أمين الوائلي -
• قد لا تكون الحرية مهددة في مقتل .. ولكنها – بالتأكيد – تجابه غثاءً يتراكم وعبثاً يزدحم ، وقد نرى بأن المشكلة لا تكمن لدينا في غياب الحرية .. بل في تفلتها من عقال العقل وضابط المسئولية .
• لا نخشى من الحرية بقدر خشيتنا عليها ، أو أن يصادرها البعض بطريقة "الحب القاتل " أو " العاشق الكذاب " فالأول يندفع بجنون – حتى لا أقول بحمق- فيما الثاني " يفرح بالتهم " لا أكثر . ويعلمنا أهل ( الأنثروبيولوجيا ) أن " أكثر الناس تغنياً بالجذور هم الذين لا جذور لهم على الإطلاق " .
• لا أقصد المطابقة تماماً بين الشهادة الآنفة للتو وبين حال من يتغنون اليوم بالحرية وينصبون لأجلها الخيام ، بل ويجتزئون الصلاة على سياقها الروحاني والعبادي – كما في صلاة وخطبة الجمعة – لأجل أن تصبح تظاهرة صاخبة إضافية ، للحزب الفلاني والشعار " الفلتاني " المتفلت من عقال الحرية العاقلة ، وإن ذهب في الفعالية ذاتها إلى التباكي على الحرية وتقبل التعازي فيها !.
• وما أقصده تحديداً هو المقابلة – لا أكثر – بين هذه الحالة وتلك الشهادة فالواقع أن أكثرنا صخباً وزوبعة عن وبأسم الحرية ،، وتغنياً بها قد يحدث ويكتشف المرء أنه أكثرنا أيضاً غياباً عنها وتغييباً لها في سائر الشئون والحياة اليومية عامة أو خاصة .
• مهما حاولت .. أعجز – دائماً- عن تفهم حالة أحزاب وفعاليات سياسية ( يمنية بالتأكيد ) تستكثر حد القرف، من الفعاليات والملتقيات والتجمعات والندوات المختلفة .. وخلالها جميعاً تصخب وتزيد وتعبر عن آرائها ومواقفها بطريقة لا تخلو من النقمة والغيض والمبالغة في إنتهاك الموضوعية والمصداقية على أنها بذلك تمارس حقها في " المعارضة " و" التعبير عن الرأي" تحت يافطة حمراء مضرجة بدم الحرية ... وكتب عليها بخط عريض " نعم للحرية " .
• وفي ذات المناسبة والوقت ، تفعل وتقول كل شيء لا يعترف بحصول معنى " الحرية" فعلياً ، متجسداً في ما تنشط وتفعل وتمارس ، دون تحجير أو منع من أحد .. وهي هي .. لا تزال تحذر وتستنكر وتدين وتشجب – وكأنما هي الوجه الآخر لمؤتمرات القمة العربية ! غياب الحرية أو التضييق عليها أو انعدامها كلياً .. ولا تلاحظ أنها بذلك تدين نفسها ، تماماً ، فكيف تفعل وتزاول وتقول كل شيء وأي شيء ضد الحكم والحكومة والنظام السياسي ناهيك عنها في صحفها ووسائلها الإعلامية المتناثرة ومع ذلك تظل – لا أعلم إن كانت من الظلالة ؟!- على قنوطها وتحجرها عند سلب النظام والحياة السياسية والعامة فضيلة " الحرية " المزعومة ، والمنتهكة في حالتها تلك .
• ويمكنك ملاحظة الشيء نفسه مع فعاليات وخطابات مشابهة على المستوى الإعلامي وحرية الصحافة والرأي والتعبير .. ذلك أن الذين لا يزالون يمارسون معنى " مجهضاً " للحرية والمهنة هم الذين يصخبون ويسهبون في دحض الحرية والإيعاد بنهاية التاريخ – يمنياً – أو هكذا فهمنا من فؤاد دحابة – الإصلاحي – الذي خطب وآم بإخوانه في الله والحزب ، ونوعاً ما المشترك – الجمعة الماضية أمام رئاسة الوزراء .. وأخرج لنا بياناً سياسياً أشبه بما يقوله سياسيين ( الإصلاح ) وأبعد من أن يكون خطبة لصلاة الجمعة الجامعة .
• لا يمكن تجاهل واقعية أن " المشترك " يتجه إلى التصعيد ، وهذه ترادف التأزيم والتلغيم على مستويات عدة : سياسياً ، وإعلامياً ، وحزبياً .. وحتى في الصلوات ! خطاب الفرقاء – هذه الأيام – إزداد حدة كما إزداد تهوراً وتباعداً عن حكمة الإختلاف وعقل السياسة وهدوء المتحاورين – وطنياً – لا المتحاربين كما يوحي أو يحاول إقناعنا خطاب الفرقاء .
وتركيزاً على مفردة " الحرية " ضمن خطط أو خطاب التأزيم المتصاعد ، يمكن الإشارة إلى التلاعب والإبتزاز الكبيرين اللذين يتعرض لهما مفهوم ومعنى " الحرية " في ظل خلط واضح وإقحام معيب ومتعمد لقضايا الحق والواجب والمسئولية المقترنة بهما ، في أتون محرقة سياسية وكيد حزبي لا ينفك يحاصر أصحابه قاطعاً عنهم بالدرجة الأولى الماء والهواء اللازمين لتنفس حرية السياسة وعذوبة الاختلاف والتنوع .
• ثمة انفعال مضطرب وتوجهات مرحلية تستهلها أحزاب الفرقاء ، وتلوح في أفقها بوادر إنهزام مبكر ، وأخرى تنم عن إنهزام متأخر .. يمكن اعتباره من الآثار والتوابع " الزلزالية" للهزة الكبيرة التي أحدثتها نتائج انتخابات سبتمبر الماضي – رئاسية ومحلية .
وإذا ما صدق الخاطر ، فإن المشترك يحاول معالجة العلة بالوباء ، والتداوي من " الصداع " بـ" شج الرأس" .. وتظل فسحة للمراهنة على " عقلاء " يمكنهم مراجعة الحسابات وتلافي أخطاء السير في إتجاه هاوية تمني نفسها لو يحث الخطى نحوها .. الفرقاء !
• ،،، شكراً لأنكم تبتسمون .