الميثاق نت - أعلن صباح اليوم الجمعة في العاصمة السورية دمشق عن وفاة الشاعر العربي الكبير سليمان العيسى وذلك عن 92 عاما أمضى سنواته الأخيرة يعاني من أمراض الشيخوخة .
وتربط الراحل باليمن علاقة متميزة حيث زارها لأول مرة في العام 1972م ،وزارها مرات أخرى قبل ان يستقر به المقام في اليمن مع زوجته الدكتورة ملكة أبيض ـ الأستاذة في كلية التربية في جامعة صنعاء ـ في اليمن حيث عاش وعمل فيها لأكثر من عقد ونصف من الزمن .
وخلال هذه الفترة كتب العيسى كما يقول خمسة دواوين شعرية عن ناس وأمكنة اليمن، ومنها (ديوان اليمن) و(ثمالات) و(أمشي وتنأين) إضافة إلى عشرات القصص للأطفال.
وضم كتاب «اليمن في شعري» نصوصاً شعرية مختارة ومميزة اختارتها زوجة الشاعر ملكة أبيض وقامت بنقلها إلى الفرنسية وطبعت في هذا الإصدار باللغتين العربية والفرنسية.
وقد احتوى الكتاب على قسمين: يضم الأول قصائد مختارة في 65 صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي القسم الثاني على الترجمة الفرنسية لتلك القصائد في 70 صفحة.
أما كتاب «يمانيات» فهو ديوان شعري يضم أحدث ما كتبه سليمان العيسى عن اليمن ويقع في أكثر من 180 صفحة من القطع المتوسط تتوزع عل 43 قصيدة كرسها سليمان العيسى لليمن أرضاً وإنساناً وتأريخاً.
زوجة الراحل تتحدث عن علاقته باليمن
وعن علاقته باليمن تقول الدكتورة ملكة ابيض زوجة سليمان العيسى أول ما اتصل باليمن كان في العام 1972م جاء إلى اليمن لحضور ندوة في مؤتمر تربوي وبعد مشاركته رأى أن الجمهور اليمني متعطش للشعر لسماعه ولذلك أقيمت لسليمان أمسية شعرية كان لها صدى كبير في نفسه وفي نفوس الآخرين.
وتضيف: وعندما جاء بعد عشر سنوات تقريباً في العام 1980م للمشاركة في مؤتمر شعري.. مؤتمر أدباء العرب بين عدن وصنعاء.. ايضاً حدث تفاعل كبير بينه وبين أهل اليمن، مثقفين وجماهير.. وهذا جعله يفكر في العودة مرة بعد أخرى، وصادف الشاعر أن الدكتور عبدالعزيز المقالح اتصل به ودعاه للعودة مرة أخرى، ودعاني لزيارة اليمن وقد سررت بهذه الزيارة وبدأنا نأتي كل سنة أنا وسليمان مدة سبع أو ثمان سنوات، حتى في الأخير اتفقنا على أن اجري تعاقداً مع جامعة صنعاء واستقر هنا خلال هذه الفترة.
وتتابع: ولذلك علاقة سليمان باليمن علاقة طويلة وتواصلنا معه تواصلاً مستمراً وتفاعلاً مستمراً إلاّ انه في الأخير حظي بالتقدير من الشعب والرئيس والمثقفين.
وتضيف في مقابلة صحفية: قراراقامتنا في اليمن حدث تدريجياً.. الدكتورعبدالعزيز المقالح كان مقنعاً إلى درجة كبيرة، بان نحضر كل سنة ولو ثلاثة أسابيع أو شهر كأستاذة زائرة، وسيلمان يأتي إلى هنا ويقوم بنشاطه الشعري والأدبي، وهكذا عام بعد عام كنا نشعر بأننا نقترب أكثر فأكثر من اليمن ونتصل بطائفة واسعة من أبنائه وعندما عرض علينا لماذا لا أتعاقد مع جامعة صنعاء واستقر هنا.. كأن الأمر أصبح شبه بديهي لأننا اعتدنا على اليمن واعتادت اليمن علينا.
اليمن يكرم الشاعر سليمان العيسى بوسام الوحدة
في يوم الأربعاء 6- يوليو العام 2005م قلد الرئيس السابق علي عبدالله صالح الشاعر العربي الكبير الأستاذ سليمان العيسى وسام الوحدة( 22 مايو) تقديراً لمواقفه الأخوية والقومية المؤازرة للشعب اليمني في قضاياه الوطنية واعتزازاً بعطاءته الأدبية والثقافية التي شكلت رافداً للثقافة العربية .
وأكد الرئيس السابق خلال فعالية التكريم أن الشاعر العربي سليمان العيسى سيظل محل تقدير واحترام من قبل كل اليمنيين اعتزازاً بمواقفه الوطنية والقومية والوحدوية مشيرا إلى أن اليمن ستظل وطنا لكل العرب باعتبارها موطنهم الأول ومنبع العروبة.
سليمان العيسى يتحدث عن اليمن
من جانبه عبر الشاعر سليمان العيسى عن عظيم شكره وتقديره للرعاية الكريمة التي حظي بها أثناء إقامته في وطنه الثاني اليمن والتي لمس خلالها ابلغ مشاعر الأخوة والوفاء والحفاوة من الرئيس والحكومة والشعب اليمني ،مؤكداً انه سيظل يحمل لهذا البلد العربي الأصيل وقيادته الحكيمة أعمق المشاعر الأخوية واصدق آيات المحبة والتقدير.
وعقب تكريمه من الرئيس السابق ألقى كلمة يعيد المؤتمرنت نشر نصها :-
الأخ الرئيس....
