الإثنين, 19-أغسطس-2013
الميثاق نت -   عبدالفتاح علي البنوس -

< مما لاشك فيه بأن تعامل جماعة الاخوان مع أبناء الشعب المصري وفق رؤية وسياسة المرشد على قاعدة إما احكمك أو أقتلك هي من قادت الأوضاع في مصر الى حالة الغليان الراهنة، فالإخوان لم يصدقوا أنهم وصلوا الى سدة الحكم حيث سعوا الى فرض أجندتهم وفرض نفوذهم وإحكام سيطرتهم على كافة شئون مصر لضمان البقاء في السلطة اكبر فترة ممكنة، بل ذهبوا الى تسخير كافة صلاحيات الرئاسة والحكومة من أجل تحويل مصر الى مملكة اخوانية يتناوب قادة الجماعة على رئاستها.
ولم يكن الاخوان على وعي بأمور السياسة ومقتضياتها فسرعان ما فشلوا في ادارة حكم مصر بعد أقل من عام، مارسوا خلال هذه الفترة حماقات عدة جعلت السواد الأعظم من أبناء مصر يخرجون الى الشوارع والميادين لاسقاط حكم مرسي ووضع نهاية لديكتاتورية المرشد وتطرق جماعته، فأسقطوا مرسي وفوضوا الجيش لصياغة خارطة طريق انتقالية تُمهد لجملة من الخطوات التي من شأنها أن تعيد الاعتبار لثورة 25 يناير وتصحح مسارها وتعمل على ترجمة اهداف ثورة 30 يونيو التي ترسم ملامح الدولة المصرية الحديثة، دولة الحريات والتعددية دولة النظام والقانون، الدولة التي يحلم بها كل مصري على امتداد أرض الكنانة.
نهم السلطة أعمى الاخوان وأفقدهم القدرة على استيعاب ما حصل بحكمة ورؤية بعيداً عن المواقف المتشنجة والممارسات غير القانونية وخصوصاً وهم أكثر ادراكاً للأخطاء التي وقعوا فيها، وكان بإمكانهم كسب ثقة الشارع المصري لو أنهم انحازوا لإدارة المصريين وقبلوا بخارطة الطريق وعملوا على ترميم جبهتهم واستعدوا للانتخابات المقبلة وكانوا ضمن الحكومة الانتقالية وشاركوا في تحقيق المصالحة الوطنية وصياغة الدستور الجديد، ولكنهم فضلوا أن يجعلوا من أنفسهم أعداءً للشعب المصري من خلال رفضهم لخارطة الطريق وتمسكهم بشرعية مرسي المزعومة التي منحه إياها وسلبها منه الشعب، فجعلوا من نصرة مرسي نصرة للإسلام، واعتبروا بأن هدم الكعبة حجراً حجراً أهون من عزل مرسي، وذهبوا الى أن سقوط مرسي يعني سقوط الإسلام، وواصلوا عمليات الشحن والتحريض والاساءة ضد الجيش والرئيس الانتقالي والحكومة.
أشعلوا فتيل الارهاب في سيناء بالتواطؤ مع حركة حماس وعملوا على نشر الشائعات حول انقسامات وهمية في صفوف الجيش المصري وجعلوا من مواقع اهتماماتهم ملاذاً ومأوى للعناصر الارهابية التي تقوم بأعمال القتل والتخريب والتحريض، ورفضوا كل المبادرات ولم يستجيبوا لدعوات الجيش للاعتصامات سلمياً وضمان عدم تعرضهم لأي مضايقات الى ان جاءت ساعة الصفر وقررت وزارة الداخلية فض اعتصامات الاخوان في رابعة العدوية والنهضة، حيث تعامل الاخوان مع هذا القرار برعونة وعمدوا الى المواجهة مع افراد الشرطة وسقط المئات من القتلى والجرحى من الجانبين وتمت عملية الفض بنجاح، فكان الرد من الاخوان هو العنف والبلطجة والدعوة الى الجهاد والنفير والهجوم على مراكز واقسام الشرطة والكنائس وعمدوا الى احراق المساجد لادخال مصر في صراع وفتنة مذهبية وطائفية وكل ذلك من أجل مرسي والكرسي، ولم يكتفوا بالدماء التي سفكت والارواح التي أُزهقت، فاطلقوا دعوات لانصارهم للخروج الى الشوارع وكسر حالة حظر التجول رغم ادراكها ان ذلك سيضاعف من حجم الضحايا، وكأنهم يريدون المزيد من الضحايا والمزيد من العنف والخراب والدمار والفوضى.
