مطهر الأشموري -
في الذكرى الثانية للثورة المصرية يناير 2013م خرجت في القاهرة والاسكندرية مظاهرات ضخمة لاتطالب برحيل الرئيس مرسي وانما بإلغاء اعلان دستوري باطل وغير شرعي وتعيين نائب عام بمخالفة القانون والمطالبة بحكومة وفاق وطني للتعامل مع الأزمة الاقتصادية والاشراف على انتخابات برلمانية بما يضمن الحد الأدنى من النزاهة.
مرسي ومكتب الارشاد كان عليه الوقوف أمام مشروعية المطالب وما دامت المظاهرات لم تطالب برحيله فإنه ما كان يحتاج لحشد اخواني مقابل.. الاخوان قاموا بعمل حشد مقابل والرئيس مرسي اعتبر ان حشد الاخوان مادام أضخم فإنه لامعنى ولا أهمية لمطالب من تظاهروا ضده.
الرئيس المخلوع مرسي والاخوان اعتمدوا على المليشيات لمحاصرة المحكمة الدستورية ودار القضاء العالي ونادي القضاة ومدينة الانتاج الاعلامي وامتد هذا التطاول الى الأزهر.
إذا هذا التفعيل مثّل قمعاً للمؤسسات مثل القضاء والازهر وللحريات «حصار مدينة الانتاج الاعلامي» فالحشد المقابل للمظاهرات الشعبية يصبح هو القمع للشعب، لأنه ما دام الاخوان كان حشدهم أضخم فقد فهم الشعب أنه لن يتم الاستجابة لمطالبهم.
اخوان مرسي ورابعة رفضوا الاستجابة لمطالب الآخرين المشروعة ومارسوا الاقصاء في القضاء وحاولوا مع الازهر بل أقصوا الشعب، وهم بذلك احتكموا للاحتشاد واستفزوا الجموع وشرائح الشعب المصري فخرج في 30 يونيو 2013م في أضخم حشد في التاريخ البشري واسقطهم.
لو أن مرسي ومكتب الارشاد الحاكم حينها استجاب ولو لبعض مطالب مظاهرات يناير 2013م لما وصل الوضع الى 30يونيو2013م.. اخوان رابعة العدوية بعد عزل مرسي يطالبون بإعادته ومن ثم يجري الاستفتاء، وهذا الحل تجاوزه الزمن وكان له توقيت فرفضه مرسي والاخوان، وبالتالي فطرحه المتأخر إنما يؤكد الادانة لمرسي ويؤكد صواب ما تم بعزله.
تاريخ الاخوان في مصر يقترن بالتآمر والعنف ضد الشعب المصري، وخلال عام من حكم مرسي مارسوا العبث بالشعب والتدمير للبنية المؤسسية للدولة، ومظاهراتهم وعنفهم بعد رحيل مرسي هو استمرار لدمويتهم حتى وهم يتحدثون عن سلمية وديمقراطية وبحكم دخولهم صفقات العقد الماضي مع اثقال الغرب كطرف اساسي وشريك في محطة 2011م كثورات فذلك جعلهم يتبنون خطاباً نمطياً خاصاً بالغرب يمثلون فيه أنهم الطرف الديمقراطي وأنهم الضحية، خاصة وانه لايوجد طرف سياسي بنى علاقات تنفذ الى أجهزة وقنوات ذات تأثير مع الغرب كما الاخوان.
ومع ذلك نلاحظ انه لم يقحم الصراع الجهادي والمذهبي إلا في الحالة السورية، والحاضر بقوة في الحالة الليبية ومصر وتونس هو «الاخوان».
ولهذا فمحطة 2011م تقدم اخطبوط الاخوان بما يكسر النمطية الثنائية التي أُرسيت بعد آخر الحروب مع اسرائيل ومجيئ الثورة الايرانية وهي تتجسد في أسلمة حربين متوازيتين «حروب جهاد افغانستان وحروب مع ايران».
الاخوان هم الاخطبوط كطرف قطبي ثالث يكسر نمطية الثنائية سنة وشيعة التي باتت مرادفة الثنائية «السعودية - ايران» وحيث تركيا هي الانموذج لهذا الاخطبوط فذلك يأتي من ربطه بشعارات الديمقراطية والحريات في محطة 2011م وان قدم نفسه بلبوس دولة دينية وتطرف في اخونة الواقع في مصر بما ليس في تركيا فامريكا من خلال الاخوان اعتقدت أنها اوصلت الى اسلام يقبل بالديمقراطية والحريات بأكثر مما هو في ايران.
الاخوان وقد بات لهم مايعرف بالتنظيم الدولي الذي تم تأسيسه في موازاة وصول القاعدة الى تموضع التنظيم الدولي هم الاقدر على اداء هذا الدور، فهم في آخر حرب على غزة استطاعوا اداء دور صياغة اتفاقية تهدئة مع اسرائيل عبر «حماس» بما لم يستطعه مبارك ودون انكشاف بمستواه ربطاً بأمريكا وهكذا فالاخوان في مصر جسدوا النجاح في ادوار مطلوبة من تموضع اللاصديق واللا عدو لأمريكا في وعي شعوب المنطقة.
الاخوان في مصر نجحوا بامتياز في لعبة الوصول للحكم تسويقاً وتنسيقاً مع أحداث 2011م كغرب، ونجحوا في تقمص شيء من العداء لأداء دور اللاصديق واللاعدو لأمريكا ولكنهم فشلوا فشلاً كاملاً وذريعاً في لعبة الاستمرار في الحكم، وهم باللاوعي وبجموح تطرف فاقد الوعي من أوصلوا - وليس أي خصوم لهم - الى واقع العزل لمرسي وانهاء حكم الاخوان خلال عام وبانتظار ما ستسفر عنه التطورات في مصر.