مطهر الأشموري -
< أزمة 2011م تبنت بقوة كشعارات للثورات والدولة المدنية الحديثة والحريات، لكنه حين دفع التفعيل الى واقع لأنظمة جديدة نجد أنها تمثل نمطاً جديداً للدولة الدينية «الاخوان» وذلك ما أكدناه مبكراً «أخونة المحطة».
الذي مارس القتال في الاعتداء على المعسكرات سواء باقتحام أوحصار هي مليشيات الاخوان، وحين التطور بعد تنفيذ المبادرة والسير من خلال رئيس توافقي منتخب وتشكيل حكومة وفاق فنحن نعيش شبه حرب واقتتال بين الاخوان وأنصار الله فماذا نسمي هذه الحرب أو الصراع.. هل هو صراع ديني أم مذهبي أم كلاهما؟
فتطورات المحطة في أي واقع يفضي الى دولة دينية أو صراع ديني بأي لبوس سياسي أو مذهبي، فهل هذه هي الدولة المدنية الحديثة التي جاءت المحطة من أجلها كما طرحت وفي شعاراتها أكدت؟
النظام البعثي في سوريا سار منذ الحرب العراقية الايرانية بل ومنذ ثورة ايران في تحالف سياسي وربطاً بذلك مع حزب الله كمقاومة ومشروع مقاوم، ولكن هذا التحالف من طرف سوريا كواقع لم يربط بمذهبية أو صراعية من الدين بأي قدر.
حين تطورت محطة 2011م في سوريا ايضاً الى الاقتتال والحرب فتحت اشتقاقات عناوين الصراعات والتطرفات الدينية كالجهاد والقاعدة والنصرة والعنوان الأكبر «الصراع السني - الشيعي».
ولهذا فواقع سوريا لم يكن له علاقة بالثقافة الخمينية أو التشيع والشيعة المتطرفة يلجأ الى اختلاق واختراع عناوين لزج الجانب المذهبي على طريقة أن بشار الأسد علوي أو النظام الحاكم فيما هذا العنوان الذي استدعي أو استحضر لم يحس في تفعيل الحياة وتفاعل الواقع العام..لم يبقَ من الأنظمة ذات التأصيل السلالي غير الأردن والمغرب وملك الأردن الذي جاء من اشراف مكة بعد ما عرفت بالثورة العربية الكبرى هو «العلوي» في التأصيل أو طريقة التوصيل.
المفترض أن يقف مع النظام في سوريا وبشار الأسد من هذا التأصيل وحيث الأردن يقف ويصطف في جبهة الضد يصبح من السهل تأصيل مواقف ومحطة الاصطفاف كصراع ديني أو مذهبي بمرجعية المحطة ومتراكم المحطات في المنطقة.
تهمة «العلوية» تخترع كما تهمة استعمال أسلحة كيميائية أو خطر أسلحة دمار شامل في العراق.
الإسلامة بمرجعية ولاية الفقيه و«قم» في إيران استعمل لصف واصطفاف جبهة الحرب من العراق وأثقال الغرب كانت المرجعية وظلت في تفعيل المحطات الموازية والتالية حتى 2011م.
المكلف من المنطقة بتلصيق تهمة على النظام السوري لتمرير أوامر وتبرير الحرب من منظور صراعي ديني لم يجد غير تهمة «العلوية» التي غموضها أفضل من انفضاح غيرها فيما المعروف بداهة أن ملك الأردن هو العلوي بما ظل والده وجده يعرفان به بل يقدم كل منهما هذا التعريف بفخر واعتزاز..في الصراع الشيعي السني المتطرف كإسلام أياً كان النبع والتوابع والتبعية فإنني لا استطيع الوقوف مع أي منهما من المنظور أو الاصطفاف الديني المذهبي، وقد أمارس مواقف اتزان مع مصالح واقعي وبلدي أو مواقف توازن مع حقائق واستحقاقات أخرى ذات أهمية أو تأثير.
إذا أمريكا فيما تطرح لتخريجات سياسية أو ترقيع سياسي لهذا الجمع والإلتقاء بين ما يمارس كحرب ضد الارهاب وبين ما يمارس كحرب بالارهاب على سوريا نقول بأن «جبهة النصرة» إرهابية فلماذا تحارب «جبهة النصرة» في الاصطفاف الامريكي وربطاً به الاسرائيلي؟
ستجيب بأنها ستقضي على النظام السوري ومن ثم على اسرائيل وأمريكا وتلك إجابة «القاعدة» حين قالت إنها ستقضي أولاً على السوفييت في افغانستان ومن ثم على أمريكا .. الخ.
بمنطق المتغيرات الدولية فإنه لا يفترض الحرب بالارهاب على وفي سوريا ولا يفترض استعمال إفتاء وتكفير الارهاب استهدافاً لسوريا وتخريجات إدانة النصرة كإرهاب لم تعد أكثر من كشف المستور وفضح أشياء مما هو أعظم في الخفاء والإخفاء.
بمنطق الاسلام فإنه لا يجوز بل من أشد المحرمات والجرائم في حق الدين الإفتاء بتكفير أو بقتل مسلم ومن يمارس ذلك كنظام أو عالم فهو يتاجر بدينه لصالح متغيرات ومصالح دنيوية هي رخيصة وبخسة مهما كانت بحسابات وموازين الحياة الفانية.
ربما لم يعبث بالإسلام في كل الصراعات التي اقترنت به تاريخياً في الصراعات على الحكم كما عبث به في فترات ما عرف بالصحوة الاسلامية كأرضية للمحطات والمتغيرات كمد غربي منذ آخر الحروب مع اسرائيل حتى عام 2011م.. فإلى متى يظل هذا العبث..؟ وقد بات العابثون يخافون قوة دنيوية ويوظفون الدين والمعتقد لخدمتها ويفصلونه كما تريد افتاءً وتنفيذاً دون خوف من الخالق عز وجل!