الميثاق نت - دعا وزير الخارجية الدكتور ابو بكر القربي، المجتمع الدولي القيام بمسئولياته في دعم القيادة السياسية في اليمن واتخاذ التدابير الكفيلة بردع ومعاقبة أي طرف يحاول إفشال ما حققه اليمنيون حتى الآن من مكاسب في إطار العملية السياسية الجارية.
جاء ذلك في كلمة الجمهورية اليمنية التي القاها الوزير القربي أمام الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
واعرب الوزير القربي عن شكر وتقدير اليمن لرئيسِ الدورةِ السابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة فوك جيريمك ،على الجهود التي بذلها خلال الفترةِ الماضية، وكذا تقديره لجهود الامين العام بان كي مون وقيادته الحكيمة للمنظمة واهتمامه بتطورات الأوضاع في اليمن.. معبراً عن تهانيه وثقته بقدرة السفير جون آشي رئيسِ الجمعية العامة للأمم المتحدة، على إدارة دفتها بكل اقتدارٍ خلال المرحلة القادمة.
وقال: "إنه لمن محاسن الصدف أن يتزامن انعقاد الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة مع احتفالات اليمن بأعياد ثورتي سبتمبر وأكتوبر وإنها لفرصة ثمينة ومن على هذا المنبر الدولي الهام، أن أُهنئ الشعب اليمني العظيم بهذه المناسبة الغالية وأُحييه على صموده وتضحياته في سبيل نيل حريته والتحرر من الاستعمار والظلم والقهر والاستبداد.. كما أُهنئه مجدداً اليوم على مواصلته لمسيرة التغيير التي بدأها قبل أكثر من خمسين عاماً بكل حكمة وصبر".. مؤكداً عزم الشعب اليمني وإصراره على التطوير والتحديث والتخلص من كل آثار ومخلفات الماضي البعيد والقريب والمُضي قُدماً في إنجاز متطلبات التسوية السياسية التاريخية التي جسدتها المبادرة الخليجية آليتها التنفيذية وبدعم دولي وإقليمي منقطع النظير.
واضاف: "من على منبر الأمم المتحدة أوجه تحية خاصة لشباب اليمن الذي قاد مسيرة التغيير من أجل إقامة حكم المؤسسات وتعزيز الحريات وتكريس النهج الديمقراطي وبناء اليمن الجديد الذي تتوفر فيه العدالة والحرية والحكم الرشيد.. لافتاً إلى أن قيم العدل والحرية والمساواة واحترام حقوق الإنسان والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين هي المبادئ والركائز الأساسية التي أُنشئت من أجل تحقيقها الأمم المتحدة وإيماناً منها بهذه القيم والمبادئ انضمت اليمن إلى هذا المحفل الدولي مبكراً وحرصت على احترام مواثيقه وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم والشعوب .
وتابع وزير الخارجية قائلاً: "ان نهج التسوية السياسية والحوار الوطني الشامل الذي يخوضه اليمنيون منذُ أكثر من ستة أشهر يستلهم روح الأهداف والمقاصد النبيلة التي تضمنتها عهود ومواثيق الأمم المتحدة، كما يُعبر في مشهدٍ آخر عن صورة مشرقة جسدها اليمنيون من خلال حقيقتين أساسيتين تمثلت الأولى في حرصهم على الوفاق والعيش المشترك ونبذ العنف وتغليب لغة الحوار والعقل والمنطق على ما سواها وتجلت الثانية في كون اليمن شكل نموذجاً يُحتذى في ظل التحولات العصيبة التي تشهدها بعض دول المنطقة وشعوبها، حيث عكس مسار معالجة الأزمة الحادة التي عصفت باليمن مطلع العام 2011م حالة فريدة من التفاهم والتسامح الداخلي تعززت برغبة صادقة ومتبادلة في التنسيق والتعاون بين اليمن والمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي لتأسيس شراكة حقيقية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وجدد الوزير شكر وتقدير اليمن لكل من قدم الدعم للشعب اليمني وللتسوية السياسية التي جسدتها المبادرة الخليجية، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقادة دول مجلس التعاون الخليجي وأمينها العام عبداللطيف الزياني.
ووجه الشكر إلى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون ، وأعضاء مجلس الأمن على زيارتهما إلى اليمن و تأكيدهم دعمهم ووقوفهم إلى جانب التجربة الوحيدة في دول الربيع العربي التي اختارت لنفسها نهجاً مميزاً يقوم على نبذ العنف وتجنب سفك الدماء وشهدت انتقالاً سلساً ومنظماً للسلطة ..مشيراً إلى ان تلك الزيارات عكست مدى التوافق الإقليمي والدولي غير المسبوق على صيغة الحل والتسوية السياسية في اليمن المرتكزة على المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن 2014 و 2051 بشأن اليمن.
