامل وموظف وما يحتاجه هذا العامل من احتياجات لازمة ضد المخاطر والاضرار كالحرارة والرطوبة والبرودة وغيرها.. وهذا ما ورد فعلاً في المادة (122) من القانون.. لكننا أمام حالة تفتقر الى الضروريات »التدريب والاستحقاقات«.. محمد عبدالله أحد الحراس يقول: »لايتم تدريبنا بالشكل المطلوب حتى نستطيع أن نؤدي المهمة الموكلة إلينا بأكمل وجه، الشركة التي أعمل فيها أصبحت مجرد وسيلة للتعسف والاستغلال وطلبة الله من فوق ظهورنا وسهرنا«.
التهرب من التأمين!
^ غياب القانون أو اللائحة الخاصة بتنظيم عمل الأمينة الشركات سببه أنها خاصة حسب عبدالقوي الشرعبي مدير أقدم شركة أمنية خاصة في اليمن والذي أكد أن الترخيص تختص به وزارة الصناعة والتجارة ووزارة الداخلية.. وعن التساؤل ماذا لو أصيب أحد الحراس أو واجه مشكلة ما وهل هناك تأمين له؟.. قال عبدالقوي: بالتأكيد إذا كانت إصابة عمل فالشركة تقوم بالواجب.. ونحن نؤمن موظفينا..
أحمد صالح سيف رئىس المؤسسة العامة للتأمينات أكد بأن هناك شركات أمنية خاصة تؤمِّن ولكن لبعض موظفيها فقط.. هذه الشركات كثيراً ما تتهرب من التأمين.. ونحن نعطي كل الشركات الخاصة مهلة ونستمر في التأكيد على ضرورة التأمين- وللأسف- التجاهل والتهرب موجود.. ويضيف نحن سنقوم بالتفتيش الميداني وهذا بالطبع تنفيذاً للقانون الذي نص على أن التأمين إجباري.. ومن خلالكم أدعو الشركات أياً كانت إلى المبادرة بالتأمين لموظفيها من أجل توفير الاستقرار والطمأنينة لأسرهم ما لم فسنصل معها- أي الشركات- إلى القضاء.
|