عباس غالب - هذه العبارة قالها المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الأسبوع الماضي، في إشارة واضحة لا تخلو من دلالة على تدخل بعض الأطراف الإقليمية في نزاع الداخل السوري.. وهــو مـا يعقـد المشكلة ولا يتيح الفرصة أمام إيجاد تسوية سريعة للتخفيـف من معاناة الشعب السوري وبالتالي إجهاض أية محاولة تهدف التوصل إلى صيغة اتفاق للتهدئة وفي طليعة ذلك المبادرة الروسية لعقد مؤتمر دولي في جنيف خلال الأشهر المقبلة.
لقد تداخلت أوراق اللعبة في سوريا وبحيث أصبح من الصعب فرز هذه الأوراق بالنظر إلى تدخلات اللاعبين والإيغال في إراقة الدم السوري دون أن تتبلور رؤية للحل ودون أن تلوح في الأفق تباشير انتصار أي من الفريقين.. وهذا الأمر يؤدي بالنتيجة إلى أحد احتمالين:
الاحتمال الأول : استفحـال الأزمة وغرق هذا البلد في المزيد من الاحتراب وتدمير كامل البنية الأساسية والتأثير المباشر والخطير على دور سوريا ومكانتها ووجودها.
الاحتمـال الثـاني : يكمـن في إمكانية انتصار أحد الأطراف وهو ما سيجر سوريا كذلك إلى مزيد من التناحر والتجزئة، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى تقسيم سوريا.. ولعل الأمر الأخطر من كل ذلك هو التخوف من تحييد سوريا عن الصراع العربي مع العدو وإضعاف دورها العروبي وجرها إلى مستنقع الصراعات المذهبية والطائفية وذلك من خلال استلاب إرادتها وتفتيت قدراتها البشرية والمادية والعسكرية وضرب لُحمتها الوطنية، لذلك فإن إطالة أمد الاحتراب الأهلي سوف تقود بالنتيجة إلى هذه المآلات الخطرة.
***
ولمـا لـم يكن من بد أمام أطراف النزاع داخل سوريا من الإيغال في الاحتكام لآرائها الأحادية، مدفوعة كذلك بمؤثرات التوتر الإقليمي، سواء بالنسبة للمعارضة أو للنظام، فإن الضرورة تتطلب تكرار الدعوة إلى نبذ اللجوء إلى فوهات السلاح وتغليب خيارات الحوار من خلال تمكين المبادرة القائمة التي ترعاها روسيا تحديداً.. واستلهام الحد الأدنى من المشترك، باعتبار أنه لا خيار بديل غير الاحتكام إلى لغة الحوار الذي لا بديل عنه، سواء طال أو قصر أمد النزاع والاحتراب.
ومـع تعقيـدات الأزمـة السوريـة وغيـاب مؤشرات الحل وانسـداد الأفـق أمـام أية مبـادرة للتسوية أو الحل، فضـلاً عـن تـزايد الاستقطاب الإقليمي والدولي من خلال ما نـراه من تدخلات مباشـرة في الشـأن السـوري تارة، وأخـرى من خلال تدفق الأسلحة على طرفي النـزاع..
والحقيقة المرة إن كل ذلك لا يقود - فقط - إلى إطالة أمد هذا النزاع داخل القطر السوري وإنما يقود المنطقة برمتها إلى الانفجار الكبير، وأشير هنا تحديداً إلى منطقة الجوار الجغرافي لسوريا.. ولذلك -ربما- كانت تحذيرات المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي وإشارته إلى أن السلاح لا يصنع السلام، هي الأٌقرب إلى المنطق والواقع.. ويبقى على الأطراف المعنية بالأزمة في هذا القطر العربي أن تعي ذلك وحسب..
|