وأثنى الوزير القربي في كلمة اليمن أمام الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة على جهود الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن على رؤيتها الموحدة تجاه اليمن، الأمر الذي مكن من تحقيق النجاح للعملية السياسية القائمة .. مشيداً بجهود جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والمانيا وسائر الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية وجمال بن عمر المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة الى اليمن ودورهم الكبير في التوفيق بين الأطراف اليمنية.
وقال: "لا يخفى عليكم بأن الجمهورية اليمنية قطعت أشواطاً مهمة وكبيرة في تطبيق بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ونحن الآن بصدد الانتهاء من أهم استحقاقات المرحلة الانتقالية الثانية وهو الحوار الوطني الشامل الذي شكل الآلية للعملية السياسية خلال الشهور الماضية والطريق الأمثل لليمنيين لصياغة المستقبل، حيث ستُشكل نتائجه ومخرجاته الركائز الأساسية في بناء الدولة اليمنية الحديثة التي تعتمد الديمقراطية ومبدأ التداول السلمي للسلطة، وتُعلي من قيم الحرية والعدالة والشراكة والمواطنة المتساوية وتحترم حقوق الإنسان وتُكرس هيبة الدولة وسيادة القانون، وتحفظ أمن اليمن ووحدته واستقراره.
واضاف: "كما تعلمون فقد تزامنت فعاليات وأعمال مؤتمر الحوار مع نجاح الجهود المبذولة لترسيخ الأمن والاستقرار وإعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية على أسس وطنية وعلمية لتكون مهمتهما حماية الدولة بعيداً عن الولاء للأحزاب أو الأشخاص .. ولكن و برغم ما تحقق إلا أنه لازال أمام اليمنيين تحديات عدة خلال المرحلة القادمة، من أهمها صياغة الدستور الجديد والاستفتاء عليه والتحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، ونحن على ثقة بأن اليمنيين وبدعم كل الأشقاء والأصدقاء سيتجاوزون هذه المرحلة بنفس روح التعاون و الحرص على نجاح التجرية اليمنية من اجل التغيير.
وأكد الوزير القربي أن ما حققه اليمنيون حتى الآن من مكاسب في إطار العملية السياسية الجارية وما هو متوقع أن يتحقق مستقبلاً مرهون باستمرار دعم المجتمع الدولي وبتعزيز صيغة الشراكة والتعاون مع اليمن، خصوصاً وأن هناك بعض الأطراف والقوى في الداخل والخارج مازالت تعمل ضد إرادة الشعب اليمني وتسعى لعرقلة التسوية السياسية وضرب عوامل الاستقرار وأُسس التنمية، وهذا ما يحتم على المجتمع الدولي القيام بمسئولياته في دعم القيادة السياسية و اتخاذ التدابير الكفيلة بردع ومعاقبة أي طرف يحاول إفشال هذا النموذج الفريد في المنطقة.
وتابع بالقول: "إننا لسنا بحاجة إلى التذكير بحجم الصعوبات المالية والاقتصادية التي يُعاني منها اليمن وانعكاسات ذلك على الاستقرار بشكل عام وزيادة المشكلات السياسية والأمنية وتصاعد حدة الصراعات وأعمال العنف والتطرف بما فيها نشاط التنظيمات الجهادية المسلحة مثل تنظيم القاعدة .. والواقع أن ظاهرة العنف والإرهاب تُغذيها عدة عوامل، فإلى جانب الاضطرابات السياسية والأمنية هناك انخفاض في معدلات التنمية واتساع رقعة الفقر وانعدام فرص العمل وارتفاع نسب الأمية والبطالة وتدني مستوى الخدمات بشكل عام، وهذه كلها عوامل لا تُساعد على الاستقرار وتخلق بيئة خصبة وملائمة لتنامي نشاط هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة".
واستدرك بالقول "وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها الحكومة اليمنية والأجهزة الأمنية المختصة واللجان الشعبية في ضرب ومحاصرة هذه الجماعات وبالتعاون مع المجتمع الدولي، إلا أن القضاء عليها بشكل نهائي ما زال بحاجة إلى تقديم مختلف أشكال الدعم المادي والفني واللوجستي ووضع خطط وبرامج عملية لا تكتفي بمعالجة ظواهر المشكلة بقدر ما تهتم بمعالجة جذورها ومسبباتها الحقيقية"
وأشار الى أن اليمن وضعت من اجل ذلك إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب وهي بحاجة الى دعم المجتمع الدولي.. منوها بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي من خلال مجموعة أصدقاء اليمن ومؤتمر المانحين من خلال التعاون مع الحكومة اليمنية من أجل التسريع بالوفاء بالتعهدات والالتزامات المعلنة، خاصةً وأن الحكومة اليمنية قد أعدت و بشراكة معهم الآليات والتصورات الكفيلة باستيعاب هذه الأموال وتخصيصها في مجالات التنمية المختلفة .
