ابــن النيل -
يبدو أن قدر لبنان في زمننا هذا.. أن يتحمل لوحده تبعات ما آلت إليه أوضاع أمته بفعل تقاعس نظامها الرسمي، وقد توالت على هذا البلد العربي الشقيق جملة من المحن والشدائد التي لا ناقة له فيها ولا جمل، منذ كان الغزو الصهيوني لأراضيه، ومن ثم.. حصار النصف الغربي لعاصمته العربية »بيروت« بهدف حرمان المقاومة الوطنية الفلسطينية من آخر موطئ قدم لها على خطوط التماس مع العدو، مروراً بكل ما أعقب ذلك من سبل تضييق الخناق على حركة مقاومته المناوئة لمبدأ الإذعان لمشيئة مغتصبي حقوق أهلنا في الوطن المحتل، إلى غير ذلك من أعمال عدوانية سافرة.. استهدفت تدمير بنيته التحتية لذات الغرض، في غيبة الحد الأدنى مما تفرضه ضرورات الواجب الوطني والقومي على جميعنا.
غير أن وفي أيامنا هذه، وقد كثرت التحديات المضنية والضارية التي يواجهها لبناننا هذا، فما تزال أمة العرب وكأنما هي بمنأى عما يتهدد مصير بلد من أكثر بلدانها حاجة إليها.. بغية تخليصه من مغبة مايتعرض له وشعبه في راهن الوقت على الأقل.
فمنذ كان اغتيال الرئىس الشهيد »رفيق الحريري«.. وانقسام الصف الوطني مابين »المعارضة« و»الموالاة« يتجذر يوماً بعد يوم، إلى أن صدر قرار مجلس الأمن الدولي باستحداث محكمة دولية في جريمة اغتياله ليزيد الطين بِلَّةً كما يقولون.
وتأتي مواجهات مخيم نهر البارد بين جماعة »فتح الإسلام« وقوات الجيش في الشمال اللبناني لتزيد الأمور تعقيداً أكثر من ذي قبل، خاصة وقد ترافقت مع تصعيد وتائرها تلك التفجيرات المباغتة التي أدت إلى ترويع الآمنين من أهالي لبنان الجريح.
وفوق كل هذا وذاك.. يبقى الاستحقاق الانتخابي ملقياً بظلاله على كل صغيرة وكبيرة من مفردات الحراك السياسي اللبناني، سواءً أكان ذلك في العلن أو في الخفاء، ولانملك في نهاية الأمر إلاَّ أن نتوجه إلى المولى عز وجل.. سائلين إياه أن يحفظ هذا البلد العربي الشقيق من كل مايتهدد أمنه واستقراره.. وإلى حديثٍ آخر.