بقلم/ تركي السديري -
.. يبدو أن تضخيم أهمية دور الصحافة في عصر سابق هو الذي أسقط الثقة بها في العصر الحاضر.. ففي زمن الناصرية كدنا نتصور أن بعض صحافة لبنان هي بعض من نزاهة المناعة في المقروءات المقدسة وبقينا نتابع أحمد سعيد بمنتهى الاستبشار والفرح حين يقول بأن "أخباراً من بيروت ذكرت كذا وكذا" دون أن نسأل أنفسنا من الذي روى تلك الأخبار؟..
تشاحنت في المنطقة خصومات بين الشيوعيين والقوميين العرب ولم نجد صحافة رادعة للتغرير والتمويه وإنما وجدنا صحافة في مثل صفوف العرضة.. كل يغني ويصفق على قبيلته السياسية..
الآن والشرق الأوسط يسبح في بحر من المخاطر المخيفة.. نلاحظ أنه لا توجد صحافة عامة في معالجاتها ولكن توجد صحافة خاصة في اهتماماتها.. كل صحافة دولة تناقش ما يخص مصلحة مجتمعها وليس مصلحة منطقتها.. بمعنى وجود إقليمية صارخة. وفي الماضي كان الاتهام الموجه إلى الصحافة العربية في بعض الدول حين تتسلط بنقد غير موضوعي ضد دولة خارج حدودها بأنها عميلة لدولة أجنبية.. الآن مثلما انحدرت المنافسات من صراع أفكار شيوعية وقومية وإسلامية حتى تحولت إلى حرب جزئيات الفئة الواحدة.. وهناك من يمول هذه العوامل كما أن هناك صحفا تقوم بالترويج لها.. صحفا من أين تشتري الورق وهي تخلو من أي إعلان؟..
هذا بكامله ليس مهم التأثير على مواطن الدولة الواحدة لكنه بالغ الأهمية في تأثيره على أي دولة مستهدفة بمؤامرات ضدها حيث لا يوجد رأي عام صحفي يقول كلمة الحق في وقته المناسب..
على سبيل المثال، اليمن هذا البلد الطامح إلى تحقيق وجود فاعل في التعليم والاقتصاد والصحة والمواصلات بإمكانياته المحدودة جداً لن يستطيع ذلك ما دام يصرف موارده القليلة في مواجهة الإرهاب وأعمال التخريب وأيضا التصدي للتدخلات في شؤونه الداخلية والتي تسعى إلى إعاقته عن النجاح في مواجهة مشاكله التنموية المحلية.
والسؤال هو .. لماذا التحريض على اليمن؟.. ولماذا تحريض الإرهاب والتخريب؟.. والأخطر لماذا تبريرهما؟.. أين الصحافة من كل ذلك؟.. إذا كان هناك وجود لصحافة مستقلة.. وهل هناك أيضاً وضوح لصحافة عربية موضوعية تساند هذا البلد الشقيق؟!.. لاشيء .. الكل يغني على ليلاه وبلقيس ليس هناك من يغني لها..
>رئيس تحرير صحيفة الرياض السعودية
الثورة