د.علي العثربي -
< عندما تتورط بعض القوى السياسية في التآمر على وحدة الوطن بسبب عشقها للسلطة ورغبتها الخاصة في نهب مقدرات البلاد والعباد والاستحواذ على كل خيرات المكونات الجغرافية والبشرية للدولة يأتي عليها الدهر بالذل والقهر وتخسر كل شيء، وعندها فقط تعض على أصابع الندم، وتظهر لديها المعرفة والحقائق التي تجاهلتها عندما عقدت أحلافها العدوانية في سبيل اسقاط الشرعية الدستورية والوصول الى السلطة دون الرغبة الحقيقية للشعب وعبر خنق الديمقراطية وقتل الحياة السياسية والتعددية الحزبية والرفض المطلق للتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الديمقراطية من خلال صناديق الاقتراع الحر والمباشر والإصرار المطلق على الانقلاب الفاجر على الشرعية الدستورية.
إن القوى السياسية التي تحالفت في بداية 2011م من أجل اسقاط الشرعية الدستورية وعقدت الأحلاف التآمرية في ذلك الحين مع قوى الشر والعدوان والفجور لم تفكر الا في كيفية تحقيق غايتها الغوغائية وهي الوصول الى السلطة بأية وسيلة مهما كانت تلك الوسيلة فاجرة وضد الدين والوطن والانسانية، ولأن هذا هو التفكير الشيطاني الذي سيطر على تلك القوى، فقد دفعها الى التحالف مع ألد أعدائها وأشدهم خطراً على مستقبل تلك القوى، وأظهرت للعالم أن ذلك التحالف في غاية الانسجام والاندماج والائتلاف، وكان العالم في تلك اللحظة لا ينظر بعينين ولا يسمع بأذنين فاستغلت تلك القوى المدعومة من خارج البلاد تلك الفرصة وأصرت على تعريض الوطن للاحتلال الاجنبي في سبيل الوصول الى غايتها الشيطانية، فإنها لم تحترم الهيئة الناخبة ولم تعر القيم والمبادئ الدينية والانسانية أي اهتمام، ولم يكن أمامها غير كتاب الأمير لميكيا فيللي « الغاية تبرر الوسيلة» وأصبح في لحظة معينة الكتاب المقدس بالنسبة لتلك القوى الفاجرة، الأمر الذي أحدث الفزع في أوساط البسطاء من الناس وأصحاب المنافع الذاتية، أما أحرار اليمن فلم يكن همهم غير الحفاظ على يمن قوي واحد وموحد قادر ومقتدر على تأمين مستقبل الاجيال ولم تؤثر تلك العاصفة في مبادئهم وقيمهم وولائهم لله ثم للوطن على الاطلاق.
إن اللحظة الحالكة التي مر بها اليمن في 2011م عندما ظهر ذلك التحالف العدواني، لم يجد الوطن من يصمد أمام تلك العاصفة الهوجاء غير الشرفاء الذين أدركوا أن ذلك التحالف الهمجي ضد اليمن لم يكن داخلياً فحسب وإنما مدعوم من القوى الحاقدة على اليمن من خارج حدودها، لذلك فقد تعامل الحكماء والنبلاء مع هذه العاصفة بعين الحكمة وروح الموضوعية وقوة الولاء لله ثم للوطن، الأمر الذي جعل الشرفاء يتجاوزون العاصفة ويحافظون على وحدة اليمن.
إن ما حدث بعد تلك العاصفة بين قوى التحالف والعدوان شيء مهول من النهم والجشع ثم العودة الى سياسة التصفية الجسدية والانتقام الذي تجاوز كل القيم، وأصبحت اليوم تلك القوى تصر على تمزيق الوطن وتظهر خطورة تلك التحالفات الهمجية، ولما عادت عاصفة الخطر على الوحدة الوطنية من جديد لم يجد الوطن غير أولئك الشرفاء والنبلاء الذين أرسوا التقاليد الديمقراطية وثبتوا مبدأ التداول السلمي للسلطة ليقولوا لا وألف لا لقوى التآمر والعدوان على وحدة الأرض والدولة والانسان اليمني، أما أولئك الذين نسجوا خيوط المؤامرة فقد فضحهم الله وخاب مسعاهم الفاجر وهم الآن يعضون أيديهم، لأنهم خسروا رضا الله ثم الشعب.