فيصل الصوفي -
فاوضت جماعة الإخوان في مصر السلطة الجديدة، واشترطت مقابل وقف العنف والإرهاب شرطين رئيسيين: الأول الحصول على حصانة قضائية لرئيس الجماعة المخلوع محمد مرسي وللذين كانوا معه في السلطة حتى بداية شهر يوليو الماضي، متحججة بأن مرسي منح الحصانة القضائية لقادة المجلس العسكري السابق.. وكان شرطها الثاني عودة حكومة هشام قنديل لتسيير الأعمال خلال فترة انتقالية قصيرة.. فرفض عرضها، واستمرت في العنف والإرهاب، وهي اليوم تشق طريقها نحو النهاية.. فبالإضافة إلى محاصرة الشعب المصري لها، وقد رأينا كيف واجهها وحصر بقايا أنشطتها داخل أزقة، وقاعات مغلقة، فإنها تنتظر قراراً قضائيا بحلها.
وهنا في اليمن يثأر الإخوان لجماعتهم «الأم» بطريقة تثير السخرية، ويشغلون بعض الناس بلعبة السقوط غير المطلوب.. كأننا نحن الذين أسقطنا حكم الجماعة الفاشلة في مصر، ثم رفضنا عرضها بشأن الحصانة لمرسي، وعودة حكومتها مدة مؤقتة، والمثير للسخرية أن رد فعل فرع الجماعة في اليمن ناتج عن عدم حصول رئيس الجماعة الأصلية على حصانة قضائية.
يصلون ويتظاهرون وينظمون حملة توقيعات لإسقاط قانون الحصانة، ونحن نعرف أنهم أحرص عليه من غيرهم، وأنهم متمسكون به باعتباره جزءاً من المبادرة الخليجية التي وقعوا عليها، ومنصوص عليه في الآلية التنفيذية التي وقعوا عليها في الرياض، وممثلوهم في مجلس النواب صوتوا جميعاً لقانون الحصانة، وهم مستفيدون منه أكثر من الرئيس السابق للجمهورية الزعيم علي عبد الله صالح، لأنه- كما يدركون- محصن بشعبه، بينما لا حصانة لهم غير قانون الحصانة الذي ينافقون الناس حوله، ويلعبون تلك اللعبة المسلية.
نحن لا نؤيد هذا القانون الذي منح حصانة قضائية للرئيس الصالح والذين عملوا معه أثناء فترة حكمه مثل علي محسن واليدومي، وغيرهم من الذين ارتكبوا جرائم باسم حماية الدولة من المخربين، وقتل وتعذيب المعارضين، وادعوا أنهم عندما كانوا يفعلون ذلك إنما يفعلونه "خدمة رئيس دولتي" حسب تعبير محمد اليدومي رئيس تجمع حزب الإصلاح.. ولكننا نسكت عن قانون الحصانة لأنه واحد من البنود الستة في المبادرة الخليجية، ومنصوص عليه في آليتها التنفيذية، والمبادرة وآليتها -كما نعلم- هما الأساس الذي قام عليه حل الأزمة السياسية، أو اتفاق التسوية.
إن الاخوان في اليمن يثأرون لجماعتهم «الأم» في مصر بطريقة مثيرة للسخرية.. يسقط قانون الحصانة في اليمن، لأن المصريين رفضوا منح حصانة قضائية لرئيس الجماعة وقيادات الجماعة الذين شاركوا في حكم المرشد.. وفي الوقت نفسه الإخوان هنا مطمئنون أن قانون الحصانة جزء أساسي من اتفاق التسوية، ولن يسقط للأسباب التي بينا قبل.. يشغلون أتباعهم بقضية هم مطمئنون لها، ويقولون لهم: هيا بنا نلعب لعبة "إسقاط قانون حصانة لا نريد أن يسقط".