الإثنين, 30-سبتمبر-2013
الميثاق نت -   < محمدعلي عناش -
< بدا سبتمبر في ذكراه الواحدة والخمسين بائساً ومسلوب الكبرياء، ومنغصاً بالكثير من المشاكل والقضايا الوطنية والأزمات المفتعلة التي أعاقت مسار التسوية السياسية وهدفت الى إفشال مؤتمر الحوار الوطني والى تمزيق الوطن وجره الى أتون الصراعات والمزيد من الأزمات هروباً‮ ‬من‮ ‬استحقاقات‮ ‬المرحلة‮ ‬الوفاقية‮.‬
لم نكن نتصور ونحن نحتفل بذكرى ثورة سبتمبر أن يصل الاستخفاف بمشاعر وعقول اليمنيين الى هذه الدرجة الكبيرة التي وصل اليها الخطاب الرئاسي عشية الذكرى الواحدة والخمسين للثورة والذي يبعث على الحسرة والألم ويظهر مستوى كبيراً من الجحود والنكران وحجم التضليل الذي يرسم واقعاً مغايراً لما نعيشه من سوء وتدهور وتمزيق للوطن ووحدته، ليس هذا وحسب بل كشف وجهاً حقيقياً لنظام هذه المرحلة، الذي أظهر مزيداً من التنصل تجاه كافة الخروقات والتجاوزات لنصوص المبادرة الخليجية المزمنة، والأخطاء والتجاوزات والتي رافقت مسار التسوية السياسية، وانحرفت بها الى مسار الإقصاء والفساد الممنهج وأخونة مؤسسات الدولة، في ظل صمت رئاسي وأممي، وأظهر مزيداً من الحرفية المدمرة في نقل الحالة اليمنية من ملعب التوافق وهو في جولته الأخيرة وفي انتظار تنفيذ الاستحقاقات الوطنية والديمقراطية للمرحلة الانتقالية التي شارفت على الانتهاء الى ملعب آخر قائم على التحالفات العصبوية والمناطقية وتصفية الحسابات والبحث عن مبررات للتمديد من بوابة التأزيم واستثارة المشاريع الصغيرة والضيقة التي تهدد وحدة الوطن وسلمه الاجتماعي.
لم يكن الخطاب الرئاسي مستقبلياً ولا يحمل صفة التوافقية، وإنما كان عنترياً وعنصرياً، حاملاً الكثير من التناقضات، يخفي وراءه توجهاً انقلابياً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والاستحقاقات الديمقراطية، وهذا يدل على أن الاخوان كانوا وراء هذا الخطاب وحمل بصمتهم وتوجههم‮.‬
حقيقةً إن المرحلة الراهنة مرحلة حساسة وبالغة الخطورة ومليئة بعوامل التدمير والفوضى الشاملة، وهي بذلك لا تتطلب مثل هذه الخطابات التحريضية والتأزيمية والمشخصنة للقضايا والناسفة للحالة الوفاقية ، وإنما تتطلب مزيداً من الحكمة والموضوعية، وتوفير المناخات المناسبة لمعالجة القضايا والمشاكل الوطنية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تنقل الجميع الى مرحلة بناء الدولة المؤسسية والدولة الديمقراطية ومرحلة الاصلاحات الاقتصادية والنهوض التنموي على جميع المستويات.. وهذا ما كان يجب أن يدركه الرئيس هادي ويتنبه له حتى لا يقع في فخ التوجهات الارباكية والاجندات الانقلابية التي بدأت بالتعطيل داخل حكومة الوفاق الوطني والمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني وتمرد علي محسن الأحمر على القرارات الرئاسية المتعلقة بهيكلة الجيش فيما يخص الفرقة المنحلة التي لم تنحل ولم تهيكل حتى الآن، فلم يأتِ‮ ‬الخطاب‮ ‬الرئاسي‮ ‬عشية‮ ‬ذكرى‮ ‬الثورة‮ ‬الا‮ ‬امتداداً‮ ‬لهذه‮ ‬المسارات‮ ‬من‮ ‬التعطيل‮ ‬والتوجهات‮ ‬التأزمية‮.‬
طوال عامين من حكومة الوفاق الوطني لم تعمل هذه الحكومة على التأسيس لبنية مؤسسية في المجتمع وداخل أجهزة الدولة، وتهيئ الأرضية لبناء دولة النظام والقانون وتساهم في معالجة الكثير من القضايا الوطنية وإنما عملت منذ البداية على إضافة المزيد من الأزمات والأعباء، لأنها تمترست خلف الاهداف والأجندة الحزبية، وتحول بعض الوزراء التابعين للمشترك وعلى رأسهم رئيس الحكومة الى أتباع وموظفين لدى مراكز قوى اجتماعية وقبلية وعسكرية ومنفذين لأوامرهم وتوجيهاتهم على حساب ترسيخ الحالة الوفاقية، وتنفيذ المبادرة الخليجية وتهيئة المناخ الصحي لمؤتمر الحوار الوطني، وعلى حساب النظام والقانون وهيبة الدولة، الأمر الذي أضاف أعباءً جديدة وأزمات متوالية ولدت من رحم حكومة الوفاق الوطني، بالإضافة الى ما خلفته القرارات الرئاسية غير المتوازنة والمتعلقة بهيكلة الجيش التي صبت في مصلحة طرف بعينه، ومع ذلك‮ ‬لم‮ ‬تنفذ‮ ‬حتى‮ ‬الآن‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬هذا‮ ‬الطرف،‮ ‬بالإضافة‮ ‬الى‮ ‬التوجيهات‮ ‬الرئاسية‮ ‬والحكومية‮ ‬بتجنيد‮ ‬الآلاف‮ ‬بشكل‮ ‬حزبي،‮ ‬لصالح‮ ‬نفس‮ ‬الطرف‮ ‬وهو‮ ‬الاصلاح‮ ‬وقواه‮ ‬المختلفة‮.‬
وبذلك لم ينعقد مؤتمر الحوار الوطني على أرضية صحية وآمنة وإنما على أرضية مفخخة وأجواء مسمومة ومشحونة مليئة بعوامل الفشل والانحراف عن مسار التوافق والتغيير السلمي، الى مسار الصراعات والانقلابات، ومن هنا سادت أجواء المؤتمر حالة من التنافر والتمترس الحزبي، وقاد الى تعثر المؤتمر وعدم التمكن من إنجاز مهامه في موعده المحدد لتأتي المحصلة النهائية لهذا المسار من التعطيل والارباك وعدم الاتزان في القرارات والتوجيهات وعدم التنفيذ للقرارات والمبادرات، هي سعي الاطراف المستفيدة من بقاء الوضع على حاله وفي هذا الملعب، الى التمديد‮ ‬لمرحلة‮ ‬انتقالية‮ ‬ثانية‮ ‬ستجهض‮ ‬حلم‮ ‬اليمنيين‮ ‬في‮ ‬التغيير‮ ‬وبناء‮ ‬الدولة‮ ‬الوطنية‮ ‬الديمقراطية‮.‬
الخطاب الرئاسي وقع في فخ هذه المسارات من التعطيل والتأزيم، وفخ تمييع قضية الحوار الوطني ومخرجاته الوطنية، ناقلاً المرحلة الانتقالية التوافقية قبل أن تنهي مهامها واستحقاقاتها التاريخية الى ملعب التمديد والتحالفات العصبوية.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 07:00 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-34884.htm