قبل عشرين عاماً.. سألني مذيع شاب من تونس أجرى معي لقاءً تلفزيونياً استمر أكثر من ساعة.. في نهاية الحوار .. فاجأني قائلاً:
«عرِّف عن نفسك بعبارة واحدة نختم بها الحديث.
أطرقت لحظةً.. ثم قلت:
«أنا خلية في جسد عربي.. تبحث عن ملايين الخلايا من أخواتها، و تكافح.. لكي يتحرك الجسد، وتبعث فيه الحياة».
«منذ ذلك اليوم.. ما زلت قانعاً بهذا التعريف.. أردده في كل مناسبة أجل.. مازالت قانعاً بأني لست سوى خلية في جسد عربي.. لكي أكون صادقاً مع نفسي.. ومع الإنسانية التي أنتمي وننتمي جميعاً إليها».
كنت في التاسعة أو العاشرة من عمري حين حملت الجمرة في يدي، والكلمة على لساني، ورحت أغني حلماً عربياً وهبته حياتي وشعري.
ومنذ خمسة عشر عاماً وأنا وزوجتي الدكتورة ملكة أبيض نقيم في اليمن.. نناضل معاً.. ونعيش معاً، هذا الحلم الذي شغل حياتنا.. هي في جامعة صنعاء.. تدرس وتؤلف، وتترجم، وتشغل كل دقيقة من حياتها في خدمة الثقافة والمعرفة التي تستطيع أن تعطيها لأبنائنا وبناتنا في هذا البلد، وأنا املأ وقتي في حب البلد الذي عدت فيه إلى جذوري القومية الأولى، وسميته: المهد، وكتبت له حتى الآن خمسة دواوين شعرية، هو الذي املاها على ريشتي..
وحين ارتفع علم الوحدة اليمنية على شاطئ عدن سبقته دمعة فرح في عيني، وقصيدة للوحدة، كتبتها في اليوم نفسه، ورددتها في اليوم نفسه، شواطئ عدن اللازوردية، وقمم صنعاء السمر، وهضاب تعز الخضراء، وشجرة الغريب التي يربو عمرها على ألفي عام.
نعم.. في ذلك اليوم الأغر.. كانت الوحدة اليمنية حدثاً رائعاً، أعاد إلينا الأمل الذي فجعنا به في وحدتنا بين سوريا ومصر.. وكان مطلع قصيدتي التي تلتها قصائد بعد ذلك:
أملأ بها التاريخ والزمنا
وئدت هناك لكي تعيش هنا
هل يسمح لي فخامة الرئيس أن أسجل ببساطة وصراحة أن علم الوحدة اليمنية الذي رفعته بيديك صباح 22 مايو على شاطئ عدن قد حقق لي أنا حلماً غالياً غالياً من أحلامي التي وقفت حياتي وشعري عليها كما ذكرت قبل قليل.
وفي قناعتي التي لم تزعزعها الكوارث والنكبات أن الوحدة ستعيش هنا وهناك، وإنها قادمة يوماً لا محالة لتشمل هذه الأرض العربية كلها، طال الزمن أم قصر..
فالشهور والأعوام تحسب في عمر الأفراد، وليس في عمر الشعوب القادرة على الحياة وان امتنا العربية التي أعطت أول أبجدية في التاريخ، وأول تشريع في التاريخ وزرعت أول حبة قمح على الأرض.. إن هذه الأمة قادرة على الحياة.. نعم يا جبابرة الأرض الذين تستمتعون بتقطيع أوصالها وأوصالنا الآن.. هذه الأمة قادرة على الحياة.
الاخ الرئيس:
شكراً على التحية التي أتلقاها هذا الصباح، إنها ليست لي فأنا لم افعل شيئاً جديراً بها حتى الآن.. إنها تحية للقضية.. للفكرة.. للحلم الذي عشنا ونعيش من أجله جميعاً.إنها تحية لأطفالنا الحلوين الذين اغني، واكتب لهم منذ سبعة وثلاثين عاماً بدون انقطاع.
ويعرف الجميع أني لم انتظر في حياتي مكافأة على ما كتبت لليمن، أو لسورية أو للعراق، أو للجزائر، أو لفلسطين، أو لأية بقعة عربية انتمي إليها.
هذا الوطن العربي كله عندي جسد واحد..
وأنا.. كما قلت في مفتتح حديثي خلية في هذا الجسد.. ليس إلاّ.
حسب لحنٍ ينتهي في وتري
أنه في صدر غيري يبدأ
سأظل أغني هذا الحلم العربي الذي فتحت عيني عليه، وسأغمض عيني عليه، وإنه لجدير بالغناء، وبالتضحية والشهداء.
سأظل أنا وزوجتي الدكتورة ملكة أبيض على الطريق الذي بدأناه منذ اليوم الأول.
شكراً لكل الذين تحدثوا، أو كتبوا، أو احتفوا بنا في أية مناسبة.
شكراً لكل الأخوة والأخوات الذين جعلونا نشعر أننا في بيتنا، وبين أهلنا، وذوي قربانا..شكراً لليمن الذي أصبح جزءاً من حياتنا، ونرجو أن يقبلنا جزءاً من حياته ذات يوم.
سلامٌ على مهدنا الأول
على اليمن المشرق المقبل
سلامُُ على كل وادٍ يمور..
بأسرار تاريخنا الموغل
سلامٌ على حلوتي في الذرا
وصنعاء أعني، فلا تسأل
سلامٌ على موطن الخالدين..
سلامٌ على العبق الأول.
|