وعبر وزير الخارجية عن الشكر للدول المانحة التي أوفت بتعهداتها والتزاماتها المالية، وتجسيدها معنى الشراكة الحقيقية بين اليمن والمجتمع الدولي، لاسيما واليمن بحكم موقعها الجغرافي وتكوينها الاجتماعي ووضعها الاقتصادي أصبحت عرضة لأشكال مختلفة من المخاطر والتحديات ذات الطبيعة العالمية.
ونبه القربي: "من ان حضور تنظيم القاعدة في اليمن و نشاط جماعات الجريمة الدولية المنظمة التي تُتاجر بالسلاح والمخدرات والبشر وبكل أنواع السلع والبضائع المحرمة دولياً وكذا استمرار أعمال القرصنة البحرية بالقرب من شواطئها ما هي إلا نماذج وأشكال مختلفة من المخاطر التي لا تُهدد أمن واستقرار اليمن وحده وإنما تتعداه لتهدد السلم والأمن الدوليين .
واشار إلى الصعوبات التي تواجهها اليمن جراء استمرار تدفق اللاجئين من بعض دول القرن الأفريقي، خاصةً وأن اليمن تحتضن ومنذُ سنوات عديدة ما يزيد عن المليون لاجئ وما يشكله ذلك من أعباء اقتصادية وأمنية واجتماعية ثقيلة تتطلب من المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات المعنية بهذا الشأن المساهمة في تخفيف حدة هذه الظاهرة وآثارها السلبية على اليمن والبحث عن آليات جديدة من شأنها دعم جهود الحكومة اليمنية في رعاية هؤلاء اللاجئين ومن ثم العمل على إعادتهم إلى بلدانهم التي شهدت نوعاً من الاستقرار في الآونة الأخيرة.
وتطرق وزير الخارجية إلى الأحداث والصراعات الدامية المستمرة في أكثر من مكانٍ في العالم لاسيما في منطقة الشرق الأوسط والتي لا تنسجم مع الأهداف والقيم النبيلة التي أُنشئت من أجلها الأمم المتحدة ، وما يتحتم على المجموعة الدولية من أعادة النظر في آليات عمل المنظمة الدولية وإجراء بعض الإصلاحات الضرورية والكفيلة بتفعيل دورها ومسئولياتها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
واشار الى الإحباط واليأس لدى معظم شعوب الدول العربية والإسلامية نتيجةً لعدم قيام المجتمع الدولي وتحديداً الدول الراعية لعملية السلام بدور كافٍ وفعال من أجل حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً يُفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعودة الحقوق المغتصبة إلى أصحابها ووقف كافة الأشكال والممارسات القهرية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة باستمرار عمليات الاعتقال والتنكيل بالفلسطينيين والتوسع في بناء المستوطنات ومحاولات تهويد القدس الشريف وعمليات حفر وهدم المسجد الأقصى.
واكد الوزير القربي إدانة الجمهورية اليمنية استعمال الأسلحة المحرمة وبالذات السلاح الكيماوي في قتل الأبرياء في سوريا من أي طرف كان .. داعيا كافة الأطراف في سوريا إلى وقف نزيف الدم وإزهاق أرواح الأبرياء وتحكيم العقل واختيار طريق الحوار و أن تكرس جهودهم نحو الحل السياسي و المصالحة والبناء ، وأن تُكثف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالشأن السوري جهودها لإنجاح الجهود المطروحة نحو الحل السلمي والتسريع بعقد مؤتمر جنيف 2 لإنهاء الأزمة بشكل نهائي ووقف العنف ونزيف الدماء على الأراضي السورية.
وقال: إن الأحداث التي شهدها العالم خلال الفترة الماضية قد أظهر التحديات التي تواجهها الأمم المتحدة و قد رأينا ذلك جلياً من خلال الخلاف بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن حول الوضع في سوريا وما ترتب على ذلك من تلويح باستخدام القوة لحل الصراعات خارج نطاق الشرعية الدولية المتمثلة بالأمم المتحدة ، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى إصلاح هذه المنظمة وتعزيز دورها في حل المنازعات الدولية وحفظ الأمن والسلم الدوليين على نحو يحقق مصالح كافة أعضائها بصورة متكاملة.
كما لفت الى ما شهده ويشهده الصومال الشقيق من خطوات هامة لتعزيز الأمن والاستقرار والمضي بالعملية السياسية وترسيخ مؤسسات الدولة، .. مؤكدا استمرار دعم الجمهورية اليمنية للصومال الشقيق .. داعيا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبه وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي له بما يمكنه من تثبيت الأمن وتجاوز آثار سنوات طويلة من الاحتراب والمُعاناة.
|