أرادوا المزيد من القتل من أجل تصوير أنفسهم أمام الرأي العام بأنهم ضحايا وراحوا يجندون ويغرون أنصارهم للقتل تحت مسمى الدفاع عن الاسلام والشرعية الدستورية، وصوروا قتلاهم بأنهم شهداء الاسلام، في حين انهم شهداء مرسي والكرسي والمرشد وجماعة الاخوان، فالاسلام لم يمنح المسلم قتل أخيه المسلم من أجل السلطة، وتعالت اصوات الغضب والبكاء على شهداء الشرعية الاخوانية، وتعالت الاصوات المنددة بفض اعتصامات رابعة والنهضة من قبل حلفاء الاخوان الذين أرادوا إنقاذ الشرعية الامريكوصهيوني وقطري الذي يهدف الى اخونة دولة المنطقة وكلنا نعرف أنهم لايبكون على رابعة والنهضة ولكنهم يبكون من أجل حلم العودة الى الاتحادية.
سمعنا من الاخوان في كل مدن العالم وعلى وجه الخصوص في مصر واليمن تصريحات فجة ومفردات سوقية لاتليق بأبناء الاسلام دفاعاً عن مرسي ومآسي الجيش المصري في نظر أنصارها هي الفرقة الناجية وآخر قلاع الاسلام وتسابقت فضائيات العهر الاعلامي على نشر أكاذيبها وبث سمومها وتهويل اعداد الضحايا بصورة جنونية وكالعادة كانت سهيل والجزيرة والاقصى ويمن شباب وبقية الفضائيات الاخوانية هي السباقة في الدجل والكذب والمبالغة بدون ادنى خجل، وتسابق أبواق العمالة والارتزاق على العويل والنحيب وشق الجيوب استنكاراً لعزل مرسي وفرض هيبة الدولة المصرية، وكأن الاسلام ضرب في مقتل بإسقاط مرسي وحكومة وشورى ودستور مخطط الاخوان.
ولم يجد القيادي الاخواني عبدالله صعتر أي ضيم في الدعوة نحو المزيد من العنف والدماء في مصر من أجل استعادة الشرعية الاخوانية، حيث قال بأن الثورات الكبرى لم تحقق أهدافها إلا من خلال الدماء والضحايا معتبراً ذلك الطريقة الأنسب لاستعادة الشرعية وتحقيق الاستقرار، وتسابق تجار وقادة الاصلاح على التحريض ضد ارادة الشعب المصري ودعوا الى مظاهرات ومسيرات دعماً لمرسي والشرعية، متجاهلين هموم ومشاكل وطنهم وشعبهم ونصبوا أنفسهم كأوصياء وممثلين للشعب اليمني ترجمة لتوجيهات التكتل العالمي للاخوان المسلمين.
لقد أخطأ الاخوان عندما رفضوا ارادة الشعب وخارطة الطريق وأخطأوا ثانية عندما قرروا الرد على فض اعتصاماتهم في رابعة والنهضة بالعنف والقتل والارهاب وهو ما سيحرمهم من فرصة المشاركة في العملية السياسية مستقبلاً وخصوصاًَ في ظل تصاعد العنف والارهاب واتضاح ملامح المؤامرة العالمية التي يقودها الاخوان تجاه مصر، وازدياد حالة السخط الشعبي المصري تجاه ممارسات الاخوان ورغبتهم في تدمير مصر وتفكيك جيشها المغوار من أجل عودة مرسي للسلطة وان استمراريتهم في هذا المسار سيقود الى ثورة شعبية تفضي الى اجتثاثهم والقضاء التام على حركتهم وصار لزاماً عليهم القبول بارادة الشارع المصري التي اوصلتهم الى الحكم قبل عام وأخرجتهم منه بعد عام، مالم فإن عليهم تحمل ما سيطالهم من اجراءات رابعة بعد ان تأكد للجميع أن رهانهم على الخارج رهان خاسر خاسر خاسر.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-34072.htm